يأتى شهر يناير ليحمل الخير لصناعة تعد من أقدم الصناعات وهى صناعة العسل الأسود تلك الصناعة المكتوبة على جدران العصارات القديمة والتى مر على إنشائها أكثر من 200 عام، والمنتشرة بمراكز المنياالجنوبية وخاصة مركزى ملوى وديرمواس. فتعد محافظة المنيا هى أشهر محافظات صناعة العسل الأسود من قصب السكر، ويعد مركز ملوى تحديدا هو قلعة صناعة العسل بل ومن أكبر وأفضل مراكز تصنيع العسل الأسود المصدر للعالم والمستهلك للسوق المحلية لكثرة زراعته بهذه المنطقة ومراكز جنوب المحافظة عامة، حيث يحتل طبق العسل المنياوى أو الملوانى الوجبة الرئيسية والتى يتناولها السياح القادمين للمناطق الأثرية بالمنيا مع الفطير المشلتت فى استراحات تلك المناطق. وتمتلك المنيا أكثر من 200 عصارة من بين 400 عصارة على مستوى الجمهورية طبقا لبعض إحصائيات وزارة الصناعة، تتركز أغلبها فى محافظتى المنيا وقنا وتنتج حوالى 70 % من العسل الأسود فى مصر إلا أن تلك العصارات تعمل بشكل بدائى وغير مرخصة، وتحتاج للتطوير من أجل زيادة استثماراته، وبما يتناسب مع حجم الطلب الخارجى عليها بما يوفر العملة الصعبة للاقتصاد المصرى. كما تأتى كبرى المصانع وتجار المواد الغذائية المصدرين إلى ملوى كل عام للحصول على العسل المصنع لإعادة تعبئته وتغليفه وبيعه بعلامات تجارية معروفة وخاصة أن العسل المنياوى عسل مكتمل الفائدة لأن أصحاب العصارات يستخدمون عصير القصب بالكامل فى التصنيع، ففدان القصب الواحد ينتج ما بين 70 و 80 قنطار عسل والقنطار حوالى 25 كيلو جراما يحصل عليه التجار من العصارات بأسعار بسيطة، ويتم إعادة طرحه بعد التعبئة وتصديره. وصناعة العسل الأسود صناعة موسمية يعمل فيها العاملين فى العصارات 5 شهور فقط ويمارسون مهن أخرى كالفلاحة أو التجارة لحين بداية موسم جديد وخاصة أن العامل يحصل فيها على أجر أسبوعي، ليكون التطوير هو السبيل الوحيدة لتشغيل تلك العصارات باقى شهور السنة فى صناعات تشبه فى طبخها العسل الأسود مثل صناعة المربات والصلصة أو إقامة صناعات تكميلية مثل صناعة الخشب. وداخل عصارات العسل الأسود بملوى تتناثر روائح طبخ العسل المختلطة بادخنة العصارات التى تسوى العسل والتى توفر العديد من فرص العمل. يقول أحمد سمير صدقى صاحب إحدى عصارات القصب، أنه يحاول تطوير الصناعة لزيادة استثمارته نظرا للاقبال الذى يشهده العسل المنياوى لجودة صناعته مؤكدا أن عصارتهم بدأت العمل منذ عام 1939 وورث هو ووالده العصارة عن أجداده وتعلموا هذه المهنة منهم. موضحا أن بداية العمل بالعصارات يبدأ مع بداية شهر يناير وينتهى موسم عصر وصناعة العسل الأسود بنهاية شهر مايو حيث تبدأ الصناعة بمرحلة جمع محصول قصب السكر ثم دخول القصب على العصارة وهى عبارة عن ماكينة بتروس بدائية الصنع، يتم تحويل القصب إلى عصير ثم ينزل ذلك العصير فى أحواض تلك الأحواض تعمل على تصفيته من الشوائب التى تخرج أثناء مرحلة العصر، لتمر بعد ذلك من داخل ماسورة تحت الأرض تصل بين الأحواض والمطبخ النحاسى يتم طبخه وفى تلك المرحلة يتم فصل العصير على درجات حرارة مختلفة ثم ينزل مرة أخرى على المصافى فى الأحواض المخصصة لذلك.