أكد د. فخري لبيب المفكر السياسي القبطي في حوار ل«روزاليوسف» أن أحداث ماسبيرو الأخيرة أمر مؤسف وخطير أدمي قلوب المصريين علي جميع طوائفهم، وشدد علي رفض مبدأ ادخال الدين في السياسة والخلط بينهما مشيرًا إلي أن ما وقع في ماسبيرو مدبر لزعزعة أمن واستقرار البلاد، مؤكدًا أن حكومة د. شرف هي حكومة تسيير أعمال ليس إلا! ما تعليقك علي أحداث ماسبيرو الأخيرة؟ - هذا أمر مؤسف وخطير زرع الحزن في قلب كل مصري وإذا كنا سمعنا أن إحدي الغارات في ليبيا قتلت 17 مواطنا لكن عندنا 25 قتيلا وأكثر من 300 جريح ومصاب وهذا أمر يتجاوز العقل. وأنا أرفض العنف مع المتظاهرين سواء مسلمين أو مسيحيين وخاصة أن بينهم نساء وأطفالا. ما تفسيرك لهذا الحادث؟ - للأسف يتم شحن الجنود بضرورة ضرب المتظاهرين حيث قرأت في الصحف أن الجنود كانوا أيضا يسبون المتظاهرين بقولهم «يا كفرة».. لقد وصلنا إلي مستوي غريب من التفكير وهذا يذكرني بفترة الاعتقال في الخمسينيات حيث كانوا يلقنون الجنود بمثل هذه الاتهامات وإذا كنا نرفض الخلط بين الدين والسياسة فإن الدولة هي التي تستخدم الدين بنفسها واتساءل: كيف أتعامل مع رد الفعل بهذه القسوة وأنا أتعامل مع الفعل نفسه وما فعله محافظ أسوان شيء رهيب حيث قال إن إخواننا المسيحيين ارتكبوا خطأ كبيرًا وشبابنا المسلمين صححوا الخطأ وكأن المسيحيين هؤلاء من كوكب آخر ومن خارج الصورة في حين أن شباب المسلمين أبناؤه ورغم أن المحافظ هو المسئول عن هذه الكارثة إلا أنه لم يتم اتخاذ إجراء ضده حتي الآن ولا يعقل أن أتعامل مع رد الفعل بمنتهي العنف وأتعامل مع الفعل بمنتهي اللين. هل اختيار ماسبيرو مكانًا للتظاهر يحمل رسالة ما؟ - لا أعرف ولكن مثلما اتخذ فلول مبارك ميدان روكسي مكانًا للتظاهر وشباب الثورة ميدان التحرير ربما اتخذ الأقباط ماسبيرو مكانًا للتظاهر ربما لأنه صرح إعلامي سيكون له صدي كبير واتمني أن نكتشف الحقيقة تمامًا أمام الشعب وهؤلاء الجنود أولادنا في النهاية وإذا كانت التظاهرة سلمية فأنا ضد قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس. وأنا أرجح أن يكون البلطجية هم الذين أشعلوا الموقف وصنعوا هذه المأساة ومصر لا تتحمل مثل هذا الكلام. إذا استمر المناخ الطائفي بهذا الشكل دون حل حاسم كيف سيكون الوضع؟ - سيكون الوضع خطيرًا والدولة منذ سنوات طويلة تعلم أن هناك مشاكل متكررة باستمرار وهي مرتبطة ببناء أماكن العبادة والدولة تتهاون في إصدار قانون بناء دور العبادة الموحد ولا أدري ما ضرر خروجه إلي النور وتطبيقه والدولة أيضا مقصرة في حق الأقليات عامة سواء كانت عرقية أو دينية فهناك تباطؤ في حل مشاكل النوبة وأبناء سيناء وهي مشاكل مصرية وهم مواطنون مصريون يعانون مثل باقي المصريين كما أن الفكر الوهابي لعب دورًا خطيرًا في تصعيد الموقف وتعبئة العداء للآخر حيث يكفر الوهابيون رجال الدين والسياسة وهناك محطات دينية تلعب دور التحريض ضد الطرف الآخر.. ويجب إغلاقها فورًا فنحن أمام أشياء خاصة بالإعلام ودور الدولة وضرورة حل مشاكل المواطنين جميعًا والقضاء علي شعور المواطنين بالتهميش. كيف تري دور الحكومة في التعامل مع الأزمة؟ - أعتقد أن شعور الحكومة بأنها حكومة تسيير أعمال هو الذي يجعلها مكتوفة الأيدي والحكومة تعيش بعقلية أنها مؤقتة وأنا لست ضد تغيير الحكومة أو بقائها لأنه من الممكن أن تأتي حكومة أسوأ منها ولكن العبرة بضرورة وجود حكومة ذات أفكار ثورية وهذه الحكومة عمرها أكثر من ثمانية أشهر ولكنها لم تفعل شيئًا. لماذا أصبح المصريون يعتنقون مبدأ رفض الآخر ونفيه؟ - هناك أناس لا يرون أنفسهم إلا في نفي الآخر وإلغائه وليس التكامل مع الآخر، هذا الفكر يعتقد أنه هو الصواب والآخر خطأ. هل تعتقد أن هناك أيادي خفية تشعل الفتنة؟ - نحن في وطن معرض لتآمر من جميع الجهات وهناك أرضية صالحة من بعض الناس لتحقيق أهداف الخارج وأمريكا لها مصالح خفية لم تنجح إلا إذا كان هناك أرضية سياسية تتعاون معها في الداخل. إذا كان هناك عملاء في الداخل لماذا لا يتم القبض عليهم ونحن لدينا ترسانة من المخابرات والأجهزة الأمنية فلماذا لا يقبضون عليهم؟ - هناك خلل في الداخل يمكن المتآمرين في الخارج من النجاح داخل مصر الميكروب يستطيع دخول الجسم لان جهاز المناعة ضعيف وإذا كان جهاز المناعة قويا يستطيع الميكروب دخول الجسم ولكنه لن يفعل شيئًا. والأزمة أن مشاكل المسيحيين لن تحل إلا في إطار مشاكل المصريين جميعا وليس من خلال الخندق القبلي أو الطائفي. هل تمثل المادة الثانية من الدستور مصدر توتر في العلاقات بين عنصري الأمة؟ - ليست المشكلة في المادة الثانية من الدستور فالمسلمون والمسيحيون يعيشون متآلفين معا منذ مئات السنين ويمكن أن تضيف لهذه المادة عبارة: «الدولة حزين أيضا شعائره» ويتم حل المشكلة وأنا أيضا كقبطي متواجد بناء علي المادة 30 التي تنادي بحرية العقيدة فمواد الدستور كلها ملك للشعب المصري ولكن المشكلة أننا نسيء استخدام هذا الحق في التعامل مع الآخر. وكيف تنظر إلي مصطلح «مدنية الدولة»؟ - هذا المصطلح أرفضه وأفضل عليه مصطلح دولة عصرية حديثة أي دولة القانون.. دولة جميع المواطنين. كيف تري تطبيق قانون الطوارئ في ظل الظروف الراهنة؟ - أرفض هذا القانون جملة وتفصيلا فهذا القانون يعمل منذ ستين عاما ومع ذلك لم يمنع التظاهر ولا أحداث العنف ونحن لدينا أسوأ قوانين في العالم تستطيع أن تحاكم «شاة» تسير في الشارع وخير مثال علي ذلك أن البلطجية يمرحون في الشارع ولا رادع لهم حتي الآن. هل تؤيد إجراء الانتخابات في موعدها إذا توافرت الظروف المناسبة لذلك وخاصة أننا نواجه عصيان من الشرطة وهل نستطيع إجراء انتخابات نزيهة في مثل هذه الأجواء وإدارة الانتخابات بشكل صحيح؟ - للأسف الأجواء لا تبشر بخير وكان من رأيي في البداية هو اعداد الدستور أولاً حتي نعرف الطريق الصحيح ولا نعيش في هذه المتاهة. هل تم اختطاف الثورة من قبل اعدائها؟ - الثورة لم تختطف ولكن كان ينقصها عامل أساسي وهو أن يكون لها رأس تقودها وتفكر بها وغياب هذه الرأس ترك فراغًا كبيرًا للأسف لقد عاصرت فترة الملكية ولن نعيش الآن أسوا من أيام الملك. كيف تري استمرار المظاهرات الفئوية؟ - أرفض هذا المصطلح لأن هؤلاء يمثلون للأسف طوائف الشعب المصري ولهم مطالب لم يحققوا منها شيئا ولو تم إلغاء الصناديق التي يهلبون منها المليارات وانفاقها علي هؤلاء المتظاهرين لحل مشاكلهم وخير مثال لهذا عمال هيئة النقل العام أضربوا عن العمل 12 يوما خسرت فيها الشركة 12 مليونا. ولو تم انفاق هذه الأموال عليهم من البداية لكانت المشكلة قد حلت. لكن شبح الإفلاس يهدد الدولة؟ - لا ينبغي الاستجابة لكافة مطالبهم لكن يكفي الاستجابة لجزء منها وجدولة باقي المطالب. من الذي ترشحه لرئاسة مصر؟ - لا يوجد شخص مناسب حتي الآن ولكن أفضلهم المستشار البسطويسي. هل أنت متفائل لوضع مصر؟ - أنا رجل أعمل في السياسة منذ سنين ولدي ثقة في هذا الشعب العظيم أن يتجاوز هذه المحنة وأنا اقدم التعازي لكل الذين رحلوا وأطيب التمنيات بالشفاء للمصابين حتي تهدأ هذه الأزمة باذن الله.