اشتعلت حرب خافية بين التيارات الإسلامية مع بدء المرحلة الثانية من الانتخابات لتنهي حالة الوفاق المعلن بينهم وتبدأ مرحلة تضارب المصالح والانتهازية السياسية بين حزبي الحرية والعدالة الاخواني والنور السلفي ويتبادل القادة والمرشحون التصريحات الساخنة ويكون الخاسر هو المواطن البسيط الذي أصبح ضحية تلك الحروب السياسية. بالرغم من محاولة ظهور التيار الإسلام في كينونة الصف الواحد في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية في مواجهة التيار الليبرالي إلا أن المرحلة الثانية أظهرت انشقاقاً في صفوف الإسلاميين أدت لبوادر انتهاء شهر العسل بين الإخوان والسلفيين مستغلا كل طرف أخطاء الآخر لمحاولة الصعود علي حسابه في المحافظات التي يسيطر عليها التيار الإسلامي بشدة لذلك استطلعنا رأي محللي الحركات الإسلامية حول الصراع الخفي الدائر بينهم. في البداية اتهم د.يسري حماد المتحدث باسم حزب «النور» حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بتشويه صورة مرشحي حزب «النور» خلال المرحلة الأولي من انتخابات مجلس الشعب مشيرا إلي أنه كان يتمني التنسيق علي المقاعد الفردية ولكن تم تجاهلها من جانب حزب الحرية والعدالة بل حاولوا تصدير مشاكلهم لحزب «النور» بعد مهاجمتهم من قبل الأطياف السياسية. ونفي حماد الاتهامات التي يروجها حزب «الحرية والعدالة» ضدهم بترشيح فلول الوطني علي قوائمهم مشيرا إلي أن حزب النور بحث في السيرة الذاتية لكل مرشحيه في مختلف المحافظات خاصة مرشح حزب «النور» بمحافظة السويس الشيخ عبدالخالق محمد عبدالخالق والذي يترأس القائمة وأنه لا صلة له بالحزب الوطني، وأضاف حماد: أقول لحزب «الحرية والعدالة»: اتقوا الله ولا تشوهوا صورة مرشحي حزب «النور» ولا تسيئوا لنا فنحن وقفنا بجواركم في المرحلة الأولي والنتائج التي وصلتم لها كانت بفضل مساعدة الحزب لكم، خاصة بعد تنازل عدد من مرشحينا لصالح «الحرية والعدالة». في المقابل أصدر بيان حزب «الحرية والعدالة» بياناً أدان فيه قيام السلفيين باستغلال الدين ودور العبادة في الترويج لمرشحي الحزب وترويج إشاعات ضد المنافسين كما اتهم حزب الإخوان حزب «النور» باستغلال صور لرموز وشخصيات دينية مثل الشيخ محمد حسان كوسيلة من وسائل الدعاية علي الرغم ن أنهم تبرأوا من كل هذه الدعاية. وأشار صلاح الدين حسن باحث متخصص في الحركات الإسلامية إلي أن الإخوان لديهم قدر من المرونة العالية والانتهازية السياسية حيث استفادوا من أخطاء السلفيين في المرحلة الأولي من الانتخابات، خاصة تصريحاتهم المتشددة حتي يكونوا في خط الوسط بين التيارات الليبرالية والسلفية المتشددة وهذا متوقع منهم في المرحلة الثانية وكذلك السلفيون حاولوا التقليل من تصريحات رموزهم المتشددة مثل بروهامي عبدالمنعم الشحات لما لها من تأثير سلبي. وأشار صلاح الدين إلي أن السلفيين يمثلون الآن «شوكة في حلق» الإخوان لذلك يشعرون بقلق شديد في المرحلة الثانية حتي يظهروا أنهم التيار الإسلامي الوسطي الوحيد لما لهم من المرونة واستعداد لقبول أي وثيقة فضلا عن أنهم لديهم فقه الأولويات أكثر من السلفيين. وأضاف لذلك فالسلفيون يسعون إلي تصدير بعض الشخصيات ذات مرونة عالية مثل: «نادر بكار، ود.يسري حماد» من خلال توسيع قاعدة «المصالح المرسلة» لكسر حواجز المنافسة والأفكار السلفية المتشددة وإعطائها غطاء شرعياً مناسباً لمواجهة تحدي الإخوان. أوضح كمال حبيب خبير في شئون الجماعات الإسلامية أن التيارات الإسلامية تسعي في المرحلة الثانية إلي التكيف وتبديد مخاوف الإسلاميين ليطمئنوا الأقباط والأجانب حيث استغل الإخوان بطريقتهم الخاصة الهجوم الموجه إليهم في قطاع السياحة من خلال إقامة مسيرات أمام الأهرامات وفي حضور مرشدين سياحيين وأجانب وكذلك التعاون مع قناة التركية العربية في حملة لترويج السياحة في مصر لتبديد تلك المخاوف خاصة مع تواجد كثيف «سلفي - إخواني» في المحافظات مثل البحيرة والجيزة وسوهاج وبني سويف مشيرا إلي أن كل هذا ينشئ قدراً من التوتر بين الطرفين حيث يحاول الإخوان الحفاظ علي نسبة تواجدهم في المرحلة الأولي وكذلك حزب «النور» يحاول الحصول علي أعلي نسبة من المقاعد علي عكس المرحلة الأولي. وذكر أحمد زغلول باحث في الحركات الإسلامية أن ما يحدث الآن من الحرب الدائرة بين الإسلاميين أمر طبيعي موجود قبل الانتخابات ولكن زادت حدته بعد الدخول في المعركة السياسية وسعي كل طرف لجذب أصوات الناخبين للحصول علي مقاعد أكبر من الطرف الثاني مشيرا إلي أن حزب النور يري نفسه في مرتبة موازية لحزب الحرية والعدالة وهذا سبب رئيسي في نشوب الحرب بينهما. وأضاف: إن حزب «النور» قدم تنازلات في الانتخابات حيث إنه يحرم مشاركة المرأة في العمل السياسي ولكن جاءت مشاركتها باعتبارها أخف الضررين حتي لا يتركوا البرلمان لليبراليين والإخوان وإظهار صورة مرشحي «النور» في محافظة الإسماعيلية ما هو إلا تصرف فردي من جانب القائمين علي الدائرة وأن الحزب سوف يتخذ موقفا تجاههم من إجراءات وتدابير لعزل القيادات الموجودة في الدائرة.