تحية وتقدير من القلب لبريد روزا وبعد.. أنا سيدى الفاضل زوجة فى العقد الثالث من العمر حاصلة على مؤهل عالِ، تزوجت منذ 7 سنوات من مهندس بإحدى الشركات الكبرى، إنسان طيب، كريم وعلى خلق، تَعَارُفنا جاء عن طريق شقيقته وهى جارتنا، بعد أن انتقلتْ من محافظتهم الساحلية للعيش مع زوجها جوارنا بإحدى مدن الدلتا، ثم أصبحت صديقتى المقربة، وَصَفَتْ له جمالى وأخلاقى فتقدم لى وتزوجنا، انتقلتُ بعدها للعيش معه بعيدًا عن أهلي. كانت طبيعة عمله هى السفر 10 أيام مقابل 3 أيام إجازة، وأنا كنت على علم بذلك، تحملتُ لأنه إنسان هادئ الطباع وطموح، أجواء الحياة الجديدة فى بيت عائلته كانت غريبة، لا يعيش معنا سوى والده ووالدته بالطابق الأرضى، وشقتنا بالطابق الأول العلوى لا ينقصها شيئًا بل هى تحفة معمارية بأرقى أحياء مدينتهم، حمايَّ منذ أن تزوجتُ كان رجلًا على المعاش بعد انتهاء خدمته كموجه بالتربية والتعليم، وهو من يمثل وجه الغرابة التى أقصدها فى تصرفاته، لك أن تتخيل أستاذ أحمد، أنه ومنذ انتهاء إجازة ابنه الأولى بعد الزواج، وجدته يترك حماتى بشقتها ويُحضر معه كل أغراضه وأدويته ثم يصعد إلى شقتى ليفاجأنى بأنه سيقيم معى خلال سفر زوجى حتى يعود، صدمة كبيرة - زوجة فى بداية زواجها من المفترض أن يكون لها خصوصيتها وأحلامها الوردية، تجد حماها وكأنه زوجها الثانى صاحب المزاج العصبى والأحكام الخانقة والطلبات التى لا تنتهى، قررت الصبر بلا جديد يذكر أو قديم يعاد، يأتى زوجى ينصرف حماىَّ، ينصرف زوجى يأتى حماى.. وهكذا. مرعامان على هذا الحال حتى قررت البوح لزوجى بعد أن رزقنى الله بطفلتى الأولى، شرحت له صعوبة تحمل مشقة خدمة صغيرتى ووالده وضيوفه، فكان يطالبنى بتحمله ويقول إنه يأتينى لاستلام واجبات ضيافة أصدقائه من كبار السن وأنا لا أظهر أمام أحد غريب، كما ترجانى الصبر عليه من أجله، وكنت أفعل، شكوت همى لوالدتى التى اضطرت فى النهاية «لرمى الكلام» كما يقولون على مسامع حماتى، علها تحث زوجها على تغيير نمط حياته اجتماعيا بإخراجى منها، إلا أن الحال بقى كما هو عليه، حتى اتصلتْ شقيقة زوجى ذات يوم وأخبرتنى بأن لديها هدية لنا، وهو بيت معروض للبيع بالقرب منها إذا كنا ننوى الشراء، فرصة ذهبية للعودة لأحضان والدتى ووالدي،، بالفعل لم يُكَذِّب زوجى الخبر واشترى البيت،، قبل انتقالنا عرض على والده ووالدته العيش معنا، لكنهما رفضا بشدة لارتباطهما بمحل إقامتهما وعدم رغبتهما فى تغييره، هنا انتهت تلك المعضلة حتى توفاهما الله منذ عدة شهور مضت، بقيت المشكلة التى لا أستطيع التخلص منها لأنها مزمنة وهى شخصية زوجى نفسه، هو كما أشرتُ من قبل كريم لأبعد حد ومعطاء، لكنه سلبى فى كل شيء بداية من عدم محاولته الانتقال لشركة أخرى تمنحه إجازة أطول بقليل من الحالية، ويقول إن هذا الأمر يتمناه لكنه صعب، مرورًا بهدوئه القريب من حد البرود فى إدارة أمور حياتنا والبحث عن حلول خارج الصندوق، إنسان نمطى متبلد، بدا ذلك لى منذ شكوتى أثناء تواجد والده المستمر بشقتي، ونقل هواجسى إليه، بأنه يبيت عندى لخوفه من سلوكى وعدم ثقته فى أخلاقى عند غياب ابنه بعمله، كان زوجى يضحك حينها قائلا: «يا شيخة إن بعض الظن إثم» ويقضى إجازته الخاطفة ويهرب 10 أيام من مسئولية الأبناء، بعد أن وصل لى الشعور بأننى مجرد قطعة ديكور تزين حياته ولست زوجة من لحم ودم، تركتُ البيت له فى هدوء وذهبتُ لأعيش مع أهلى واصطحبت أبنائى معي، الغريب أنه يتظاهر بعدم معرفة سبب غضبى وطلبى للطلاق، أصبتُ باكتئاب وأعانى من التفكير المستمر فيما مضى من عمرى هباء دون جدوى، ووالدى يحاول إقناعى بالعودة إلا أننى لا أحبذ تلك الخطوة بسبب عدم قناعتى بهذا الرجل.. فماذا أفعل!؟ إمضاء ج. ث عزيزى ه. ب تحية طيبة وبعد... بعد انتقالنا إلى عش الزوجية قد يفرض القدر علينا ظروفًا مختلفة إلى حد ما، أو حتى غريبة بعض الشىء عن المُعاشة فى بيت الأهل، والزوجة تظل مسئولة تمامًا مثل زوجها عن التكيف مع تلك المستجدات كلما كان هذا ممكنًا، لأنها تشاركه كل شيء بحب وإصرار على تخطى كل الصعاب. ومما لا شك فيه أن مبيت حماكِ رحمه الله فى شقة الزوجية واستضافته لأصدقائه من كبار السن فى غياب زوجك كان أمرًا غير شائع، ومن المؤكد أنه غير مستحب أيضًا، تسبب فى ضيقك وعدم راحتك فى مملكتكِ الخاصة، كما أنه لا مبرر على الإطلاق لهذه العادة فى وجود حماتك بنفس البيت. مع كل ما سبق فإن توسل زوجك من أجل تحمل والده واحتواء الموقف، دفعك لنيل شرف المحاولة، وبفضل الله نجحتِ فى ذلك بعد تقدير صعوبة موقف شريك حياتك، وبأنه من غير المقبول أو المعقول طرد أبيه من بيته أو طرح الأمر على أحد أفراد أسرته للفت نظره، ومراعاة كبر سنه، موافقتك على تحمل هذا الوضع حتى قدر الله تغييره يحسب لكِ بلا شك، وهو ما دفع زوجك لمكافأتك بشراء بيت لكما بالمدينة التى تنتمى أنتِ إليها، وتحقيق حلمًا وحدثًا رائعا لم يخطر ببالك يومًا بإعادتك إلى أحضان والديكِ، ربما كانت هذه الخطة هى البديلة التى سعى من خلالها مستترًا وفى هدوء إلى تأمين خروجك من هذا المأزق المؤرق، بفكر مهندس إنسان يراعى الله فى أغلى الناس وهما والده وزوجته، حقق المعادلة الصعبة بشراء بيت مستقل مكافأة لحبيبته، ومن جهة أخرى نال رضا والِدَيهِ اللَّذَينَ رفضا الخروج من بيتهما وباركا اتخاذ ابنهما لهذا القرار عن طيب خاطر، هذا الفكر يحسب له هو الآخر، وهو دليل على قوة شخصيته وقدرته على توفيق أوضاعه واتخاذ القرارات الحكيمة فى التوقيت المناسب، وحرصه الواضح على إرضاء كل الأطراف التى تهمه، لذا لا أرى بأى حال من الأحوال أنه رجل سلبى كما ذكرتِ فى رسالتك، ولا يجب أن تعاقبيه بأثر رجعي، أو تجلديه على وقوفك إلى جانبه وصبرك على ظروفٍ كانت خارجة عن إرادته مثل إقامة والده معكِ.. أوليس كان من الأولى رفضك للزواج من البداية بسبب طبيعة عمله وقلة إجازاتهِ التى وافقتِ عليها بمحض إرادتك، بدلا من اعتبارها الآن أحد أسباب اتهامك له بالسلبية وترك عش الزوجية ستة أشهر، وزيادة الفجوة بينكما!، أخيرا عزيزتى.. أنصحكِ بالعودة إلى بيتك ولَمِّ شمل الأسرة بعدما انتهت الأزمة الأساسية المقيدة لحركتك وهى إقامة حماكِ معك. وأذكركِ بالآية الكريمة من سورة البلد - بسم الله الرحمن الرحيم «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِى كَبَدٍ» صدق الله العظيم، أى فى مشقة وصراع مستمر مع الحياة، والسؤال هنا: لماذا يحرص البعض منَّا على افتعال الأزمات لنفسه ومن حوله كلما منحه الله قسطا من الراحة وأنعم عليه بالاستقرار؟ - هل نحن دائما فى حاجة ماسة لخلق هذا الصراع الاختيارى وجعله أبديًّا منذ وجودنا فى رحم أمهاتنا حتى الموت - بداعِ وبدون!؟، انظرى حولكِ ستجدين الأمثلة كثيرة لأناس تعرفينهم جيدًا من الحامدين الشاكرين الله على افتقادهم نعمًا عديدة بسبب ضيق ذات اليد وقسوة الحياة بوجه عام، لقد مهدوا بصبرهم طريقا ممتعًا من الرضا والقناعة فعاشوا فى سكينة وطمأنينة أغنتهم وكفتهم مر الشكوى وذل السؤال، كونى من بين هؤلاء وانعمى بالحياة رفقة زوج صالح وإنسان ناجح يقدر قيمة وجودك فى حياته كما يجب أن يكون. دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا ج. ث