هن مجموعة من السيدات والفتيات رفضن أن يكن مجرد رقم فى طابور العابرين بين جدران الحياة، صممن على ترك بصمة نجاح ونقوشا من نور يهدين بها العابرين من بعدهن لتكون رمزا للتاريخ، هن الحكاية وأصلها وأساسها، تم اختيارهن خلال فعاليات المؤتمر الأول لمبادرة صحيح الرسالة التربوية والتعليمية الذى عقد بمركز التعليم المدنى بالجزيرة، ليروين قصصهن بكل فخر وعزة وشموخ. سارة هاشم رئيس المؤتمر ومؤسسة مبادرة صحيح الرسالة التربوية والتعليمية، أوضحت أن المؤتمر جاء تحت شعار «هن نقوش النور فى جدران الحياة هن تاريخ الغد»، وجرى اختيار المشاركات عن طريق لجنة متكاملة استقبلت الحكايات وانتقت أفضلها قبولا فى مجال العمل العام، لمنحها شهادة إقرار بأن حكاياتها تستحق التحدى والتكريم.
جاءت لجنة التحكيم برئاسة د. رمزى سليم ، رئيس مؤسسة دبى الإعلامية ، د. عزة فتحى أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، د. أمانى رجب استشاري نفسى ونائب رئيس مبادرة صحيح الرسالة التربوية والتعليمية ، د. نيفين العيسوى استاذ التسويق بالجامعات العربية والدولية، د. سامية الحريري عميد كلية هندسة الاعلام بمدينة الانتاج الاعلامي، حيث ناقشت اللجنة قصص الملهمات وتجربة كل منهن، ونستعرض فيما يلى قصص بعض منهن.
نسمة يحيى أول فاشونيستا لقصار القامة «حب نفسك تتحب».. شعار رفعته نسمة يحيى «20 عاما» التى كانت تخشى التصوير حتى لا ترى طولها الذى يبلغ 105 سنتيمترات؛ لأنها من قصار القامة، لكنها هزمت كل الأفكار التى تُقيّدها وأنجزت أكثر من جلسة تصوير ونجحت فى أن تصبح وبجدارة أول عارضة أزياء لقصار القامة فى مصر.
واجهت نسمة، التى تعيش فى المنصورة، العديد من الصعوبات فى حياتها بسبب قصر قامتها، بداية من نظرة الناس لها وصعوبة التعامل معهم، والتنمر الذى كانت تتعرض له، مرورا بصعوبة وجود ملابس على مقاسها وخوفها من التصوير بكامل طولها، لكنها لم تستسلم لذلك وطورت من نفسها حتى تكون مميزة، إذ التحقت بكلية التربية قسم إعلام جامعة المنصورة وتفوقت فيها.
لم يقتصر تفوق نسمة دراسياً، لكن تفوقت فنياً وإبداعياً، حيث عملت مسرحية عن التنمر فى إطار الدراسة وكانت البطلة الوحيدة فى المسرحية من ذوى الهمم، فتحدثت عن معاناتهم وعن كل موقف تعرضت له حتى بكى الحضور، وحصلت المسرحية على المركز الأول وعرضت مرة أخرى على مستوى الجامعة كلها.
اتجهت نسمة لتصميم ملابسها بنفسها لأنها كانت تريد أن تكون مميزة وترتدى الموديلات التى تعجبها، ثم اتجهت لمجال عروض الأزياء واستطاعت أن تحقق حلمها فى أن تصبح أول عارضة أزياء لقصار القامة فى مصر، كما أنها تحاول أن تنشر الثقة فى النفس بين أصحاب الهمم؛ لأنهم طالما يعانون من أزمة فى هذا الأمر، ومؤخرا أطلقت «براند خاص» بملابس قصار القامة أطلقت عليه اسم «breeze»؛ ويمثل معنى اسمها باللغة الإنجليزية.
أميرة عصام أول مدربة خراطة فى مصر تعتبر مهنة الخراطة من الحرف الشعبية القديمة، والتى لا يمتهنها سوى الرجال، وارتبطت صناعة الخراطة واللحام بمهنية عالية وفيها تحديات لكل الصعاب، وعلى الرغم من «كلام الناس»، خاصةً أن المجتمع له أعرافه وتقاليده الخاصة، والتى دائمًا ما تقسو على المرأة بشكل خاص، ولكن أميرة عصام، تحدت الصعاب لتصبح أول فتاة مدربة فى مجال الخراطة فى مصر.
وصلت أميرة لتلك المهنة بعدما تخرجت فى الجامعة العمالية، ولم تكتف بذلك بل درست دورات تدريبية فى المجالات الصناعية داخل مجمع خدمة الصناعة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ومن هنا فتح العمل ذراعيه لها، بالإضافة إلى أنها حصلت على منحة دراسية فى معهد الدراسات التقنية والمهنية بسبب تفوقها المهنى الذى قادها إلى الريادة فى المجال الصناعى، وكانت بمثابة نقطة التحول فى حياتها فتأهلت عن طريقها للانضمام لفريق عمل الأكاديمية، ومن هنا أصبحت أول فتاة مصرية تعمل مدربة فى ورشة للخراطة فى مصر، يتدرب على يديها طلبة وطالبات كليات الهندسة.
رنا عادل كابتن فيتنس الإعلامية ومدربة الحديد رنا عادل، صاحبة ال 33 عامًا، كانت تعانى من السمنة المفرطة، التى أثرت سلبًا على صحتها الجسدية، وأشعرتها بقلق فى نومها، حيث بدأت فى زيادة الوزن بالمرحلة الثانوية، إذ بلغ وزنها 70 كيلوجرامًا وقتها، ومع آخر عام دراسى بالمرحلة الجامعية، ازداد وزنها ليصل إلى 95 كيلوجرامًا، فبدأت تشعر بالتعب أكثر، وبعد أن تخرجت وتقاعدت بالبيت، بلغ وزنها فى الزيادة وانحصرت حياتها فى الأكل صباحًا ومساءً بحسب تعبيرها حتى ازداد وزنها ل 124 كيلوجرامًا. مع زيادة وزنها أكثر، تزداد المشاكل الصحية لديها، التى تتمثل فى ثقل بالقطنية والتصاق بالفخذ، بالإضافة إلى الأذى النفسى الذى تواجهه يوميًا من الأصدقاء والأقارب، وكثيراً ما كانت تسمع عبارات التنمر عليها، الأمر الذى أنهك روحها الداخلية وأشعرها بالتمزق مصحوبًا بالدموع، وفى ذات يوم قالت لها إحدى قريباتها: «أنت مش هتخسى عن كده والباب مش هيدخلك»، كما أنها تعرضت للتنمر من قبل خطيبها فقررت الانفصال عنه نهائيًا، وكثيرًا ما كانت تؤذيها الكلمات التى تلقى عليها فى المحال عند شراء الملابس مثل «مقاسك هتلاقيه فى محلات خاصة». شعرت «رنا»، أنها تعيش حياتها فى ظلام داكن، وقررت التغلب على هذه الأزمة، واستخدام نظام غذائى صحى للتقليل من وزنها، وفى البداية ذهبت لأخصائى تغذية لفترة دامت 4 سنوات، وثبت وزنها حتى وصل ل 98 كيلو ونسبة الدهون 40%، لكنه بعد ذلك أخبرها أنها لن تتمكن من تخفيف وزنها أكثر من ذلك، ولكنها أكملت مشوارها بمفردها، وبحثت وحرصت على استماع أخصائيين تغذيين على «يوتيوب»، واتبعت نظاما رياضيا من خلال رفع الأثقال ولياقة بدنية، ونظاما غذائيا صحيا، بالإضافة إلى زيادة الحركة رافعة شعار: «الحركة بركة». وزن رنا حاليا وصل ل 63 كيلو ونسبة دهون 15% بسبب زيادة العضلات المكتسبة من رفع الأثقال، وكتبت تجربتها بكتاب يدعى «كابتن فيتنس»، لمساعدة غيرها ولتعطى لهم أملا فى الغد بفقد الوزن.
مها نور ذراعى خط أحمر
بعد أن اكتشفت د.مها نور، رئيس جمعية سحر الحياة لدعم أبطال السرطان، إصابتها بسرطان الثدي، لم تستسلم وقررت أن تنتصر عليه لتنال لقب بطلة، كما قررت توعية المرضى وتنوير المرأة بالمحاذير التى يجب عليها الابتعاد عنها بعد الإصابة بسرطان الثدى هى وكل من حولها.
هناك مجموعة من المحاذير التى يجب اتخاذها حيال سرطان الثدي، منها أنه ممنوع حمل أشياء ثقيلة وممنوع حقن الذراع بأى شكل لأنه يتم أيضاً استئصال غدد ليمفاوية موجودة تحت الإبط عند استئصال الثدى أو جزء منه، كما يجب تجنب قياس ضغط الدم أو التعرض لأى جروح، على بالرغم من أن هذه الملحوظات قد تكون بسيطة، إلا أن إهمالها أو الاستهتار بها قد يؤدى إلى نتائج كارثية لن تزول آثارها، حتى بعد زوال المرض الخبيث والتعافى منه، حيث يؤدى إلى الإصابة بالاستسقاء الليمفاوى أو تضخّم الذراع بعد السرطان، ومن هنا جاءت فكرة مبادرة «ذراعى خط أحمر» للبطلة مها نور.
المبادرة عبارة عن أسورة مصممة من النحاس ومبطنة بالجلد يتم وضعها فى ذراع المصابات بسرطان الثدي، ومحفورة عليها كلمات متعارف عليها دولياً، وهى اختصار للكلمات: «ممنوع الحقن، ممنوع قياس الضغط، ممنوع أخذ الدم»، ومدونة عليه أيضاً جملة «ذراعى خط أحمر»، وهناك نوع من الأساور مزود بمدخل لبطاقة ذاكرة «ميمورى كارد»، يتم وضع بيانات المريض الصحية كافة عليه لمساعدة الأطباء فى معرفة أبعاد حالته بسهولة.