أنا أرملة فى العقد الرابع من العمر، حاصلة على مؤهل عالى وأعمل موظفة، تزوجت فى سن ال19 وأنجبت ثلاثة أبناء أكبرهم طالب بكلية الهندسة، توفى والدهم منذ 12 عامًا ويعلم الله أننى بعد رحيله عن الدنيا لم أبخل عليهم بشيء، بل رفضت كل عروض الزواج لأتفرغ لهم - تلك النقطة تحديدًا كانت هى مسار الجدل والخلاف بينى وبين أهلى بسبب إلحاحهم علىَّ بالزواج كى أسلم من نظرة المجتمع التى لا ترحم مطلقة أو أرملة، لكننى لم أعير لرأيهم أى اهتمام ومضيت فى حياتى بلا كلل أو ملل أربى أولادى - حتى أدركت يومًا بعد يوم أننى بحاجة لوجود رجل لاعتبارات كثيرة أهمها رعاية أبنائى فى هذا التوقيت بعد بلوغهم سن المراهقة وكثرة مشاكلهم من كل اتجاه سواء خارج المنزل أو داخله مع بعضهم البعض، بجانب تضرر علاقتى بأهلى لإصرارى على عدم الزواج وإحياء مشاعرى كأنثى لها الحق فى العيش برفقة رجل يقدرها ويقف إلى جانبها. الآن سيدى الفاضل ظهر لى إنسان مثالى فى كل شيء هو زميلى بالعمل - على خلق ومتدين لكن لم يكتب له التوفيق فى زواجه الأول لينفصل بالطلاق عن زوجته بعد عام واحد فقط - علما بأنه لا ينجب، طلب يدى للزواج وأنا فى حيرة كبيرة الآن وأكثر من أى وقت مضى بسبب ابنى الكبير طالب الهندسة ومحور مشكلتى التى لجأت إليكم من أجل البحث عن حل لها - لأنه بعد شعوره بميلى للزواج جن جنونه للدرجة التى جعلته يغافلنى ويراقب هاتفى، وعندما اكتشف مراسلاتى النصية العادية مع زميلى وهى عبارة عن استفساره عما إذا كنت فاتحت أبنائى فى الزواج منه أم لا - تحدث معى بطريقة غير لائقة واتهمنى بالخيانة وعاتبنى بقسوة ممزوجة باتهام مستتر أننى على علاقة غير شرعية مع زميلى ما دفعنى لصفعه والبكاء على خيبة أملى فى تربية أبنائى وضياع احترامهم وطاعتهم لى. الآن بعد أن تعقدت علاقتى بابنى وقاطعنى وبدأ يعمل أثناء دراسته ورفض إنفاقى عليه - ونحن فى غنى عن عمله ومشقته من أجل المال، لأن زوجى تركنا مستورين بميراث كبير والحمدلله، ومما زاد الطين بلة أنه يهددنى بحرمانه لى من رؤيته للأبد بالانتحار إذا تزوجت أى رجل بعد أبيه - معللًا تعنته معى بأننى من المفترض تفضيلى تربيتهم على الزواج من البداية ويجب أن أركز على ذلك حفاظًا على مبدئى. بالله عليك ماذا أفعل سيدى الفاضل وأنا أثق فى آرائك!؟. إمضاء س. ث =عزيزتى س. ث تحية طيبة وبعد... أشكرك أولاً على ثقتك الغالية فى بريد روزا، ثم اسمحى لى بتوجيه عتاب بسيط لك على قرار عدم الزواج بعد وفاة زوجك مباشرة، فهذا الإقتراح من قبل أهلك كان فى محله تمامًا لعدة اعتبارات - يأتى على رأسها صغر سنك واحتياجك لرجل يعتنى بك، وربما أجدها فرصة مناسبة من خلال هذا الطرح «ببريد روزا» لإلقاء الضوء على ضرورة تشجيع المطلقة أو الأرملة فى حق الزواج الثانى - إذا وجدت لديها الرغبة كأنثى فى الحصول على حقوقها الحميمية التى تخجل من البوح بها والإعلان عنها لأقرب الأقربين لاسيما الأهل - وحتى فى حالة إذا طالبوها بالتقوقع ودفعوها إلى كبت فطرتها الآدمية بحجة تربية أبنائها وتكملة رسالتها فى الحياة معهم تفضيلاً على متع الدنيا وما فيها. وبكل تأكيد فإن كل ما سبق يرفضه عقلها وتبغضه جوارحها أيضا لكنها تُقنع نفسها أحيانا أو تكمدها قهرًا بهذا القرار الذى يتنافى مع تعاليم الدين وفطرة الحياة - التى تعد الغريزة الجنسية فيها بمثابة «جذور الفطرة التى لا تموت» - بالإضافة لتأثيرها بشكل واضح على المزاج والسلوك العام لأنها مرتبطة بالصحة النفسية أيضا. ورفضك للزواج الثانى عزيزتى والإرتباط برجل لديه ما يكفى من خبرات الحياة التى تؤهله لمعاونتك فى تربية ابناءك خلال فترة طفولتهم وهى أهم فترة تُبنى فيها الشخصية الإنسانية، جعلهم غير مؤهلين لتقبل الأمر الآن وخصوصا ابنك الكبير الذى يعيش فترة ما بعد المراهقة والميل للإستقلالية والإعتماد الذاتى على النفس - فهو يرى الأمور من منظور واحد - يرتكز على رفض تدخل أى شخص فى حياته، كما لا يعنيه زواجك الذى يرفضه عقله الباطن المتأسس على العند والتشبث بالرأى المكتسب من تصرفك وجمودك مع أسرتك، لذا أرى بأن هناك ضرورة مذدوجة الأهمية لعودة المياة إلى مجاريها بينك وبين أهلك إرضاءً لله عز وجل قبل كل شئ ولقدرتهم على إقناع ابنك وأشقاءه بحقك فى الزواج طالما أنه لن يؤثر على حقهم فيك، ولا تحزنى كثيراً بسبب تلك المشكلة مع ابنك لأنها سرعان ما تزول بعد رؤيته لإستتباب الأمور مع الأهل واحتوائهم لثورته التى أججها اندفاع الشباب واهتزاز بعض القيم والثوابت التربوية فى غياب دور الأب منذ الصغر أو من يقوم به - وهو ما يجب العمل عليه من خلال تقريب وجهات النظر بواسطة أخيك أو والدك لأنهم سيتحدثون معه فى أمور يجب أن تصل له من رجل لرجل حتى يستقر إلى ضرورة نيل رضاك وتعويضك عما فاتك بحب وقناعة. دمت سعيدة وموفقة دائما س. ث