تتواصل اجتماعات سرية داخل ما يسمي بجماعة الإخوان المسلمين والحزب المفقوس عنها – الحرية والعدالة – يشاركهم في بعضها الأحزاب المفقوسة عما يسمي بالسلف.. وفي البعض الآخر يشاركهم ما يسمي بالذراع السياسية للجماعة الإسلامية.. كلهم مشغولون بأسلوب مواجهة الإعلام المصري.. شكلوا لجنة لما يرون، أنه محاولة تطهير وضبط أداء الصحافة.. وشكلوا لجنة ثانية لمواجهة الفضائيات والقنوات التليفزيونية رسمية أو خاصة.. إضافة إلي لجنة ثالثة للتعامل مع الإعلام الإلكتروني.. المهم أن يتم الانتهاء إلي رؤية موحدة، لتأميم الإعلام وقصف أقلامه مع خرس ألسنة القائمين عليه. اعتقدت احزاب التيار الإسلامي، أن مواجهة الثوار والشباب.. أمر يسهل التعامل معه.. فالجيوش الجرارة من الذين أعلنوا الطاعة العمياء، أكدت قدرتها علي المواجهة عند بناء حائط بشري لحماية البرلمان.. وأفصح عدد منهم بأن محاولتنا لمواجهة الإعلام بصحيفة لحزب الحرية والعدالة مع صحيفة لحزب النور.. فضلا عن قناة ما يسمي بجماعة الإخوان، ومجموعة القنوات التكفيرية لما يسمي بالتيارات السلفية.. قد تأكد أنها وصلت إلي حالة من الفشل الذريع.. فكل تلك القنوات لا تخاطب أو تؤثر، في غير نسبة محدودة جدا من الشعب المصري.. أما الإعلام الرسمي والخاص، فمازال يمتلك القدرة علي تحريك الأحداث وتوجيهها. الاجتماعات مازالت مستمرة.. انتهي القائمون عليها، إلي تحديد ثلاث شرائح لهذا الإعلام المارق: أولا: الإعلام الرسمي وهم يعتقدون أن أمره يسير وسهل.. لذلك رسموا له خطة قصيرة المدي، تتمثل في محاولات استقطاب رموز الانتهازية في هذا الإعلام.. واتفقوا علي الاتصال بأولئك وتقديم وجبة تنصيبهم في مواقع المسئولية.. في مقابل أن يعملوا لأجل تحويل دفة سفينة هذا الإعلام في اتجاه تأييد ما يسمي بالأحزاب الإسلامية.. وشرعوا بالفعل في الاتصال بالبعض، وقدموا لهم الوعود بتوصيل الوجبة التي سيهدونها لهم ساخنة إلي المنازل مجانا.. مقابل أن يقدموا عربونا، متمثلا في مقالات تحمل الدعاء والاتجاه إلي طلب الرحمة من الله سبحانه وتعالي بهذا الوطن.. إذا لم يتمكنوا من مواجهة أعداء تلك التيارات.. وأعربوا للذين اتصلوا بهم عن أنهم يبحثون عن مخلصين، بمعني أن من يقوم بالانقلاب علي نفسه والدفاع بوجه مكشوف عن أحزاب التيار الإسلامي.. سيكون صاحب حظوة وموقع متقدم في قيادة المؤسسات الإعلامية. ثانيا: توجهوا للقائمين علي المؤسسات الإعلامية الخاصة، بما يشبه الترهيب.. شرحوا لهم مشروعهم القادم لتنظيم الإعلام، وأكدوا أن هذا المشروع يمكن أن يسمح لهم بالاستمرار في عملهم إذا استخدموا أسلوب الدعاية الرمادية.. وفي طيات وتفاصيل الشرح.. قالوا لهم: «هاجمونا بما يجعلنا نتمكن من الرد عليكم وسحق أفكاركم وما تطرحونه من آراء.. ولكم ان تمضوا في الهجوم علينا بعنف، شريطة تقديم أصحاب الآراء الضعيفة والمتلعثمين، في مقابل تقديم من يقدرون علي سحقهم.. وبمعني أكثر وضوحا، إذا أشركتمونا في الإعداد يكون أفضل لكم ولنا.. وهنا سنسمح لكم بالاستمرار وفق هذا النهج». ثالثا: تم الاتفاق علي الانصراف عن مخاطبة كل من اتفقوا علي صعوبة إقناعهم أو ترويضهم.. وتم تشكيل لجنة لتحديد الأسماء التي ينطبق عليها هذا التوصيف.. المثير أن تلك الخطوة فجرت أزمة.. فبينهم من يري أن عددهم لا يتجاوز 200 صحفي وإعلامي.. بينما البعض الآخر وصل بالعدد إلي ما يتجاوز الألف.. لذلك قرروا تشكيل لجنة، لتتمكن من تخفيض الرقم من ألف إلي حدود ما بين الثلاثمائة والخمسمائة.. وقالوا إننا لا نستهدف من تلك الخطوة غير الطليعة، وعلينا أن نتحرك في اتجاه مواز، بمحاولة إقناع أو ترهيب القيادات التي تسمح لأولئك بأن يكتبوا أو يطلوا علي الرأي العام عبر الشاشات – الرسمية الخاصة – واتفق الجميع علي أن الإذاعة تمثل سلاحا خطيرا، وأنها من السهل ترويضها وإقناع القائمين علي شبكاتها – ترهيبا وترغيبا – بالامتثال لخططتهم. المهم أن مشروع القانون الخاص بالإعلام، ستتم صياغته وفق تلك الخطط السرية.. واتفقوا علي أنه يجب أن يكون سريعا ومباغتا، قبل أن تفيق نقابة الصحفيين.. وقبل أن تندلع الأزمات داخل التليفزيون الرسمي بكل قنواته مع الإذاعة.. وقبل أن يستفيق من وصفوهم بأصحاب المصالح من ملاك القنوات الفضائية الخاصة، وكذلك الصحف الخاصة.. لذلك قرروا أن تمضي الأغلبية الإسلامية في البرلمان بالمناوشة مع المعارضة.. علي أن يتم طرح القانون الخاص بالإعلام في لحظة مباغتة لإقراره بخفة وسرعة وقوة يصعب علي الرافضين لها مواجهتها. نحن إذن في مواجهة تيارات سياسية – دينية – تعلم أنها تحارب علي عدة جبهات.. هم يعتقدون أن الجبهة الأمامية تتمثل في الإعلام.. أما الخط الخلفي فيقوم علي، مواجهة الثوار في الميادين والشوارع.. أما الجبهة الثالثة فهي تتمثل في المجلس العسكري.. واتفقوا جميعا علي أن المجلس العسكري، يمثل أضعف تلك الحلقات.. واستندوا إلي أن كل محاولاتهم في التفاوض أو المواجهة مع المجلس العسكري انتهت إلي انتصارات جزئية أو ساحقة.. واتفق أطراف الاجتماعات السرية علي أن الرأي العام والشعب هو أضعف أمر مقدور عليه.. وأحدهم قال لقد نجحنا في احتضان الرأي العام، وجعلناه جيشا جرارا خلفنا.. وحققنا بعض النجاحات مع الثوار.. أما عملية التفاوض مع المجلس العسكري فهي تمضي في طريقها الصحيح.. ولا يجب أن ننشغل بالتعامل مع الرأي العام الداخلي أو الدولي.. لأن أولئك لهم مصالح نحن نجيد فن استخدامها وترويضها. ملحوظة: تلك حقائق يبوح بها من أخذته الدهشة إلي حد الذهول، لذلك عندما قدم لي تلك التفاصيل.. كان يبكي مذهولا من تلك العقول الجبارة التي تتكلم عن مصر ومستقبلها.. وكم أذهلني حين قال: «اعتقدت أنهم كانوا يقاتلون لأجل مصلحة الوطن، فاكتشفت أن الوطن عندهم لا يختلف عن الوطن عند حسني مبارك ورموز نظامه»!