بعد إلغاء دورة العام الماضى جماهيريًا واعتمادها على البث «أون لاين» بسبب ما تعرض له العالم من جائحة فيروس كورونا المستجد انطلقت هذا العام من يوم 11 يونيو الجارى فعاليات مهرجان أيام قرطاج للرقص المعاصر، حيث تحمل أيام قرطاج الكوريغرافية على عاتقها مسئولية الأخذ بيد الكوريغرافيين التونسيين ومرافقتهم فى خطواتهم الأولى لتحقيق الشهرة والانتشار فى الخارج، يسعى المهرجان أن يكون منصة لاحتضان الجيل الجديد من الكوريغرافيين والراقصين التونسيين. جاء ذلك من خلال قسم «الخطوات الأولى»، لم تكتف الدورة الرابعة من أيام قرطاج الكوريغرافية بإتاحة المسارح والقاعات أمام هذه المواهب الصاعدة والطاقات الشابة لعرض مشاريعها الفنية، بل منحتها حظوظ المشاركة فى الورشات التطبيقية واللقاءات المهنية من أجل تطوير معارفها وتنمية قدراتها والتمكن أكثر فأكثر من تقنيات الرقص المعاصر، وفى هذا الإطار قدمت ضمن فعالياته عروض «خروج» لحسام الدين عاشورى تونس، «النقطة العمياء» لمنى بالحاج زكرى وإبراهيم جمعة تونسسوريا، «بونداج» لآمال العوينى (تونس)، «سولو» لرمز صيام (فلسطين)، «حديث إلى أمى» لأغيبو بوغوبالى سانو (بوركينا فاسو) و«نفس جديد» لنسرين بن عربية (تونس)، حضر الجمهور بكثافة وأعداد غفيرة للاستمتاع ببلاغة الجسد الراقص فى القول بلا كلمات, قصص من الحياة والرسم بلغة الحركات والخطوات, أحلام وأمنيات. على جانب آخر وضع المهرجان بعض الأسئلة والمحاور التى حاول الإجابة عنها, منها على سبيل المثال التساؤل حول لماذا يرقص الراقصون، ولمن؟ وهل يتقبل المجتمع التونسى الرقص المعاصر؟ هل كان سفر الكوريغرافيين التونسيين إلى الخارج لاحتراف فن الرقص اختيارًا أم اضطرارًا؟ كلها أسئلة حاولت الدورة الرابعة من أيام قرطاج الكوريغرافية الإجابة عنها، وهى التى تراهن ضمن أهدافها على فتح باب التبادل والتعاون بين الهياكل الدولية والتونسية، كما تسعى إلى تقنين الاعتراف المؤسساتى والدولى بفن الرقص باعتباره ممارسة فنية قائمة بذاتها. حرصت إدراة المهرجان على تنظيم «لقاء مع الكوريغرافيين التونسيين» يومى 12 و13 يونيو 2022 بقاعة الفن الرابع، وذلك بالتعاون مع برنامج «أرشيبال» المدعوم من «مسرح فرانسين فاس» وفريق «الرقص فى كل مكان» فى كيبيك وجمعية «البديل الثقافى» فى تونس، وقد أتاح هذا اللقاء الفرصة لعشرة كوريغرافيين تونسيين من أجل عرض مشاريعهم الفنية أمام حوالى ثلاثين مسئولًا عن البرمجة فى المهرجانات من مختلف دول العالم، ومن بين هؤلاء الكوريغرافيين المشاركين فى اللقاء، الكوريغرافى وائل المرغنى الذى قام فى عرضه «ربوخ» بتوظيف الرقصات الشعبية فى الحفلات العائلية التونسية من أجل قراءة مستقبلية لشكل هذه الاحتفالات فى المستقبل، ويهدف العرض إلى دمج الفولكلور التونسى فى سياق التنمية الاقتصادية والتعريف بهذا الموروث الفنى عالميًا. من جانبها، أشادت الراقصة مريم بوعجاجة بالجهود التى تبذلها أيام قرطاج الكوريغرافية من أجل التعريف بالفنانين التونسيين الذين اختاروا الرقص مهنة ولغة ووسيلة تعبير، واعتبرت أن اللقاء مع المبرمجين العالميين وجهًا لوجه، والتفاعل المباشر فى النقاش حول المشاريع الفنية المقترحة ساهم بقدر كبير فى إطلاع الراقصين التونسيين على كيفية تقديم ملفات مقنعة وجذابة لدى المسئولين عن المهرجانات العالمية.