أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أهمية مبادرة «إعلان القاهرة» التى تم إعلانها مؤخرا برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وفى حضور رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح، والقائد العام للجيش الوطنى الليبى المشير خليفة حفتر؛ لحل الأزمة الليبية، مشيرا إلى أن «إعلان القاهرة» هو مبادرة مهمة ويضع خارطة طريق متكاملة لتسوية الأزمة الليبية، ويرسم خطوات وآليات تنفيذية للتعامل مع الوضع الليبى بكل جوانبه العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، وبشكل يتسق مع قرارات مجلس الجامعة العربية وقرارات مجلس الأمن ويدعم من عملية تنفيذ كل مخرجات مؤتمر برلين. وشدد «أبوالغيط»، فى حوار أجراه مع الكاتب الصحفى على حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط ، على أن الإعلان عن هذه المبادرة فى التوقيت الذى تم برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، قد أعطى لها زخماً لتشجيع الأطراف الليبية على وقف القتال والانخراط فى العملية السياسية المطلوبة، وهو جهد نثمنه عالياً ومسار ندعمه بالكامل، ورحب به مجلس الجامعة العربية فى اجتماعه الطارئ الأخير ولقى كذلك مساندة عربية وإقليمية ودولية واسعة. وأكد أن لجنة التنسيق العليا للعمل العربى المشترك وافقت بالإجماع على تقديم درع العمل التنموى العربى هذا العام إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية نظرا للجهود والإنجازات التنموية الكبيرة التى يقودها داخل مصر. وقال أبوالغيط: «إن لجنة التنسيق العليا للعمل العربى المشترك وافقت فى دورتها العادية ال(49) التى عقدت برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية عبر تقنية الفيديو كونفرانس على مقترح الأمين العام للجامعة بتقديم درع العمل التنموى العربى هذا العام إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية نظرا للجهود والإنجازات التنموية الكبيرة التى يقودها داخل مصر، علما بأنه سبق وأن تم تقديم هذا الدرع فى العام الماضى إلى الملك عبدالله الثانى ملك المملكة الأردنية الهاشمية». وحول موقف الجامعة العربية من التدخلات الإقليمية والدولية فى ليبيا، أكد «أبوالغيط» أن الجامعة موقفها واضح وثابت على طول الخط، ومنذ البداية، فى رفضها وإدانتها لكل أشكال التدخلات الأجنبية فى الأزمة الليبية. وقال «أبوالغيط»: «ليبيا دولة عربية مهمة، وعضو فاعل فى الجامعة، ولا يمكن أن تقبل الجامعة بأن تكون ليبيا مسرحًا للتدخلات العسكرية الأجنبية أو منفذاً لتحقيق أجندات خارجية أو أطماع إقليمية فى إحدى دولها الأعضاء». وتابع «أبوالغيط»: «كما أننى كنت واضحاً، فى كلمتى أمام الاجتماع الوزارى الطارئ الذى عقده مجلس الجامعة يوم 23 يونيو الماضى بناء على طلب مصر، فى أن الوضع الراهن فى ليبيا أصبح خطيرا جداً، مع التدويل المتزايد المرفوض للأزمة، وتفاقم كل هذه التدخلات المكشوفة فى الصراع، والخروقات المتكررة والمعلنة لحظر السلاح، والاستقدام المنهجى للمرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى ساحات المعارك». وأعرب «أبوالغيط» عن اعتقاده بأن المداولات التى جرت بين وزراء الخارجية العرب كانت فى غاية الوضوح بخصوص كل هذه الأمور، وجاء القرار الذى صدر عن مجلس الجامعة صريحاً فى تجديد رفضه لكل هذه التدخلات وفى مطالبته بسحب كل القوات الأجنبية الموجودة على الأراضى الليبية وداخل المياه الإقليمية الليبية. ليبيا والسيناريو السورى وردا على سؤال عما إذا كانت هناك خطوات سيتم اتخاذها تجاه الموقف فى ليبيا بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير وهل هناك موقف وإرادة عربية لمنع تكرار السيناريو السورى فى ليبيا؟، قال «أبو الغيط»: «لا أحد يرغب فى تكرار السيناريو السورى فى ليبيا، وبالتأكيد هناك التزام عربى مطلق بالحفاظ على سيادة واستقلال الدولة الليبية وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، ولا يمكن للجامعة أن تقبل بتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ بين هذه القوة أو تلك، أو بأن يكون هناك شرخ دائم فى النسيج المجتمعى للشعب الليبى أو بين أطيافه ومكوناته». وأكد أن الجامعة العربية لا يمكن أن تقبل بأن يمثل الوضع فى ليبيا تهديداً لأمن واستقرار دول الجوار العربية المباشرة مصر والجزائر وتونس. وأضاف: «هناك فى حقيقة الأمر إجماع عربى ودولى على أن المخرج من هذه الأزمة يكمن أولاً فى الإيقاف الكامل والفورى والدائم للقتال، ووقف كافة التدخلات العسكرية الأجنبية التى نشهدها، بما يتيح الفرصة ويهيئ الأجواء لاستئناف الحوار بين الأشقاء الليبيين، فى إطار عملية سياسية وطنية خالصة وتحت رعاية الأممالمتحدة، تفضى إلى استكمال المرحلة الانتقالية وتتويجها بعقد انتخابات رئاسية وتشريعية يرتضى الجميع بنتائجها وتفرز سلطات ومؤسسات شرعية وموحدة ودائمة معبرة عن إرادة الشعب الليبى»، مشيرا إلى أن هذا هو المسار الذى تؤيده وتدعمه الجامعة العربية، وتعمل على تحقيقه بما فى ذلك من خلال مساندة الجهد الذى تقوم به بعثة الدعم الأممية فى ليبيا، وعبر مشاركتها النشطة فى آليات متابعة خلاصات مؤتمر برلين. وردا على سؤال حول آليات التنسيق بين الجامعة العربية والأممالمتحدة بشأن الوضع فى ليبيا ولماذا تأخر تعيين مبعوث أممى جديد بعد غسان سلامة؟ وهل هناك نية للاستعانة بمبعوث لكم للتعامل مع الوضع فى ليبيا، قال «أبو الغيط»: «نعمل بشكل وثيق مع الأممالمتحدة فى سبيل التوصل إلى تسوية سياسية متكاملة للأزمة الليبية، ولدينا فى حقيقة الأمر علاقة تعاونية ممتدة وموسعة مع الأممالمتحدة وسكرتيرها العام فى تناولنا لمجمل القضايا والأزمات العربية المدرجة على أجندة العمل الدولية»، مضيفا: «أنه فى حالة ليبيا بالذات فهناك آليات تنسيق متقدمة تجمعنا بالأممالمتحدة، سواء فى إطار المجموعة الرباعية التى تم تشكيلها بين الجامعة والأممالمتحدة ومعهما الاتحادين الأوروبى والإفريقي، أو فى عملنا المشترك مع البعثة الأممية فى ليبيا». وتابع «أبوالغيط»: «الحقيقة كنتُ أعتز كثيراً وأقدر عالياً الدور الذى قام به غسان سلامة خلال فترة عمله ممثلاً خاصاً لسكرتير عام الأممالمتحدة فى ليبيا وحرصه على التعاون مع الجامعة باعتبارها المنظمة الإقليمية المعنية بشكل أصيل بالملف الليبي، وهى علاقة تظل تجمعنا بالسيدة ستيفانى وليامز رئيسة البعثة الأممية بالإنابة والتى نتعاون معها بشكل جيد خاصة وأن الجامعة تترأس حالياً لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين وتتولى الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل السياسية المنبثقة عن هذه اللجنة والتى تسعى إلى تشجيع وتسيير الحوار السياسى بين الليبيين تحت مظلة الأممالمتحدة». وأكد «أبوالغيط» ثقته فى أن السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قادر على أن يختار شخصية تتمتع بالكفاءة المطلوبة التى تؤهلها لإدارة هذا الملف المعقد خلفاً لغسان سلامة وأن هذا المبعوث الأممى الجديد سيكون أيضاً على نفس درجة الحرص والالتزام بالحفاظ على علاقة التعاون المتميزة مع الجامعة العربية، مشيرا إلى أن هناك مشاورات مكثفة يجريها السكرتير العام مع أعضاء مجلس الأمن ودول الجوار وأطراف عملية برلين الفاعلة للاستقرار على المرشح الذى يمكن تعيينه لشغل هذا المنصب، ونأمل فى أن يتم تسميته فى أقرب فرصة. وبالنسبة لتعيين مبعوث جديد للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا، قال أبو الغيط: «إن هذا أمر مطروح بطبيعة الحال وكان هناك مبعوثين سابقين ومن الممكن أن أختار مبعوثاً جديداً إذا رأيت أن هذا الأمر سيساعد الجامعة ويساعدنى فى التعامل مع الأزمة بجدية وفعالية». التدخلات التركية وردا على سؤال حول موقف الجامعة العربية من الأطماع التركية فى الثروات العربية من خلال تدخلها فى سورياوالعراق وليبيا، أكد «أبوالغيط» أن موقف الجامعة واضح وثابت، وسبق أن عبر عنه مجلس الجامعة العربية فى قراراته المتعددة التى ترفض وتدين هذه التدخلات التركية غير المشروعة فى الشئون الداخلية للدول العربية، وتحديداً فى العراقوسوريا وليبيا، محذرا من أن تصرفات «أنقرة» هذه تمس وتستهدف الأمن القومى العربى ككل ولا يمكن للجامعة أن تقبل به مثلما ترفض أى تدخل إقليمى يهدد أمن وسلامة واستقرار الدول العربية. القضية الفلسطينية وردا على سؤال حول الخطط والممارسات الإسرائيلية التصعيدية الأخيرة فى الأراضى الفلسطينية بالإعلان عن عزم إسرائيل ضم أراض فلسطينية محتلة فى الضفة الغربية، قال «أبوالغيط»: «هناك خطة إسرائيلية واضحة تهدف إلى شرعنة احتلالها للأراضى الفلسطينية أمام المجتمع الدولي، والإسرائيليون، مهما كانت لديهم القوة، يشعرون بأن وجودهم غير قانونى وغير شرعي، وهم يسعون من خلال ما يسمونه (خطة الضم) إلى اسباغ نوع من الشرعية الزائفة على احتلالهم المستمر للأراضى الفلسطينية منذ 1967». وتابع «أبوالغيط»: «وللأسف فإنهم يستندون إلى ما يُسمى ب(خطة السلام الأمريكية) التى أُعلنت قبل عدة شهور، وصادفت رفضاً فلسطينياً قاطعاً، والآن تسعى إسرائيل لتنفيذ الجزء الذى يهمها من هذه الخطة، أى إعلان سيادتها على أجزاء مهمة من الضفة الغربية». وأكد أن العالم كله، وليس الفلسطينيين أو العرب وحدهم، رفضوا الخطة الإسرائيلية المزمعة، ليس فقط لأنها تؤجج الاضطراب وتفتح الباب أمام المزيد من عدم الاستقرار فى المنطقة، ولكن أيضاً لأن الخطوة الإسرائيلية تضرب مبدأ الشرعية الدولية فى مقتل، مضيفا: «وإذا حدث ومرت دون عواقب، فإن أى شىء يُمكن أن يمر وفقاً لمنطق القوة وفرض الأمر الواقع».