أصدق ابني .. ولا أصدق مدير أمن القاهرة .. كان ابني شريف ذو الخمسة عشر عاما حاضرا لمباراة الأهلي مع كيما في استاد القاهرة يوم الثلاثاء الماضي 6 سبتمبر بحكم كونه عضوا في النادي وفي "التراس" مشجعي الاهلي .. وقال لي عقب عودته للبيت سالما بحمد الله: إنه فور انتهاء المباراة بفوز الاهلي 4 / صفر أخذت الجماهير وفي غمرة فرحتها تردد هتافات سياسية ضد الفرعون مبارك والحكومة ووزارة الداخلية كرد فعل طبيعي علي قيام عناصر الأمن المركزي التابعة لها يوم الاثنين 5 سبتمبر بالاعتداء بالضرب علي أسر شهداء ثورة 25 يناير الذين تجمعوا حول مقر محاكمة مبارك والعادلي في أكاديمية الشرطة وهو الموقف الذي خلق شعورا غاضبا لدي قطاعات كبيرة من المصريين ضد الداخلية وضد قوات الأمن المركزي يومها.. وفي مواجهة هتافات جماهير "الالتراس" السياسية حدث تصرف غبي وأحمق من جانب أحد كبار ضباط الداخلية الموجودين في الاستاد عندما رفع يده وهو يشير علي الجماهير الموجودة في مدرج الثالثة شمال وهو ما فهم علي أنه إشارة منه ببدء هجوم فاندفعت جحافل قوات الأمن المركزي لتنهال ضربا بالعصي والهراوات علي الشباب الصغير لتدفعهم للهروب والخروج من الأبواب الثلاثة للمدرج في تدافع كان من الممكن أن يخلف وراءه قتلي من هؤلاء الشباب الصغار.. لولا لطف الله بهم وبعائلاتهم.. وهذه الرواية تؤكدها شرائط الفيديو الموجودة علي موقعYOU TYBE علي شبكة الانترنت والتي تكذب الرواية التي رواها اللواء محسن مراد مدير أمن القاهرة إلي إحدي الفضائيات الخاصة والتي ادعي فيها أن شباب "الالتراس" قذفوا قوات الأمن بأكياس جمعوا فيها "البول".. وهي رواية غير منطقية ومقززة ويبدو أنها من تأليف مدير الاعلام بمديرية أمن القاهرة اللواء حامد عوض الذي كان يعد من أسوأ ضباط أمن الدولة الذين أضروا بالصحفيين بما كان يكتبه عن مواقفهم بقلة بصيرة منه وبدون تحليل لابعاد مواقفهم ودوافعهم الوطنية .. فتبت يداه بما كتب وتب .. ما أغني عنه منصبه وما كسب.. وحسبي الله عليه إلي يوم الدين. وإذا أضفنا إلي هذه الحقائق تراجع بعض ضباط الشرطة من شهود الاثبات في محاكمة مبارك والعادلي عن أقوالهم أمام النيابة العامة وتحولهم إلي شهود نفي وهو موقف خلق انطباعات بأن ضغوطا مورست علي هولاء الضباط من قبل قيادات داخل الوزارة لا تزال تدين بالولاء للوزير الاسبق الحبيب العادلي خاصة في قطاعات شئون الضباط والشئون الادارية والشئون القانونية بهدف تغيير أقوالهم و"تمييع" المسئولية وإفشال القضية.. الامر الذي أجج من غليان مشاعر الغضب والسخط لدي الرأي العام علي وزارة الداخلية - لولا شهادة الضابطين الشريفين اللواء حسن عبد الحميد والمقدم عصام شوقي اللذين ثبتا علي أقوالهما وكانت شهادتهما أمام المحكمة بردا وسلاما علي قلوب الملايين من المواطنين عندما أكدا أنه كانت هناك تعليمات من اللواء الحبيب العادلي وقيادات وزارة الداخلية بمنع وصول المتظاهرين إلي التحرير بشتي الوسائل والطرق .. وهاتان الشهادتان جددتا الأمل في أن يصدر حكم عادل من المحكمة يقتص من المتهمين بقدر الجرم الذي ارتكب في حق ارواح 860 شهيدا ونحو 6500 مصاب خلال أحداث ثورة 25 يناير.. وإذا كانت تعليقات الكثير من المواطنين عبر شاشات الفضائيات وصفحات ال«فيس بوك» علي شهادتي اللواء حسن عبد الحميد والمقدم عصام شوقي كانت تقول: إن وزارة الداخلية لا يزال بها شرفاء.. إلا أنني ازعم أن ميراث الغضب تجاه وزارة الداخلية وممارساتها الماضية والحالية لا يزال كبيرا ويمكن أن يدفع هذا الميراث في تداعياته وفي حماقة التصرف تجاهه من قبل قيادات الداخلية بقوي الثورة وشبابها إلي الاقدام علي اقتحام مبني الوزارة مثلما اقتحم الفرنسيون سجن "الباستيل" في ثورتهم الكبري عام 1798 حيث إن ذاكرة المصريين وشرائط ال YOU TYBE علي شبكة الانترنت لا تزال تحوي الكثير من مشاهد التعذيب في اقسام الشرطة وتزوير الانتخابات والعنف المفرط في مواجهة الاحتجاجات والمظاهرات واطلاق الرصاص المطاطي والخرطوش علي المتظاهرين ودهسهم بالسيارات وبمصفحات الأمن المركزي.. فضلا عن أن الرأي العام لم ينس أنه كان يوجد داخل الوزارة جهاز ارهابي يسمي التنظيم السياسي السري كان يرأسه عميد يدعي هشام زايد وكانت مهمته تنفيذ العمليات القذرة ومنها اختطاف الكاتب الصحفي رضا هلال وقتله وإخفاء جثته وأختطاف عبد الحليم قنديل والشروع في قتله.. وما اريد قوله باختصار أنه لابد من تطهير وزارة الداخلية وإعادة تأهيل قياداتها نفسيا وضميريا وقانونيا لأن ميراث الغضب تجاههم كبير وخطير ومحاولة اقتحام مبني الوزارة يوم الجمعة والهجوم علي مديرية أمن الجيزة هي دلالات علي ذلك.. حتي مع التسليم بأن هناك عناصر مندسة تسعي لخلق الفوضي وتعميق الهوة بين الشعب والجيش .. وبين الشعب والشرطة.