فى إطار زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الحالية إلى العاصمة الصربية بلجراد، منحت أمس جامعة بلجراد، إحدى أهم المؤسسات التعليمية فى صربيا، درجة الدكتوراه الفخرية إلى الرئيس. قال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن كلاً من رئيس جامعة بلجراد ووزير التعليم والعلوم والتنمية التكنولوجية وأعضاء مجلس الجامعة أعربوا عن الفخر إزاء تشريف الرئيس للجامعة، مؤكدين أن قرار منح الرئيس درجة الدكتوراه الفخرية جاء انطلاقاً من دوره فى قيادة مصر خلال فترة عصيبة من الاضطرابات إلى مرحلة جديدة من التنمية والبناء، وذلك بالإصلاحات الهيكلية العميقة التى أطلقها على المستوى الوطنى فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب المشروعات القومية الكبرى التى بادر بإطلاقها وتشييدها فى شتى قطاعات الدولة، وساهمت بشكل بارز فى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين المصريين وإعادة رسم الخريطة التنموية لمصر. كما أشاد مسئولو الجامعة بجهود الرئيس فى سبيل تطوير التعليم المصري، خاصةً عن طريق تعظيم الإنفاق على التعليم الأساسى، ورفع مستوى التعليم العالى من خلال سلسلة من مشاريع الإصلاح الجوهرية، بما فى ذلك تأسيس عدد من الجامعات التكنولوجية والفنية وتطوير المناهج للتواكب مع أحدث المعايير الدولية ولتتوافق مع احتياجات سوق العمل. وأوضح المتحدث الرسمي، أن مسئولى الجامعة أشاروا كذلك إلى الدور المؤثر والملموس للرئيس فى تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وصربيا وتعظيم قيمتها، لاسيما على المستوى الأكاديمى والثقافي، والتى تأتى امتداداً للعلاقات التاريخية بين البلدين فى إطار حركة عدم الانحياز، فضلاً عن التركيز على البعد الاقتصادى من خلال تشجيع الاستثمارات وتدشين منتدى الأعمال المصرى الصربى ومجلس الأعمال المصرى الصربى المشترك. كما ثمنت الجامعة المساهمة الفاعلة للرئيس فى تعزيز السلام والتعاون على المستويين الإقليمى والدولي، فضلاً عن جهوده الرائدة نحو مكافحة ظاهرتى الإرهاب والهجرة غير الشرعية، إلى جانب الجهود الحثيثة على صعيد مكافحة تغير المناخ، والتى تكللت باستضافة مصر للقمة العالمية للمناخ فى نوفمبر القادم بشرم الشيخ.
علاقات ممتدة
من جانبه؛ أعرب الرئيس عن اعتزازه بهذا التكريم، معتبراً أنه ليس موجهاً لشخصه وإنما للشعب المصرى بأكمله كشريك أساسى فى الإنجازات التى تحققت مؤخراً فى مصر على العديد من الأصعدة، وقد ألقى كلمة بهذه المناسبة، حيث تضمنت التركيز على مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وآفاق تعظيمها، فضلاً عن استعراض محددات السياسة المصرية تجاه أهم القضايا الإقليمية والدولية المعاصرة. وفى كلمته خلال الاحتفال بمنحه الدكتوراه الفخرية، أكد الرئيس السيسي، اعتزاز مصر بالعلاقات التاريخية الممتدة مع صربيا، لاسيما على صعيد حركة عدم الانحياز والتى ساهم الزعماء المؤسسون وغيرهم من القيادات التاريخية الوطنية الملهمة فى تأسيسها بكل ما لها من قيم ومبادئ، مضيفًا: «إن تاريخ العلاقات بين البلدين يشجع على ضرورة استغلال قدراتنا وإمكانياتنا فى تحقيق أهدافنا المشتركة ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية»، كما أعرب عن شكره وامتنانه لمنحه درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بلجراد. وقال، إن جامعة بلجراد أكبر وأقدم جامعة فى صربيا، وترجع نشأتها لأكثر من 200 عام، ويعود الفضل لمساهمتها الفعالة فى نشأة العديد من الجامعات فى صربيا ومنطقة البلقان، لتؤدى دورها المنوط بها فى الارتقاء بالمجتمع عبر مساهمة أساتذتها وطلابها وخريجيها فى تطوير الحياة الثقافية والعلمية والتعليمية والسياسية والاقتصادية لدولة صربيا.
Cop-27
وأضاف، إن مصر تؤكد دائما أن المجتمع الدولى بات يواجه تحديات جديدة وناشئة، إضافة للتحديات التقليدية وعلى رأسها مسألة تغير المناخ وبما يمثل تهديدًا حقيقيًا يواجه المجتمع الدولى ويتطلب تعاون جميع الدول لمراعاة شواغل بعضها البعض، موضحًا: »علينا جميعا أن ندرك أن تغير المناخ والزيادة السكانية العالمية تسرع من وتيرة الأزمة التى أصبحت تهدد العديد من مناطق العالم، ومن منطلق حرص مصر على حشد الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ ستستضيف مصر القمة العالمية للمناخ (كوب- 27) المقرر عقدها فى نوفمبر 2022 بمدينة شرم الشيخ؛ وتهدف مصر لأن تساهم نتائج القمة فى وضع العالم على الطريق الصحيح نحو تحويل التعهدات والوعود إلى تنفيذ فعلى على الأرض سواء فيما يتعلق بجهود خفض الانبعاثات التى لا تزال لا ترقى للمستوى المطلوب، خاصة ما يتعلق بمراجعة وتحديث المساهمات المحددة وطنيًا أو فيما يتعلق بجهود دعم الدول النامية للتكيف مع آثار تغير المناخ أو اتصالا بحجم تمويل المناخ المتاح». وتابع: «تعتبر قضايا المياه والتصحر والجفاف من أهم القضايا الإقليمية والدولية المعاصرة التى تواجه المجتمع الدولي، واتصالا بمدى أثر هذه الظاهرة على قدرات الشعوب ومستقبلها بل وتعثرها على تحقيق طموحاتها نحو تحقيق التنمية المستدامة والرفاهية لشعوبها، فمن المهم التعامل بكل جدية مع هذه الظاهرة من خلال توظيف القدرات الإبداعية لابتكار تقنيات متطورة للاستفادة القصوى من الموارد المائية المتاحة والتصدى لظاهرة تغير المناخ للحيلولة دون توسيع رقعة التصحر والجفاف، حيث لا يخفى ما لهذه الظاهرة من تأثير مباشر ليس على الأوضاع الاقتصادية فحسب بل يتعدى ذلك لنطاق الأمن والاستقرار على المستويين الوطنى والإقليمي».
السد الإثيوبى
وأردف: لابد فى إطار إعلاء مبادئ التعاون وحسن الجوار وفى إطار إدارة العلاقات الدولية مراعاة كل أعضاء المجتمع الدولى لقواعد القانون الدولى الحاكمة لإدارة الموارد المائية المشتركة وفى مقدمتها تجنب إحداث الضرر الجسيم والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة». واستطرد الرئيس: «من هذه المنطلق لقد اتخذت مصر الخيار التفاوضى فى تعاملها مع قضية المياه ولاسيما موضوع السد الإثيوبي، استنادا إلى مجموعة من الثوابت الحاكمة والتى تنم عن رغبتنا فى تنمية العلاقات الثنائية بين مصر وإثيوبيا، والتشاور لمواجهة التحديات التى تواجه القارة الإفريقية وتوسيع أطر التعاون وتكامل الأهداف والسعى لإيجاد رؤية مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا لحل تداعيات بناء سد النهضة، وتؤمن مصر بوحدة الهدف والمصير بين دول حوض النيل خاصة مصر والسودان وإثيوبيا، وذلك على أساس المنفعة المتبادلة وعدم إلحاق الضرر والعمل على تحقيق المصلحة للجميع». وأضاف: «حرصنا فى الوقت ذاته على استمرار دعم مختلف جوانب التنمية فى منطقة حوض النيل وهو ما يستلزم التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية وفى ذات الوقت يحفظ مصالح دولتى المصب مصر والسودان وعدم إلحاق ضرر بحقوقهما المائية.
مصر.. والسلم الدولى
وقال الرئيس إن المجتمع الدولى لا زال يواجه أيضا العديد من التحديات التقليدية، وفى هذا السياق تدعم مصر كل الجهود الرامية لحفظ السلم والأمن الدوليين، ولا سيما فى ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحديات جسيمة على استقرارها وأمنها، ومساعى تقسيم الدول وهدم مؤسساتها الوطنية وإعلاء الولاءات القائمة على أسس طائفية ومذهبية على حساب مفهوم الدولة الوطنية، مضيفا أن مصر طالما طالبت باتباع نهج شامل لمكافحة الارهاب والتصدى له بكل صوره وأشكاله، وتكثيف التعاون الدولى لمكافحته. وأوضح أنه فى إطار دفع جهود الاستقرار فى المنطقة، تدعو مصر لتعزيز الجهود الرامية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل فى ظل ما يكتنف ذلك من مخاطر تهدد بقاء البشرية والسلم والأمن الدوليين، مشيرًا إلى أن مصر تستمر فى دعم القضية الفلسطينية إلى أن تتحقق طموحات الشعب الفلسطينى فى قيام دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وتابع: «كما نواجه قضايانا الإقليمية نسعى أيضا لمعالجة القضايا الدولية، حيث يشهد العالم منذ بداية العام الجارى عواقب استمرار الأزمة الراهنة فى أوكرانيا، منوها بأن ثوابت الموقف المصرى من هذه الأزمة ترتكز على أهمية تناول كافة السبل المؤدية إلى التهدئة والتوصل إلى حل دبلوماسى للنزاع وبذل كل الجهود لتحقيق ذلك وبما يجنب شعوب العالم الآثار السلبية للأزمة. وتوجه الرئيس فى ختام كلمته، بالشكر لرئيس جامعة بلجراد لمنحه درجة الدكتوراه الفخرية ولأعضاء مجلس الجامعة الأجلاء.
الرئيس يضع إكليلاً من الزهور على قبر الجندى المجهول بجبل أفالا فى صربيا وذلك بصحبة وزير الدفاع الصربى