أجمع عدد من المسئولين وخبراء الاقتصاد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ستكون بمثابة شراع سفينة الاقتصاد الذى يدفعها إلى الانطلاق بقوة بمرحلة ما بعد كورونا، لافتين إلى أن الحكومة تقوم بتنفيذ خطة متكاملة على كافة المستويات التمويلية والتشريعية والتنظيمية لدعم المشروعات الصغيرة خلال المرحلة المقبلة لاسيما وأنها إحدى نقاط الارتكاز فى استراتيجية 2030. قالت د.هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن بيانات التعداد الاقتصادى تؤكد الأهمية الكبيرة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الاقتصاد المصرى، حيث بلغ عدد المنشآت فى هذا القطاع 1.7 مليون منشأة تمثل 44.6% من إجمالى المنشآت فى القطاع الخاص الرسمي، بلغ عدد المشتغلين 5.8 مليون مشتغل بنسبة 43.1% من إجمالى المشتغلين فى القطاع الخاص الرسمى. وأكدت السعيد خلال ندوة عن دور المشروعات الصغيرة لمرحلة ما بعد كورون، أن الدولة تعمل على تشجيع كافة البرامج والمبادرات الداعمة لجهود تنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال التوسع فى إقامة المجمعات الصناعية (كثيفة العمالة) مثل مدينة دمياط للأثاث ومدينة الروبيكى للجلود ومنطقة مرغم للصناعات البلاستيكية، وفى هذا الإطار جهزت الحكومة 4500 وحدة صناعية مرفقة، منها 750 وحدة صناعية فى العاشر من رمضان، ومرغم، والبحر الأحمر. ولفتت السعيد إلى إطلاق وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية مشروع رواد 2030 بهدف دعم بناء قدرات الشباب وتنمية مهاراتهم لتمكينهم من تحويل أفكارهم إلى مشاريع على أرض الواقع والاستفادة من طاقاتهم للمساهمة فى دعم النمو الاقتصادى، وخلق فرص عمل لهم وللآخرين. وتابعت السعيد ::إن إنجازات مشروع رواد 2030 تضمنت إنشاء 9 حاضنات أعمال ومنها حاضنات متميزة فى مجال الذكاء الاصطناعى والسياحة بالإضافة الى حاضنة مصرية أفريقية، واحتضان عدد 19 مشروعًا فى حاضنة السياحة (مشرق)، وإنشاء مرصد لريادة الأعمال (رواد ميتر)، بحيث يكون قاعدة بيانات قومية محدثة بشكل مستمر تقدم تقارير ربع سنوية عن آخر أعمال كل الحاضنات فى مصر لرواد الأعمال ومتخذى القرار. وفيما يتعلق بالجانب التشريعى، أوضحت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن الفترة الأخيرة شهدت تكثيف الإجراءات الداعمة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر خصوصاً فى ظل تداعيات أزمة كورونا وشملت الإجراءات اعتماد مجلس النواب قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، الذى يتضمن محوراً كاملاً عن القطاع غير الرسمى ووسائل جذبه للقطاع الرسمى. وأشارت السعيد إلى المحاور الرئيسة لهذا القانون والتى تضمنت، تيسير إتاحة التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وتقديم العديد من الحوافز المباشرة وغير المباشرة لهذه المشروعات، إضافة إلى تقديم حوافز لتشجيع الابتكار والتى تشمل إعفاء مشروعات ريادة الأعمال من رسوم تسجيل براءات الاختراع ونماذج المنفعة والمخططات والتصميمات، فضلًا عن تقديم المساعدة الفنية والمالية لتسجيل براءات الاختراع. ذلك بالإضافة الى اعتماد مشروع القانون حيث أقرت الحكومة صرف المساندة التصديرية للشركات الصغيرة دون انتظار ورود شهادة سداد هذه الشركات للضرائب، وإعفاء عملاء التمويل متناهى الصغر المنتظمين من عمولة السداد المعجل للمديونيات القائمة لعملاء أو تخفيض المصاريف الإدارية لتجديد التمويلات القائمة. وشاركت د.هالة السعيد، كمتحدث رئيسى فى ندوة عبر تقنية الفيديو كونفرانس، نظمها المجلس الدولى للمشروعات الصغيرة، تحت عنوان «مستقبل ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر .. مرحلة ما بعد كورونا». وشارك فى الندوة مجموعة متميزة من الخبراء والمتحدثين وهم: د.أحمد شلبى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب، شركة تطوير مصر، أمل دخان، الرئيس التنفيذى، الشبكة العالمية لريادة الأعمال، السعودية، حسين المحمودى، الرئيس التنفيذى، مجمع الشارقة للأبحاث والتكنولوجيا والابتكار الإمارات، د. سمر باقر، الأستاذه بكلية إدارة الأعمال، جامعة الكويت، أش روفايل، مؤسس وشريك، فيف كابيتال، الولاياتالمتحدةالأمريكية، سناء أبو زيد، مدير بمؤسسة التمويل الدولية، مجموعة البنك الدولى وأدار الجلسة المهندس أحمد عثمان، رئيس المجلس الدولى للمشروعات الصغيرة (ICSB). وأشارت د.هالة السعيد الى أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يُعد أحد القطاعات المتضررة من أزمة فيروس كورونا، مشيرة إلى أنه بالرغم من عدم المعرفة بالتأثيرات الكاملة لهذه الأزمة على الاقتصاد العالمى وتداعياتها على القطاعات المختلفة نظرًا لحالة عدم اليقين غير المسبوقة، إلا أن هناك شبه اتفاق من قبل أغلب المؤسسات أن هذه الازمة هى الأشد، وأنها ستكون عميقة وطويلة الأمد، وممتدة على نطاق لم نشهده منذ الكساد العظيم. وأكدت السعيد أن هناك العديد من التحديات التى تواجه الشركات الناشئة ورجال الأعمال بسبب انتشار فيروس COVID-19 ، تأتى أبرز تلك التحديات فى صدمة جانب العرض، إذ تواجه الشركات انخفاضًا فى المعروض من العمالة، نظرًا لظروف بعض العمال الصحية أو الحاجة إلى رعاية الأطفال أثناء إغلاق المدارس وتقييد حركة الأشخاص. وفيما يتعلق بالإجراءات التى أجرتها الحكومة المصرية الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، أوضحت السعيد أن هذا القطاع يحظى بأولوية واهتمام خاص من الحكومة المصرية لدوره المهم فى خلق فرص العمل اللائق والمنتج، مشيرة إلى أنه أحد المفاهيم والمستهدفات الرئيسية لرؤية مصر 2030، كما تعوّل الدولة على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كأحد الآليات الفعالة لاستدامة النمو المتحقق فى السنوات الأخيرة. وتابعت السعيد: إنه فى إطار حرص الدولة على توفير البيانات اللازمة لتنمية هذا القطاع، وكذلك توفير البيانات عن القطاع غير الرسمى سعيًا لتحفيز دمجه فى القطاع الرسمى، أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى شهر مارس الماضى التعداد الاقتصادى والذى يعد التعداد الأول الذى يتم فى مصر بالنظام الإلكترونى، ويهدف إلى توفير بيانات تفصيلية عن المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. ومن جانبه أشار السيد حسين المحمودى، الرئيس التنفيذى لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار إلى أنه حتى قبل ظهور الجائحة وتفشّيها، كانت حلبة المنافسة مشتعلة دائماً فى قطاع الصناعات المتقدمة الذى يعد مقوماً أساسياً لرفاهية كل دولة وأمنها الاقتصادى، مؤكداً أنه فى ظلّ الظروف الراهنة، وبسبب التحديات التى تفرضها هذه الجائحة العالمية، يجب اتباع نهج رائد للابتكار فى المنطقة، بحيث تجتمع فيه عوامل المعرفة والبحث والتطوير التجارى للإسهام فى استدامة التقنيات الحديثة بطرق مبتكرة. وأكد المحمودى، أن مصر لها دور رائد فى مجال ريادة الأعمال ودعمه من خلال حزمة من الخطوات التى مهدت الطريق لنشر تلك الثقافة فى العالم العربى، مشيرًا إلى أن مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار سيتعاون قريبًا لدعم فكر ريادة الأعمال مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وقالت سناء أبو زيد، مدير بمؤسسة التمويل الدولية، عضو مجموعة البنك الدولى، أحد المشاركين فى فعاليات الندوة، إن التحدى الأكبر الذى تواجهه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاليًا هى البطالة التى تصل إلى معدلات مرتفعة بالمنطقة. وأضافت أن هذا المعدل يوجد بصفة حصرية فى فئة الشباب، وحسب دراسة سابقة لمؤسسة التمويل الدولية تكلف معدلات البطالة المنطقة أكثر من 40 مليار دولار سنويا. وأشارت أنه فى ضوء تفشى وباء كورونا سيتفاقم الوضع أكثر، مؤكدةً أن السبيل الوحيد هو تعزيز القطاع الخاص. وتابعت :إن الشركات المتوسطة والصغيرة تعد مساهما رئيسيا فى رفع الناتج الرئيسى فى الدول النامية والمتقدمة وتوفير فرص عمل. ولفتت أبو زيد إلى أنه حتى قبل أزمة كوفيد 19 كانت الشركات الصغيرة والمتوسطة تعانى من ضعف الحصول على التمويل، وحسب دراسات سابقة لمجموعة البنك الدولى تبلغ نسب فجوة التمويل فى الدول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 88%. وأكدت أن وباء كوفيد- 19 سيؤدى لتفاقم الوضع أكثر مما هو عليه وستعانى الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر لعدة عناصر تتمثل فى انخفاض الإيرادات الخاصة بها فى ظل بقاء الأشخاص بمنازلهم مما يؤدى لانخفاض الطلب على منتجات تلك المؤسسات بجانب استمرارها فى دفع التكاليف وصعوبة العثور على تمويل لضمان استدامتها.