أستاذ مساعد مقارنة الإديان الخير يعد من الفطرة الإنسانية والإنسان السوى بطبيعته يميل إلى الخير والأخلاق الحميدة، وقد يعتريه بعض العطب الذى يجره إلى مخالفة فطرته، والاستجابة لأهوائه، ومن ثم تأتى الشريعة الإسلامية بألوان العبادات التى ترسم الطريق الصحيح للمسلم نحو الارتقاء الروحي، والنقاء النفسى والسلوكي، لاسيما عبادة الصيام. ولهذا كانت فريضة الصيام إحدى العبادات الباعثة على نقاء العلن، وصفاء السريرة، والمقصد الأسنى منها مقام التقوى؛ لذلك وصفت السنة النبوية الصوم بأنه جُنَّة، والتقوى تعمل على يقظة القلوب نحو طاعة الله تعالى، وتحرس النفوس من الفساد والإفساد، ولهذا يجعلها الله سبحانه أمام أعين الناس هدفا رئيسا ومضيئا يتوجهون به إلى خالقهم، لنيل التقوى؛ لأن فيها انكسارًا للشهوة، ومراقبة لله. ومن المتعارف عليه عند أرباب الوعى الدينى الصحيح أن الطريق الموصل للتقوى هو طاعة الله تعالى، وهذه الطاعة ليست منحصرة فى أداء ما افترضه الله سبحانه على الإنسان من عبادات متعلقة بالله تعالى، كالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها، بل ثمة عبادات يغفل البعض عنها أو يتناساها، على الرغم من أن لها فضلًا عظيمًا، فعن ابن عمر أن رجلًا جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أيُّ الناسِ أحبُّ إلى الله؟ وأيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبُّ الناس إلى الله عز وجل أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخِلُه على مسلم، أو تكشفُ عنه كربةً، أو تقضى عنه دينًا أو تطردُ عنه جوعًا، ولَئِن أمشى مع أخٍ لى فى حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف فى هذا المسجد شهرًا (فى مسجد المدينة)، ومن كفَّ غضبَه ستر الله عورتَه، ومن كظم غضبَه ولو شاء أن يمضيَه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه فى حاجة حتى تتهيَّأ له، ثبَّت الله قدمه يوم تزولُ الأقدام)). وإذا كان الصيام ترويضا للنفس على الطاعة، وتدريبًا لها على اجتناب المحرمات وبعض المباحات فى نهار رمضان، وفرصة جيدة للتفعيل الجيد للسلوك الحسن، واستنفار جانب القيم فى حياة الإنسان، فهو كذلك فرصة للقضاء على السلوكيات والعادات المنافية للأخلاق الطيبة، وهذا هو السبيل الآخر لتحقيق التقوى؛ ولهذا قال عمر بن عبدالعزيز : «التقوى ليست بقيام الليل أو بصيام النهار، ولكن تقوى الله: ترك ما حرَّم الله، وأداء ما افتَرَض الله». وحيث إن الزمن هو رأس مال الإنسان، وهو هبة القدر الأعلى لنا فحرى بالإنسان أن يخطط لاقتناص كل وقت فيما ينفعه فى العاجل والآجل، ويرسم لنفسه سبيلا يطلب فيه العون من الله تعالى نحو حياة أنقى، وهذا يتطلب الاستعانة الحقيقية بالله سبحانه على أداء العبادات، والمثابرة على تقويم الرغبات؛ ريثما يتحرر الإنسان من سلطان غرائزه، وينطلق نحو حياة أفضل بطاعة فى رمضان.