الأمل كبير بعد تحقيق ثورة 25 يناير 2011 أهدافها! وبعد أن أقرت الهيئة لعليا للقوات المسلحة – المنوط بها إدارة شئون البلاد حتى اليوم، بأن يوم 25 يناير هو عيد رسمى وطنى للدولة أسوة بعيد ثورة يوليو فى 23 يوليو، وبعد أن يجتمع شمل المجالس النيابية المنتخبة فى اجتماعها الأول عقب انتخابات مجلس الشورى المقرر إجراؤها فى فبراير المقبل. وبعد أن نستطيع انتخاب رئيس للجمهورية من المرشحين المتقدمين لتولى هذا المنصب الرفيع، وبعد أن يوفقنا الله فى الاتفاق على صيغة معاصرة ومناسبة وتوافقية لوضع عقد اجتماعى جديد (الدستور)! بعد نجاحنا بمشيئة الله فى أن نتخطى تلك الصعاب بجرأة ، وبقدرة فائقة ،كما تم فى انتخابات مجلس الشعب، التى انتهت وسوف يعقد المجلس النيابى جلسته الإجرائية الأولى يوم 23 يناير المقبل، أى قبل عيد الثورة الثانية بيومين، نرجو من الله ذلك! يجب أن نهتم كمصريين من كل صوبِ وحدب، من كل المشارب والطوائف، بما فى ذلك مؤسسات الدولة الجديدة (المنتخبة)، والمؤسسات العلمية والتعليمية وأيضاً المؤسسات الأهلية والمدنية وغير الحكومية، مطلوب من الجميع أن يعقدوا العزم على قيام الدولة وإدارة عجلة الإنتاج والاهتمام بأبسط الأمور قبل أصعبها! ولعل من الواجب أن يقدم كل صاحب خبرة أو معرفة فِكُره قبل جهده، وماله لدفع البلاد إلى العودة فى تراك التقدم والإزدهار! ولعل ما يثيرنى اليوم هو أننا نمتلك فى مجال الحرف الشعبية تاريخًا طويلاً، حيث مصر تعتبر قلعة من قلاع الإنتاج فى هذا المجال، وأشهر منتجاتها من المنسوجات والسجاد المعقود والكليم والحصير والزجاج المعشق بالرصاص والفخار، والخزف والحديد المشغول (فورفورجيه) والنحت الخشبى والجصى والطين المحروق والرخام والجرانيت، وتعددت الحرف الشعبية المصرية من صناعات الخيام والجلود والعطور والأوانى النحاسية وغيرها، ولعل أحياء فى القاهرة القديمة قد إستمدت أسماءها من نشاطها الحرفى مثل «الخيامية» و«اليكنية» و«سوق السلاح» و«الفحامين» و«المغربلين» و«الداودية» و»تحت الربع» و»خان الخليلى» تلك المنطقة الشعبية (القاهرة الفاطمية) قَسَّمتْ شارع المعز لدين الله الفاطمى، والذى يبدأ من تقاطعه مع شارع محمد على (بالقلعة) حتى تقاطعه مع شارع الأزهر وشارع الموسكى «بسيدنا الحسين» وينتهى فى «الجمالية» و«بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية»، تلك الأسماء الخالدة فى الذاكرة الثقافية المصرية، بعد أن سطر فيها كاتبنا الخالد الراحل المرحوم «نجيب محفوظ» ثلاثيته الرائعة، وأخرجها لنا فى منتصف خمسينيات القرن الماضى وبالتحديد عام 1957، وكان إهتمام الدولة بهذه الحرف، وهذه المناطق الشعبية قد تجلى فى عصر تولى الدكتور «ثروت عكاشة «شئون وزارة الثقافة، فأنشأت الدولة المعاهد والمتاحف وضمتها إلى أكاديمية علمية للفنون، إلا أن إندثار وإنحدار شديدين أصابا هذه المؤسسات إصابة بالغة، ضمن منظومة التدهور والإنحدار الذى أصاب كل مؤسسات المجتمع ،وأهمها المؤسسات التعليمية، سواء كانت جامعية أو ما قبلها وكذلك مؤسسات البحث العلمى، وعلينا ضمن الأجندة التى يجب أن نهتم بها بعد أن ننتهى من الإجراءات التى للأسف الشديد قد سرقت من عمر الأمة أكثر من عام بعد قيام ثورة التصحيح فى 25 يناير، علينا أن نعمل بالتوازى فى جميع مناحى الحياة سياسياً وإقتصادياً وثقافياً وعلمياً واجتماعياً، كل تلك المهام أمام المصريون جميعاً، ليس حكومة أغلبية أو برلمان متعدد المشارب والاتجاهات أو أحزاب سياسية وائتلافات متعددة الأسماء، بل أمام كل المصريين دون النظر للخلف ودون تصنيف، فالمهمة صعبة للغاية، ولكن مصلحة الوطن العليا يجب أن تعلو كل الشعارات واللافتات، فلنترك الهزر ونتجه للجد والفخار!