مرصد الأزهر يناقش مع شباب الجامعات أسباب التطرف وحلوله وعلاقته بالمشاعر    الفريق أسامة عسكر يلتقي رئيس هيئة الأركان بقوة دفاع البحرين    تعليم كفر الشيخ: لا يوجد شكاوى في أول أيام امتحانات الفصل الدراسي الثاني    أوقاف بني سويف تعقد الدورة التأهيلية ل 100 متقدم لمسابقة عمال المساجد    تراجع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم    صادرات أذربيجان من الغاز الطبيعي لبلغاريا تسجل زيادة بنسبة 20% للعام الحالي    لاستقبال الجرحى.. إقامة «خيام» أمام المستشفى الكويتي برفح الفلسطينية    دفاعًا عن إسرائيل.. أعضاء بالكونجرس الأمريكي يهددون مسئولي الجنائية الدولية    التعاون الإسلامي والخارجية الفلسطينية يرحبان بقرار جزر البهاما الاعتراف بدولة فلسطين    الشوط الأول من حسم التأهل للممتاز.. المحلة الأقرب للصعود والحرس للدورة الرباعية    تفاصيل حفل تأبين العامري فاروق بحضور رموز الرياضة المصرية    جونياس: رمضان صبحي أخطأ بالرحيل عن الأهلي    السيطرة على حريق اندلع في أشجار النخيل المجاورة لمحطة وقود موقف الأقاليم بأسوان    ماذا قالت أصالة عن انفصالها عن زوجها فائق حسن؟    عبد الرحيم كمال بعد مشاركته في مهرجان بردية: تشرفت بتكريم الأساتذة الكبار    قصور الثقافة تبحث عن حلول لمشاكل مسرح الأقاليم    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    اكتشاف 32 ألف حالة مصابة ب«الثلاسيميا» بمبادرة فحص المقبلين على الزواج    جامعة عين شمس تبحث التعاون مع ستراسبورج الفرنسية    «شباب القليوبية» تطلق اللقاء الرابع للتوعية بمواجهة الأزمات (صور)    انطلاق الموسم الأول لمسابقة اكتشاف المواهب الفنية لطلاب جامعة القاهرة الدولية    المشدد بين 3 و15 سنوات ل4 متورطين في إلقاء شاب من الطابق السادس بمدينة نصر    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    محافظ الفيوم يشهد فعاليات إطلاق مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    روسيا تشن هجومًا جويًا هائلاً على منظومة الكهرباء الأوكرانية    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    لو معاك 100 ألف جنيه.. اعرف أرخص 5 سيارات مستعملة في مصر    السعودية تكشف عن عقوبات الحج بدون تصريح.. غرامة تصل ل10 آلاف ريال    استمرار تطعيمات طلاب المدارس ضد السحائي والثنائى بالشرقية    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    احذر.. الحبس 7 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه عقوبة التنقيب عن الآثار بالقانون    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشاركون فى فعالية معرض الكتاب عن الجرائم الثقافية: الفكر الإخوانى يرسخ للعنف والقطيعة مع الآخر

من التجارب الجديدة والمختلفة والكاشفة عن قدر كبير من الوعى ما حدث فى هذه الدورة من مؤتمر عن الجرائم الثقافية والفكرية لجماعة الإخوان الإرهابية وشركائها من المتطرفين والتكفيريين من الجماعات الأخرى، هذا المؤتمر الذى كان بالشراكة بين دار سما للنشر والتوزيع وهيئة الكتاب، فقد جاء بمبادرة واقتراح من الناشر الأستاذ محمد عبد المنعم الذى يقدم نموذجا مثاليا للناشر المستشعر للمسئولية ولا يقف مكتوفا أو يدعى الحياد فى هذه الأمور المصيرية مثل كثير من الناشرين الذين قد لا تعنيهم غير الأرباح، والحقيقة أن الناشر المحترم يجب أن يكون بفطرته ضد الرجعية والإرهاب، بل يجب أن يكون معاضدا للدولة فى مواقفها التنويرية ومواقفها فى محاربة الرجعية والتصدى للأفكار الإرهابية والتكفيرية لأن مع الظلام لن يكون هناك أى مجال للقراءة أو الكتابة أو الإبداع بأى صورة من الصور، ولهذا فإن هوية مصر الثقافية والإبداعية يجب أن تكون مسئولية الجميع، ومسئولية كل عاقل يقدر عواقب الأمور ويعرف ما يمكن أن تؤول إليه الحالة إذا ما كان هناك تعاون ضمنى بين النشر والرجعية أو أن يستولى الرجعيون على حركة النشر ويتم إفساح المجال لهم بدعاوى زائفة مثل حرية الفكر أو الإبداع، فهم بالأساس لا يقدمون فكرا، ولا يمكن لعاقل أو مثقف حقيقى أن يعتبر كتب التكفير وكتب الخلافة الإسلامية وكل هذه المشاريع المضللة والخادعة كتب فكر أو وجهات نظر تقابل بالرأي، نعم تقابل بالرأى لدى السذج أو حسنى النية أو المغرر بهم والمخدوعين، أما إذا كان الأمر ممنهجا من بعض دور النشر ويكون مقصودا وله استراتيجية تهدف إلى هيمنة هذا الفكر الراغب فى إزاحة الفكر المدنى والطبيعى والإنساني، فإننا إذا ما اكتمل هذا المخطط الإخوانى الناعم سنجد أنفسنا ضحية لمصادرات هؤلاء الرجعيين وسيفرضون تصوراتهم ومفاهيمهم بشكل كامل، ولن تكون هناك شراكة لهم مع أى فكر آخر من أى نوع، فالعاقل وصاحب التجربة يدرك جيدا أن أفكار هؤلاء الرجعيين الظلاميين أصحاب المشاريع الوهمية لا يمكن أن يقبل الشراكة أو الامتزاج والتلاقح مع أى فكر آخر، فهم بالأساس أحاديون وليس لمشروعهم غير وجه واحد معروف وراسخ، بل إن حتى تعاونهم وشراكتهم مع الجماعات الدينية الأخرى مثل بعض السلفيين وخاصة السلفية الجهادية هو تعاون وشراكة مؤقتة ليس أكثر، هو ارتباط إلى حين يتغلبون، وبعدها يفرضون وجهة نظرهم.

مؤلفات الجماعة الإرهابية

فى ورشة مهنية ضمن هذا المؤتمر عن مؤلفات الجماعة الإرهابية شاركت فيها كانت هناك مشاركات ثرية ومهمة قدم فيها مداخلات مهمة كل من خالد حنفى رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون وهشام النجار الصحفى والباحث بالأهرام والمختص بشئون الجماعات والصحفى والروائى مصطفى عبيد والكاتب والباحث عماد عبد الحافظ، وأدار هذا اللقاء الكاتب والناشر بهاء الحسيني، والحقيقة أنى استفدت منها وأتمنى أن يكون قد تم تغطيها بشكل جيد ونشر مضمونها ومخرجاتها للناس، ولكن خوفا من ضعف التغطية أحاول أن أقوم بهذا الدور هنا، فقد كانت مناقشات الحضور وإضافاتهم مهمة، وقد جاء الحديث أولا عن الأدوار المستمرة لجماعة الإخوان، واستمرارهم فى محاولة اختراق الحياة الثقافية والفكرية ورغبتهم فى التغلغل الاجتماعى وتزييف الهوية المصرية التى يبدو جليا أن بينهم وبينها عداء صريحا، وكأن مصر بكل ما فيها من علم وفن وثقافة قد صارت عدوهم اللدود الذى يقف بقوة فى مواجهتهم، وأن أدوار الجماعة تتنوع وفيها إصرار ويعملون دائما فى الخفاء بقوة، بل إن قوتهم الأساسية فى حالة التخفى أو عدم الوضوح وأن العمل السياسى الواضح يكشفهم ويفضح قدراتهم المحدودة ونواياهم الفاسدة ويفضح أطماعهم غير المدعومة بالموهبة أو الذكاء، ولهذا فإن الوضعية المناسبة لهم هى التخفى أو العمل غير المباشر أو الذى يتأسس على المناورة. وتحدث فى تفاصيل هذا مطولا الكاتب الصحفى خالد حنفى باستفاضة واقتدار فى حدود الوقت المتاح، ثم تحدثت بعده وبشكل طبيعى ودون تنسيق كان هناك اتفاق على هذه النقاط الجوهرية، فوضعية التخفى التى أشار إليها الأستاذ خالد حنفى كانت هى الأكثر مناسبة لما طرحت حول استراتيجياتهم فى الثقافة والإبداع الأدبى من بث رسالة خفية وغير مباشرة، ومحاولة التحصن وراء حرية الإبداع والكتابة الأدبية، وأشرت كذلك إلى استراتيجيتهم لاستغلال الندوات والصالونات والفاعليات الأدبية والثقافية المختلفة من أجل التحلق حول بعضهم وحتى لا يتشتتوا ويكون ضياعهم، فهم يحاولون تنظيم صفوفهم ومحاولة التماسك والانتظام من خلال فاعليات وأدوار غير مباشرة فى شكلها السياسي، وهكذا اتجهوا بقوة إلى تأسيس العديد من الفاعليات والصالونات والتحلق حول كثير من الأسماء المتعاونة معهم أو الأسماء التى يلتبس عليهم الأمر، واعتمدوا كذلك على منح بعض الأدوار للخلايا النائمة أو المنتمين لهم ولو فكريا من غير الظاهرين أو المعروفين اعتمادا على أن هذا كله يأتى فى سياق الثقافة ومناقشة الإبداع الأدبي، وأشرت كذلك إلى أدوارهم فى صياغة وعى أدبى معين وجديد يتناسب مع خطتهم فى ترسيخ الرجعية وملء فراغات متروكة فى الثقافة المصرية وشغلها حتى لا يتم ملؤها من التنويريين أو من أصحاب الدور الحقيقي، وأشرت إلى استغلالهم لشكل معين من الأدب يتمثل فى بعض أوجه الرواية التاريخية التى تمجد فى العثمانيين أو تمجد فى العصور الإسلامية القديمة دون توضيح أو دون إبراز للجوانب الإنسانية بشكل كامل، بل بتركيز على التفوق فى الحروب والغزوات وقد كانت كلها فى المجمل حروبا تقليدية بالسيوف، فيركزون على أبطال من هذه النوعية ويمجدون فى الماضى بشكل مطلق ودون تبرير، بل بظلم وابتسار واختزال للحضارة الإسلامية الماضية فى أن تفوقها تأسس على القوة، فى حين أن هذا غير حقيقى على الإطلاق، لأن الحضارة الإسلامية لها أوجه عديدة وقد كانت متفوقة فى مناح كثيرة وأولها أنها كانت ذات انفتاح على الآخر وتسامح واشتغال كبير بالعلم والمعرفة والترجمة ومنحت الفنون والآداب حريات كبيرة، وأبرز وأقوى العصور الإسلامية هى العصور العباسية وعصور دولة المماليك فى مصر وقد كانت هاتان الإمبراطوريتان أقوى بكثير من الدولة العثمانية التى يمجدها الإخوان ويغالطون فى كتابة التاريخ، وهذا ما أيدنى فيه وأكده بإشارات كثيرة الأستاذ هشام النجار فى كلمته المهمة، التى تحدث فيها عن العثمانيين الجدد وعن إسناد الإخوان كتابة التاريخ لبعض الأسماء المزيفة مثل راغب السرجانى وغيره ممن اختزلوا التاريخ فى رسالة معينة وانتقوا أشياء تخدم رؤيتهم وترسخ فكر العنف والقطيعة مع الآخر وترسخ لكثير من الأفكار التكفيرية ولا ترى التاريخ بشكل إنسانى ومتحضر مثلما حدث فى كتاباتهم وترجمتهم وتفاسيرهم ورؤيتهم للسيرة النبوية، وقد أشار هشام النجار فى كلمته إلى مشروع فى غاية الأهمية عن ضرورة أن يكون هناك جهود مؤسسية للدولة وللمؤسسات التعليمية والفكرية والثقافية، وأن تضطلع بإعادة طرح السيرة النبوية بوجهها الحضارى والإنسانى وتقديم الفكر السليم وهناك دراسات فى هذا الصدد ولكنها جهود فردية، وأشرت أنا كذلك فى كلمتى إلى استغلالهم لحالة الضعف التى يمكن أن تكون فى النقد فهم يستبدلون بالنقد الجمالى والفنى نقدهم هم القائم على الوصاية الدينية ويقوم على التحريم، وينصبون من أنفسهم قضاة يحكمون على الأعمال ويمنحون الثقة لأولاد الجماعة فقط وأنهم يدعمون الأدب غير المصرى بدرجة كبيرة ليس من منطلق إنسانى أو جمالى بل على أساس الانتماء والولاء والأفكار المغذية لمشروعهم، ويمكن بشكل عام القول بأن لديهم تكملة لمشروع الأدب الإسلامى الذى كان اختراعا خاصا بهم ورسخوه وكتب فيه كثيرون من نقادهم أو المنتسبين للأكاديمية من رجالهم الظاهرين والمتخفين، وأنهم يعتمدون على استراتيجية تسخير كافة الأدوات والعوامل المساعدة والإفادة منها حتى وإن لم تكن تعلن الانتماء لهم، فالأهم هو النتيجة والتأثير، والطريف أنهم يصرفون أموالا طائلة لدعم هذا الأدب ولاختراق الحياة الثقافية عبر الندوات والفاعليات أو عبر دور النشر ومنافذ التوزيع الخاصة بهم، وهكذا يبدو وجود الجماعة الإرهابية وقد تمدد فى الحياة الثقافية بشكل غير طبيعى تعويضا عن انحسار حضورهم وأدوارهم المباشرة فى الحياة السياسية، وربما يكون هناك توجيه وراء هذا من المحركين الخارجيين الذين يوجهونهم ويقدمون لهم النصائح والاستشارات فى بعض الدول فى أوربا وأمريكا.
ولهذا ربما يكون من غير الدقيق الاقتصار فى تتبع أفكارهم على الكتب الدينية فقط، بل إن جهودهم فى الأدب والروايات ربما يكون الأكبر والأكثر، وهناك فارق جوهرى فى التأثير أشرت إليه وأكدت عليه بين الطريقة التقليدية فى ترسيخ الأفكار وهى الكتب الدينية وبين الطريقة الجديدة فى استغلال الكتابات الأدبية، وهو أن الخطاب الأدبى يشتغل على الوجدان ولها فإن تأثيره يكون أعمق وغير مباشر ويعمل على مساحات اللاوعى ويمكن أن يصنع تحولا جذريا فى المتلقى دون أن يشعر، فضلا عن أنه واسع الانتشار ويؤثر فى بعضه، فالأدب الرديء أو الموجه يمكن أن يرسخ لتيار واسع وعريض من الرداءة والذوق الفاسد ويمكن أن يصنع قوانين وقواعد جديدة أساسها فساد الذوق وتجرف الإبداع الأدبى من جوهره الإنسانى ومن سمته العام القائم على الشراكة بين البشر ولا يفرق على أساس الدين أو العرق أو يكون له تحزبات وعصبيات، فالأدب يحمل الهوية والخصوصية بشكل طبيعى وعفوى ودون قصد، لكنه يبقى فى جوهره قابلا لأن يجد فيه كل البشر أنفسهم وأن يكون قابلا لتمثيلهم، ولهذا دائما ما يكون الأدب الجيد قابلا للترجمة، أما الأدب الذى يريدون ترسيخه فهو أدب لا إنسانى ويصنع حدودا فاصلة بيننا وبين الآخر وينطلق دائما من الوصاية على الإنسان حتى فى آلامه وحزنه، فبعض الآراء المتشددة تجد أن الإنسان يكون مذنبا إن هو حزن أو بكى أو تملكه الحزن والألم أمام موت أحد أحبابه مثلا، وهكذا تكون معاييرهم بشكل عام بعيدة عن السمت الإنسانى العام، لا يشعرون بالتعاطف ولا يبغون الجمال ولا يقصدون إلى شيء من السعادة والترويح على النفس بأكثر مما يرون فى مشاريعهم الوهمية وأحلامهم المكذوبة.

تجارب داخل الجماعة

وفى مشاركة الباحث عماد عبد الحافظ وشهادته التى أدلى بها فى هذه الورشة حول تجربته داخل الجماعة الإرهابية كانت هناك إشارات مهمة جدا حول طريقتهم فى تربية أتباعهم وتعليمهم أو غرس الأفكار الإرهابية فيهم وصياغة عقلهم والسيطرة عليهم، وأشار إلى عدد من الوسائل والطرق التى يتبعونها كما أشار إلى عدد كبير من الكتب التى يقررونها ويميلون لأن يقرأها هؤلاء الأتباع المخدوعون، وإن كان قد أكد على كونهم لا يميلون للقراءة بشكل عام وأنهم يعتمدون الأساليب العملية فى التربية بدرجة أكبر ويركزون قبل أى شيء على التبعية المطلقة والسمع والطاعة وأن هذه المعايير هى الأهم فى مبررات تصعيد قياداتهم داخل التنظيم، وأنهم يلغون الهوية الفردية للشخص ويركزون على الهوية الجماعية، ويحاصرون التابع أو المنتمى لهم بكافة أشكال الحصار من النواحى الاجتماعية والاقتصادية فيكون الزواج والعمل والتربح والأصدقاء داخل الجماعة، ولا يتركون أتباعهم يتعرضون لأى مؤثرات خارجية يمكن أن تتحكم فيهم أو تنبهم أو تجعلهم يعملون عقولهم، وبدا واضحا لنا ونحن نستمع لعماد عبد الحافظ أنه تحرر منهم حين بحث عن ذاته وقرر أن يقرأ أكثر وأن يعمل عقله هو فى كافة الأسئلة وألا يأخذ كلامهم مسلما به، وقد أشار إلى أن القرب منهم فى تجربة السجن مكنته من أن يرى الصورة بشكل أوضح وبدون تزييف فرأى خدعهم وأكاذيبهم ومشاكلهم الأخلاقية وما يتسمون به من الرياء والخديعة وأنهم فى النهاية أعضاء فى تنظيم يبحثون فى الأساس عن الترقى فى هذا التنظيم والصعود فيه.

أفكار التنظيم

المهم أن هذا المؤتمر الذى تحدد لأول مرة على هامش معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الثالثة والخمسين يمثل تجربة مختلفة وجديدة ومهمة إلى أقصى حد، ودالة على وعى كبير بمخاطر الفكر الإرهابى وكتبه الكثيرة المنتشرة بقوة ومدعومة فى النشر ويدل هذا المؤتمر على أن هناك تركيزا على نوعية ما يتم نشره وتركيز على مخاطر الكتب ومخاطر الكتب والغزو الفكرى أخطر بكثير من الغزو المباشر أو الاعتداء بالسلاح، فهو يمهد لأى نوع من الغزو، والخطير فى كتب الإرهاب أنها بالأساس تتناقض تماما مع الهوية وتفتت الانتماء وتشكل تهديدا لا شك فيه للأمن القومى المصري، ذلك لأن هذا مما تم الاتفاق تماما على كونه من استراتيجيات حروب الجيل الرابع أو الحروب غير التقليدية، التى تسبق فيها الأفكار وتعمل على خلخلة البينة الاجتماعية، وليس من المنطقى أو المقبول أن نرضى بأن يكون معرض القاهرة الدولى للكتاب مجرد سوق للكتب وهو أقدم وأعرق معرض كتاب فى المنطقة ولم يكن فى يوم من الأيام منذ تأسيسه هكذا، أو أن تكون ندواته مجرد فاعليات محلية وإقليمية مغمورة لكتاب ليس لهم أثر حقيقى احتشدوا وفرضوا أنفسهم بقوة الجموع والصوت المرتفع وليس نتيجة للأثر الثقافى الحقيقى أو الفاعلية الثقافية، فلا يعقل أن يكون مفرغا من مضمونه الحقيقى بسبب هذه الندوات الشكلية كما كان يحدث فى السنوات السابقة منذ 25 يناير 2011، والطبيعى هو أن يكون معرض الكتاب ملتقى كبيرا ومحفلا ثقافيا وفكريا عظيما، فأمور بيع الكتب وشرائها ليست هى الأساس ذلك لأن البيع والشراء لا يتوقف طوال العام بل أصبح الآن غير مقصور على البيع التقليدى وأصبح هناك وسائل توزيع جديدة منها الكتاب الإلكترونى والصوتى الذى يتم الحصول عليه عن طريق الوسائط الحديثة، ولذا إن المعرض بالأساس محفل ومنتدى ثقافى ضخم، ويجب أن يكون هذا هو الأساس فى تنظيم الندوات، وهذا المؤتمر مختلف ويجب أن يستمر ويتطور ويكون له رعاة وشركاء كثر، مثل رابطة للناشرين الوطنيين مثلا أو بعض المراكز البحثية الوطنية مثل مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية وربما بعض الأكاديميات، وأن يتم استقطاب مفكرين ومجددين تنويريين كبار من بعض الدول العربية الأخرى وهناك أسماء كبيرة فى العراق والمغرب العربى والخليج كذلك، وأن يحظى هذا المؤتمر فى الدورات القادمة برعاية خاصة وتنظيم أكبر.
2999


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.