أكد المستشار أحمد سعيد خليل رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن جرائم الإتجار غير المشروع فى الممتلكات الثقافية والأعمال الفنية، ترتبط بشكل وثيق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرًا إلى أن مصر اتخذت العديد من الإجراءات القوية فى سبيل مكافحة هذا النوع من الجرائم والتصدى لها، باعتبار أنها جرائم تؤدى إلى تدمير التراث الثقافى والإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الإقليمى حول «مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فى التحقيقات المعنية بجرائم الفن والآثار» من داخل المتحف القومى للحضارة، وبحضور وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني، وسفير الاتحاد الأوروبى لدى مصر كريستيان برجر، وبمشاركة رفيعة المستوى من ممثلين عن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وقيادات البنك المركزى والقطاع المصرفى. وشدد المستشار أحمد سعيد خليل على أن التصدى لهذه النوعية من الجرائم، يتطلب تنسيقًا وتعاونًا مكثفًا على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، باعتبار أن جرائم الاتجار غير المشروع فى الممتلكات الثقافية والأعمال الفنية ترتبط بشكل وثيق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث يستخدم المجرمون والإرهابيون طرقًا مستحدثة لغسل متحصلات جرائمهم وكذا جمع الأموال المستخدمة فى العمليات الإرهابية. وأضاف: "مصر تعد دائمًا مطمعًا لارتكاب جرائم التهريب والإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، لذا تدرك الدولة المصرية أن مواجهة مثل تلك الجرائم ليست بالأمر اليسير، وإنما يتطلب التصدى لها التعاون المكثف". وتابع قائلًا: "مع التطور الرقمى الذى يشهده العالم، وتطور الجريمة لتصبح غير محدودة بقيود أو حدود جغرافية، أصبحت عملية مكافحة الجرائم المرتبطة بالممتلكات الثقافية من الموضوعات المهمة والمعقدة على مستوى العالم، ويعزى وجه التعقيد إلى درجة الاحتراف العالية التى يتبعها المجرمون فى تنفيذ مخططاتهم؛ والآليات المتبعة لإخفاء المتحصلات المتولدة عن تلك الجرائم". وأشار إلى أن وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، ومن خلال التنسيق الدائم مع كل الجهات الوطنية، تعمل على متابعة متحصلات تلك الجرائم وتدفقاتها عبر الوطنية، حيث تقوم بجمع وتلقى المعلومات المالية ذات الصلة بحالات الاشتباه المرتبطة بتمويل تلك الجرائم من الجهات المبلغة والجهات المعنية وتقوم بتحليلها وتبادلها. وأكد أن هناك تعاونًا دائمًا بين الوحدة ووحدات التحريات المالية على مستوى العالم، من خلال عضويتها فى مجموعة (إجمونت) لوحدات التحريات المالية، فضلًا عن توقيع مذكرات تفاهم مع الجهات النظيرة من أجل تسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية مع تلك الوحدات. ودعا رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى تعزيز التعاون على المستوى الدولى من خلال الاستناد إلى الصكوك الدولية المنظمة لهذا المجال؛ وعلى رأسها اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وقرارات مجلس الأمن فى مجال حماية التراث الثقافى فى حالات النزاع المسلح، مشددًا على أهمية توافر النية الصادقة لدى الدول التى تعبر من خلالها أو تستقر بها الممتلكات الثقافية والفنية المنهوبة فى مجال الاستجابة لطلبات التعاون بما يسهم فى مكافحة مخاطر انتقال تلك الممتلكات من دولة إلى أخرى وبالتالى صعوبة الوصول إليها. من جانبه، أكد الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، أن الدولة المصرية تضع ملف الآثار والحضارة على رأس أولوياتها فى بناء "الجمهورية الجديدة".. مشيرًا إلى أن ما يتم إنفاقه على ملف الآثار وعمليات الترميم والمشروعات الجديدة، غير مسبوق فى تاريخ مصر. وأشار إلى أن جريمة الإتجار غير المشروع فى الممتلكات الثقافية تعد واحدة من أهم التحديات التى تواجهها مصر، شأنها شأن كل الدول أصحاب الحضارات القديمة. وأضاف أن الأموال المتحصلة عن هذه الجريمة تستخدم فى جريمة غسل الأموال والجرائم المالية الأخرى. وقال إن مصر وقعت على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فضلًا عن الاتفاقيات الثنائية مع عدد كبير من دول العالم، فى مجال حماية واسترداد الآثار المصرية التى خرجت بطرق غير شرعية، مشيرًا إلى أن الدولة استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية استرداد آلاف من القطع الأثرية من مختلف دول العالم. وثمن الدكتور خالد العنانى فى هذا الصدد مستوى التعاون الكبير مع دول الاتحاد الأوروبي، والذى أسفر عن استعادة آثار مصرية من دول إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا والنمسا والدنمارك وقبرص والمملكة المتحدة، إلى جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدد من الدول العربية ودول الشرق الأوسط مثل لبنان والأردن والسعودية والإمارات والكويت، مشددًا على أن الآثار لا ينبغى أن تُباع أو أن توضع فى قصور شخصية وإنما مكانها الطبيعى فى المتاحف لإتاحة الثقافة والتراث لجميع الأجيال والحفاظ عليها للبشرية جمعاء. وأعلن وزير السياحة عن تنظيم مؤتمر دولى فى شهر سبتمبر المقبل، سيكون مخصصًا لحماية التراث الثقافى العالمي، من خلال التأكيد على حزمة من الإجراءات الدولية التى من شأنها عرقلة سلاسل الإتجار غير المشروع وحماية الممتلكات الثقافية. من جهته، أكد سفير الاتحاد الأوروبى فى القاهرة كريستيان برجر، أن آلاف القطع الأثرية يتم سرقتها يوميا، مشيرًا إلى أن هذه القطع التى تتميز ببعد ثقافى وحضارى وتراثى التى يتم سرقتها لا يمكن استبدالها. ولفت إلى أن الصراعات والنزاعات المسلحة حول العالم تمثل أحد أكبر الأسباب المؤدية لسرقة الآثار والإتجار فيها، مستشهدا على صحة هذا الأمر بما شهده العراق وسوريا، مضيفا أنه قام مؤخرا بزيارة متحف بغداد بالعاصمة العراقية للأعمال والقطع الأثرية التى جرى استردادها. وأكد سفير الاتحاد الأوروبى أن متحف الحضارة المصرية هو مكان مثالى لإطلاق سلاسل من المؤتمرات الدولية فى مناطق مختلفة من العالم، والتى تُعنى بالتصدى لسرقة الأعمال الفنية والقطع الأثرية، مشيرًا إلى أن المفوضية الأوروبية تقترح خطة عمل للتشاور والعمل الفعال لمكافحة هذه الجرائم. وأثنى سفير الاتحاد الأوروبى على الجهود التى يبذلها المستشار أحمد سعيد خليل رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فى إقامة المؤتمر، فضلًا عن دعمه للجهود الإقليمية لمواجهة ومكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.