أكدت صحيفة "نيويورك تايمز " الأمريكية أن الكتب التي كانت تحكي أسرار الرئيس المصري السابق وتنتقده بشكل شخصي حققت أعلي نسب مبيعات في العالم العربي بعد أن كانت تمنع بسبب تعليمات أمنية. وأضافت الصحيفة أن الكتب والمذكرات التي صدرت عن بعض السياسيين والمحللين الغربيين وصفت عصر مبارك بالسنين العجاف التي عاشها الشعب المصري في ظل نظام فاسد تحكمه المحسوبية، وليس الكفاءة، وتتسع فيه الهوة بين الطبقات، دفعت كثيرا من الأقلام البارزة في العالم إلي إصدار عدة كتب تناول بعضها الأوضاع في مصر في السنوات الأخيرة وتنبأت بما حدث، والبعض الآخر حاول استشراف مصر بعد مبارك. ولعل أبرز الكتب العالمية التي تحدثت عن مبارك في السنوات الأخيرة كتاب "كبار زعماء العالم" الصادر ضمن سلسلة أمريكية عن دار نشر "تشيسي هاوس"، الذي يرصد كيف كان مبارك منذ بداية حياته المهنية حتي اختيار السادات له نائباً بعيدا تماما عن السياسة، ويقول مؤلفا الكتاب سوزان موادي دراج، وآرثر ميير سشليسنجر، إن الرئيس السادات كان حليفاً قويا لأمريكا وكذلك نائبه حسني مبارك، وربما كان السبب وراء اختيار السادات لمبارك هو كونه متزوجا من امرأة مصرية إنجليزية، وهي سوزان ثابت، التي أصبحت فيما بعد سوزان مبارك ذات الميول الغربية، مثلها مثل جيهان السادات وهي نصف إنجليزية أيضا كان لها دور كبير في ميل السادات نحو الغرب والتحول بعيداً عن الاتحاد السوفيتي. وفي كتاب "الحجاب" الذي كتبه الصحفي الأمريكي المخضرم بوب ودوارد الذي فجر فضيحة ووتر جيت، يقول إن المخابرات الأمريكية كان لديها تسجيل مصور عن مبارك والقرية التي ولد فيها، وعن زوجته ذات الأصول الإنجليزية. وربما يكون للولايات المتحدة دور في اختيار السادات لمبارك نائبا له. يقول كتاب "كبار زعماء العالم" إنهم ظلوا ينظرون إلي مبارك في الفترة التي قضاها نائباً للسادات علي أنه "مهرج القصر"، وكان يطيع رئيسه لدرجة أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر عندما رآه لأول مرة بجوار السادات لم يخطر بباله أن هذا هو الرجل الثاني في مصر، واعتقد أنه مجرد مساعد درجة ثانية للسادات. ويمضي هذا الكتاب الذي يركز علي السنوات التي قضاها مبارك كنائب في القول إنه بعد أن خسر چيمي كارتر صديق السادات منصب رئاسة أمريكا قام السادات بإرسال مبارك للولايات المتحدة مرتين في عام 1980 لكي يودع كارتر ويحاول اللقاء مع الرئيس المنتظر رونالد ريجان، وفي هذه الزيارات ألح مبارك علي أمريكا لإرسال أسلحة إلي السودان لأن مصر كانت تعتقد أن نظام حكم معمر القذافي الثوري، المكروه من السادات، يحاول الإطاحة بنظام حكم جعفر النميري. لكن مبارك في هذه الجولات الأمريكية بدأ يقوم بعمليات بيزنس خاصة به مع رجل الأعمال حسين سالم من وراء أنور السادات. وكاد السادات يقوم بعزل مبارك بعدما علم بهذه الوقائع واستبداله بالوزير منصور حسن، الذي وصفه الكتاب بأنه كان شابا طموحا رشحته زوجة السادات چيهان لتولي منصب نائب الرئيس، لكن كون مبارك عسكرياً ينتمي للجيش إلي جانب صلته القوية بالسادات أبقيا عليه في منصبه، وكان مبارك يعرف الكثير عن السادات في ذلك الوقت ويعرف مدي ارتباطه بأمريكا والحماية الخاصة التي وفرتها المخابرات الأمريكية لحراسته. ومن أشهر هذه الكتب ما أصدره الكاتب البريطاني جون برادلي في النصف الثاني من عام 2009، والذي حمل عنوان "داخل مصر.. أرض الفراعنة علي حافة الثورة"، وهو الكتاب الذي أثار ضجة بسبب منعه من النشر في مصر، قبل أن يتم السماح بنشره، حيث تنبأ برادلي في هذا الكتاب بثورة جديدة في مصر تخسر فيها أمريكا هيمنتها علي أكبر دولة عربية وعلي الشرق الأوسط، ووصف المجتمع المصري بأنه بدأ في التحلل والذوبان ببطء تحت عاملين توأمين هما ديكتاتورية عسكرية قاسية وسياسة أمريكية فاشلة في الشرق الأوسط. وتحدث برادلي عن الحزب الوطني كثيراً في صفحات كتابه، وقال عنه إنه حزب ليست له صلات حقيقية بالناس وليس له حتي وجود حقيقي خارج المدن الكبري، ومن هذا المنطلق، رأي أن نظام مبارك ليس له الخصائص التي أبقت السوفيت أو الحزب الاشتراكي الصيني في الحكم، فالحزب ليس له سبب في الوجود غير أن يتعلق بالحكم, وبناء عليه فإنه مع غياب أي نوع من الشرعية فإن ما يبقيه في الحكم هو التخويف والترهيب، حيث يتم بث الجبن في المجتمع من أعلاه لأسفله. ومؤخرا، صدر كتاب جديد عن جامعة يال الأمريكية يحمل عنوان "مصر علي الحافة.. من عبدالناصر إلي مبارك" للكاتب طارق عثمان. وفي العرض الذي قدمته صحيفة الإندبندنت البريطانية لهذا الكتاب، ربطت فيه بين مضمونه وما حدث في تونس، وقالت إن الرياح القادمة من تونس ستزيد من الآمال وتقوي المخاوف في القاهرة، فمصر هي أكثر البلدان المعرضة للإطاحة بنظام الحكم فيها إذا حدث وضربت موجة من الاضطرابات الشعبية دول الشرق الأوسط. ويري الكتاب أن ما كان يتواجد في مصر من ديمقراطية، قلت أو كثرت، قد انهار في شهر نوفمبر الماضي مع الانتخابات البرلمانية التي شابها الغش والترهيب والمقاطعة من قبل المعارضة، وقد وصف الأديب علاء الأسواني نتائج هذه الانتخابات بأنها قطعة بائسة من مسرحية، وجريمة أخري ضد الشعب المصري.. ويسلط المؤلف الضوء علي ثورة الشباب التي شكلت خطوط الغضب والإحباط والتهديد أحياناً عبر المشهد السياسي.