لا زالت أصداء الدعوة التى أطلقها الرئيس السيسى للحوار الوطنى ترج الشارع السياسى، فقد زرعت الدعوة الأمل فى النفوس وراح الكل يستعد ويجهز محاوره بتفاؤل غير معهود حاملين آمال وطموحات الملايين فى غد أفضل. ولا شك أن الدعوة لحوار وطنى تشارك فيه جميع التيارات والأحزاب السياسية تمثل أهمية بالغة للجميع خاصة فى هذا الوقت ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة. لقد حركت دعوة الرئيس المياه الراكدة فى الشارع السياسى الذى شهد هدوءا تاما يصل لحد الجمود خلال السنوات الماضية كما أنها تعد نوعا من الوئام والرضاء العام بين الأطراف السياسية للمجتمع المصرى، وإعادة لضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم وهى إشارة إلى أن الجمهورية الجديدة تستوعب جميع التيارات السياسية مهما كان الخلاف بينها فى وجهات النظر وكما قال الرئيس الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية وهذا يعنى أن الجمهورية الجديدة قادرة على استيعاب الجميع تحت مظلة الوطن وأرى أن من أهم نتائج هذا الحوار تعميق الانتماء بمشاركة الجميع فى القرار عبر التشاور وتجميع الرؤى المختلفة للخروج بأفضل القرارات التى تصب فى صالح الوطن والمواطن. وأرى أن الإصلاح السياسى الشامل لا بد وأن يأتى على رأس أولويات أجندة الحوار الوطنى وبالتبعية ملفى حرية الرأى والتعبير وإعادة الإعلام لدوره المهم فى نقل نبض الشارع لأولى الأمر وكشف السلبيات لعلاجها ولكن فى إطار عدم المساس بالأمن القومى المصرى والحفاظ على تماسك وقوة الدولة المصرية. ولا يمكن أن نتصور حوار وطنى بدون المثقفين والفنانين وأركان القوى الناعمة على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، وعلى الجميع أن يتحلى بالوعى الكامل أثناء طرح الرؤى المختلفة عن طريق الاستعانة بالخبراء والمتخصصين فى جميع الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية والحقوقية حتى يؤتى الحوار الثمار المرجوة منه ولا يتحول إلى مجرد مكلمخانة أو سفسطة يضيع فيها الوقت هباء دون استفادة. وأتمنى أن تكون الأكاديمية الوطنية للتدريب على قدر المسئولية التى كلفت بها وتنجح فى احتواء جميع القوى والتيارات بأسلوب ديمقراطى يليق بمصر تعبر فيه جميع القوى والتيارات السياسية عن رأيها وتعرض وجهة نظرها بكل حرية ودون تحفظات. وفى ظنى أن هناك إرادة سياسية حقيقية لإنجاح هذا الحوار وبدون هذه الإرادة لن نصل إلى الهدف المنشود ولكن المشهد العام يعطينا مزيدا من التفاؤل بأننا مقبلون على مرحلة جديدة تختلف تماما عن المشهد الضبابى طوال السنوات الماضية نتيجة أولويات الحرب على الإرهاب وعملية الإصلاح الاقتصادى ثم مواجهة كورونا، ونجحت الدولة بالفعل فى مواجهة هذه التحديات وها هى الآن تسعى للم شمل جميع القوى والتيارات للتشاور وتبادل الرؤى من أجل النهوض بالوطن ورفع رايته عاليا.. حفظ الله مصرنا من كل سوء.