تتحوّل الرياضة فى مصر من نشاط ترفيهى إلى قطاع اقتصادى ضخم يمتد أثره إلى البنية التحتية والسياحة والتعليم والتسويق والترفيه وصناعة المحتوى. تجذب الدولة والقطاع الخاص استثمارات ضخمة، بينما تتوسع قاعدة الجماهير والممارسين، ليصبح الاستثمار الرياضى منصة واعدة للنمو الاقتصادى والترويج الدولى. البنية التحتية تنهض تشهد مصر طفرة غير مسبوقة فى البنية التحتية الرياضية منذ عام 2014، مع تطوير عشرات الاستادات وتجديد مئات مراكز الشباب وإنشاء مجمعات أوليمبية حديثة، أبرزها مدينة مصر الدولية للألعاب الأوليمبية بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتى تُعد من الأكبر فى الشرق الأوسط. السوق تشهد نموًا مستمرًا تصل تقديرات حجم سوق الرياضة واللياقة البدنية فى مصر إلى أكثر من 30 مليار جنيه، مع توقعات بارتفاعه نتيجة زيادة المجمعات الرياضية فى المشاريع السكنية الجديدة، وارتفاع وعى الجمهور بالصحة واللياقة. يواكب ذلك نمو الاستثمار فى الملابس والمعدات الرياضية، وسلاسل التوريد المرتبطة بها، ما يعزز الاقتصاد المحلى ويخلق فرصًا وظيفية متنوعة. الاقتصاد الرقمى يتوسع تتوسع الرياضة الرقمية من خلال منصات البث الرياضى، وتطبيقات حجز الملاعب، ومنصات متابعة النتائج وتحليل الأداء، والمحتوى الرياضى على شبكات التواصل الاجتماعى. يخلق هذا المجال فرصًا للشباب ورواد الأعمال، ويسمح بتوسيع قاعدة الاستثمار خارج الإطار التقليدى، ويُدخل الرياضة فى قلب الاقتصاد الرقمى. الدولة تدعم القطاع تعتمد الدولة على دعم البنية التحتية وتنظيم البطولات الدولية، وربط المدن الرياضية بالسياحة والمواصلات والخدمات، ما يعزز مكانة مصر على خريطة الاستثمار الرياضى الإقليمى والدولى. يكشف اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الحكومة وقيادات المنظومة الرياضية حجم التطور بين 2018 و2025، ويشير إلى الفرص الواعدة التى تنتظر القطاع خلال السنوات المقبلة.
الخبراء يوضحون الفرص ويؤكد الدكتور عيد رشاد عبدالقادر، أستاذ الاقتصاد كلية التجارة جامعة عين شمس، أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولًا جوهريًا فى النظرة إلى الرياضة، إذ لم تعد مجرد نشاط اجتماعى أو وسيلة للترفيه وتحسين الصحة العامة، بل أصبحت قطاعًا اقتصاديًا واعدًا يمتلك قدرة متزايدة على جذب الاستثمارات وتحريك قطاعات اقتصادية عديدة، بدءًا من السياحة والخدمات وصولًا إلى الصناعة والإعلام والتسويق. ويضيف «عبدالقادر»: «أن هذا التوجه يعزز الاهتمام الواضح من الدولة بالمنظومة الرياضية والشبابية، إذ أعلنت الحكومة عن دعم مستمر للبنية التحتية الرياضية، وتطوير المدن والمجمعات الرياضية، وتنظيم البطولات الدولية والقارية، بما يعزز مكانة مصر على خريطة الاستثمار الرياضى إقليميًا ودوليًا، وقد جاء الاجتماع الأخير الذى عقده السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع الحكومة وقيادات المنظومة المالية والرياضية، ليكشف عن حجم التطور الذى شهده القطاع بين عامى 2018 و2025، والدور المنتظر أن يلعبه خلال السنوات المقبلة». ويشير أستاذ الاقتصاد، إلى أن أهم ما يميز هذه المرحلة هو ارتفاع شهية القطاع الخاص للدخول بقوة فى الاستثمار الرياضى، سواء فى إنشاء الأندية الخاصة، أو تطوير أنشطة التسويق والرعاية الرياضية، أو إقامة الأكاديميات المتخصصة فى مختلف الألعاب، إضافة إلى التوسع فى صناعة الملابس والمعدات الرياضية، وما يرتبط بها من سلاسل توريد وفرص عمل جديدة. كما يقول «عبدالقادر»: إن استضافة مصر لعدد من البطولات الكبرى فى كرة القدم واليد وغيرها، أسهم فى تنشيط السياحة الرياضية وتعزيز البعد الإعلامى للرياضة المصرية. ومع ارتفاع نسبة الشباب فى هيكل السكان، ووجود جمهور رياضى واسع، فإن السوق المصرية بات بيئة جذابة لتطوير اقتصاد رياضى متكامل». ويوضح «الخبير»، أن التحول الذى تشهده مصر اليوم فى هذا القطاع يعكس رؤية اقتصادية شاملة، ترى فى الرياضة رافدًا للتنمية ومحفزًا لفرص العمل والاستثمار، وفرصة حقيقية لتعزيز القوة الناعمة للدولة، وترسيخ حضورها الإقليمى والدولى. من جانبه، يرى محمد كارم، الخبير السياحى، أن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا نوعيًا فى نظرة الدولة إلى الرياضة، التى لم تعد مجرد نشاط ترفيهى، بل أصبحت قطاعًا اقتصاديًا ضخمًا يمتلك قدرة واضحة على جذب الاستثمارات، وتحريك عجلة التنمية، وخلق فرص عمل جديدة، فضلًا عن دعم قطاعى السياحة والخدمات والصناعات المرتبطة به. ويشدد «كارم»، على أن تحول الرياضة إلى محرك اقتصادى لم يكن وليد المصادفة، بل جاء نتيجة تبنّى الدولة لرؤية استراتيجية واضحة تهدف إلى تحويل الرياضة لصناعة قائمة على استثمارات ضخمة، ورؤية تسويقية متكاملة، وتشجيع القطاع الخاص على ضخ رؤوس الأموال فى الأندية والمنشآت الرياضية، وربط هذه الصناعة بقطاع السياحة من خلال استضافة البطولات الرياضية الدولية. ويلفت «الخبير السياحى»، إلى أن اجتماع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع الحكومة وقيادات المنظومة الرياضية، يمثل إعلانًا رسميًا بأن صناعة الرياضة أصبحت أحد محاور التنمية الاقتصادية فى مصر، مؤكدًا أن الرياضة أصبحت داعمًا مهمًا للسياحة من خلال تعزيز نشاط السياحة الرياضية، واستضافة البطولات العالمية مثل الإسكواش وغيرها من الألعاب، وهو ما يسهم فى رفع نسب إشغال الفنادق وتنشيط حركة الطيران والترويج لمقاصد السياحة المصرية. فيما يوضح الدكتور حسام هزاع، الخبير السياحى، أن الفعاليات الرياضية باتت تمتلك تأثيرًا كبيرًا على تنشيط السياحة فى مصر، إذ تمثل وسيلة مجانية للترويج للمقاصد السياحية، مشيرًا إلى أن استضافة البطولات الدولية يجذب شرائح واسعة من السائحين المهتمين بهذه الرياضات، كما ينعكس إيجابًا على السياحة الداخلية والنقل السياحى، ويوفر المزيد من فرص العمل المرتبطة بالقطاع.