30 عاما من الحرمان عاشها أهالي وبدو سيناء في ظل نظام الرئيس السابق حسني مبارك.. وعود كاذبة، وخطط للتنمية ومشروعات تنتهي قبل ان تبدأ.. لا ماء للشرب أو الزراعة.. ولا كهرباء للإنارة أو التنمية.. ولا خدمات صحية وتعليمية فخرجت سيناء عن خط القضبان ليندفع أهلها إلي الحدود مع الاراضي المحتلة وقطاع غزة، لحل أزمة البطالة وبحثا عن لقمة العيش.. فتحول شبابها إلي مهربين يسقطون رهائن في السجون الاسرائيلية أو يموتون اختناقا تحت الأنفاق الحدودية غير الشرعية، أو فريسة لخدمة عصابات مسلحة أو جماعات إرهابية. جبل الحلال "بعبع" سيناء الذي لا يجرؤ أحد علي الاقتراب منه لاحتضانه المطاريد والجماعات المسلحة والارهابيين... هذا المكان الذي أبعد كل من يفكر في الاستثمار في سيناء طيلة السنوات الماضية كان محل جولة قامت بها "روزاليوسف" يوما كاملا بين هضابه ودهاليزه... والمفاجأة أن هذه الجولة كانت في صحبة أخطر رجل في سيناء "موسي الدلح" الأسطورة التي صنعها بعض رجال النظام السابق عن أكبر جاسوس وقائد لشبكة من الجماعات المسلحة التي تدير عمليات تهريب السلاح وزراعة المخدرات في جبال سيناء. "الحقيقة " كما رأيناها نعرضها.. هذا الجبل الذي استغرقنا في الصعود اليه أكثر من ثلاث ساعات بعد وصولنا الي منطقة وادي العمر التابعة لمركز الحسنة بوسط سيناء ..كان عبارة عن مجموعة من التلال المرتفعة والغنية بكافة الثروات المعدنية والأحجار الطفلية الجيرية والرمل الزجاج والجبس ..وتفصل الهضاب عن بعضها مساحات من الرمال . بحثنا عن مزارع المخدرات والتي قرأنا عنها بالمنطقة عبر شبكة الانترنت ولكن ما كان يصادفنا بين كل عدة كيلو مترات كانت أشجار شيطانية لم يزرعها أحد وعلي مرمي البصر كنا نلمحها فنهرول اليها فتارة صادفتنا شجرة رمان وأخري تين ثم عنب ووجدنا ايضا بطيخ . وفي رحلة الصعود الي الجبل كان يصادفنا من حين لآخر عشة أو عشتان من البوص يجلس الي جوارها شيخ بعصا يهش بها الغنم أو بدوية ..ولا يوجد في الجبل مصدر للمياه إلا بئر روماني قديم.. وقفنا عنده من روعة منظره.. وكان منقوشا علي أحد جوانبه اسم عائلة "الدلح" التي أعادت إحياء البئر قبل أكثر من 80 عاما . كنا ننظر الي أعلي في انتظار رؤية حراس للجبل يحملون سلاحهم من أعلي السفح فلم نجد .. انتظرنا ألا نعود من الأعلي واخذنا رهائن مثلما حذرنا البعض من أبناء العريش ونحن نعد للرحلة إلا أننا عدنا بسلامة الله بعد يوم شاق تجولنا فيه لجمع الثمار من أشجار الشيطان أعلي جبل الحلال..والذي ظل المكان الذي فشلت حملات الشرطة في الوصول اليه علي مدار سنوات. ربما لم ندخل من مداخل مزروعات البانجو فلم نرها ..وربما فعل المسلحون مثلما يفعل المسئولون الكبار في زياراتهم وتركوا لنا الجبل نتجول فيه فارغا ..وربما هؤلاء المطاريد من أبناء بدو سيناء هم نفس الأشخاص الذين قابلناهم يمسكون بالعصي وينامون في عشش البوص..من يدري ولكن هذه هي الصورة ننقلها كما رأيناها. موسي الدلح ..أسطورة اخطر رجل في سيناء التي صنعها النظام السابق.. هذا الارهابي المسلح الذي تزوج من اسرائيلية وفقا لما يكتب عنه منذ سنوات ..كان رفيق رحلتنا واثنان من أبنائه أكبرهم لم يتجاوز السابعة من عمره.. وموسي الدلح شاب في الأربعينات من عمره تخرج في كلية الآداب جامعة عين شمس ثم درس الحقوق وهو في أحد المعتقلات التي قضي فيها 6 سنوات من عمره علي فترات بتهم مابين عدم التعاون مع الأمن أو التستر علي عناصر مطلوبة ..كان يمسك في يده عصا ويتسلق أشجار الرمان ويهزها لتتساقط علينا ثمارها وفي طريق العودة من الجبل كان لنا لقاء مع زوجته في منزل لم يكن بمغارة كما توقعنا.. ولا يوجد فوقه حراس بالأسلحة وإنما منزل بسيط جدا.. وبه مكتبة بها روايات وكتب في كل المجالات والي جانب المكتبة مكتب عليه جهاز حاسب آلي شاشته مفتوحة علي صفحة الشيخ موسي الدلح علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" حيث وصل أصدقاؤه الي 3 الاف و382 صديقاً وذلك خلال عدة أسابيع وبعد اختراق حسابه القديم كالعادة من بعض الهاكرز الذين يبثون صورا له بالفوتوشوب وهو يدعو لعمليات عسكرية ويروج لأفكار هدامة. ومن آخر تعليقاته علي صفحته "مصر تتسع للجميع ليس الانتماء لها حكر علي أحد.. كلنا ولدنا علي ترابها وأجدادنا ايضا نحن عرب ومصر عربية ولانرضي بغيرها وطنا وكل مانريد هو ان تحترم آدميتنا وأن نعامل كمواطنين مصريين مثلنا مثل غيرنا من الأطياف التي تعيش فيها وتنعم بأمنها وخيرها" . زوجته الاسرائيلية وفقا للروايات والتي خضعت للعادات البدوية بعدم التحرك بالمنزل طالما هناك غرباء ..استقبلتني بالترحاب بعد أن مررت بطرقة طويلة الي عقر المنزل الي مضيفتها الخاصة والتي لا يدخلها إلا النساء ..تحدثت عن معاناتها مع الشائعات عن زوجها وكيف يضايقها وصفها بالاسرائيلية وهي ابنة نزلة السمان ثم كيف كانت تهرب وأطفالها للحياة نهارا بالجبل لتحتمي من غارات الشرطة علي بيوت البدو بالأعيرة النارية من حين لآخر. إرهابي وأنتمي للقاعدة.. هكذا بدأ الدلح حديثه لنا بعد عودتنا من جبل الحلال مستكملا هذه هي النظرة التي مازالت تنقل الي الناس ورغم أنني غير مطلوب من أجهزة الأمن بأي من هذه التهم ..كما أنه تمت تبرئتي وعدد كبير من أبناء البدو من الأحكام الغيابية الظالمة التي كانت ضدنا قبل الثورة. ويروي الدلح أن كل تهمته كانت بتصديه لعدد من المستثمرين الذين يتبعون رجال النظام السابق وجاءوا ليحتكروا ثروات جبل الحلال التعدينية ودون الوفاء حتي بالتزاماتهم مع ابناء البدو بتشغيلهم ومنحهم فرصا للعمل وعمل المشروعات الصغيرة وخرجت من بعدها شائعات وقصص كان يروج لها من خلال اعلانات ممولة علي الصفحات المختلفة بالانترنت ووسائل اعلامية مختلفة تروج لخطورة الوضع في جبل الحلال وتتهم أبناء البدو بمعاداة الاستثمار رغم اننا ليس من مصلحتنا أن تظل فئة تحتكر ثروات سيناء التعدينية دون غيرها. وأكد الدلح أن لديه العديد من الملفات الخطيرة التي ينتهي حاليا من جمعها لتقديمها للنائب العام وفضح مخططات احتكار ثروات مناطق بعينها في سيناء وخاصة منطقة جبل الحلال ولصالح أجانب ويقف وراءهم جنسيات مشكوك فيها تنتمي للكيان الصهيوني مؤكدا أن هذا المخطط يتورط فيه رجال أمن تولوا المسئولية في عهد النظام السابق ويعملون مستشارين للشركات الاحتكارية حاليا بعد خروجهم من الخدمة. وبرر الدلح الحكم الصادر من قبيلته بإهدار دم أحد المستثمرين الكبار وصاحب أكبر مصانع للأسمنت بوسط سيناء "حسن راتب" بأن ذلك جاء بعدما لم يحترم رجل الأعمال المذكور عادات وتقاليد البدو ولم يمتثل أمام المحكمة العرفية التي تم دعوته اليها فضلا عن استهانته بوعوده لأبناء سيناء بالاستعانة بهم في تشغيل مصانعه ومحاجره بالشكل المناسب ووفقا لآليات قانون العمل فضلا عن التفافه علي قرار منح المجانية التعليمية لأبناء سيناء في الجامعة التي افتتحها علي أرض سيناء وفقا للقانون والاتفاق المسبق معه وقت تخصيص الأراضي له . وأشار إلي أن هناك مخالفات بيئية أيضا لمصنع أسمنت سينا من خلال مخلفات مادة "الباي باص " التي تسبب أمراض نفوق للماشية وأمراضا رئوية والسل للبدو بالمنطقة وتعمل علي تنشيف الاشجار وتلوث المياه الجوفية والتي تلقي بواسطة المسئولين عن المصنع في العراء بالصحراء. وأوضح الدلح أنه لم يترك منزله ويهرب الي الجبال في غضون حملات الاعتقال غير المسببة التي كانت لتستهدفه من وقت ليخر أيام النظام السابق حيث كانت القبائل تخرج لتقطع طريق معبر العوجة وتوقف العمل بمصنع أسمنت سيناء وهذه كانت المعادلة التي لعبناها مع أمن النظام السابق الذي أراد أن يخرجنا من بيوتنا الي الجبال بأي ثمن لنصبح بالفعل إرهابيين ومطاريد وتكتمل اسطورته عن استحالة التنمية بوسط سيناء لوجود عناصر إرهابية من البدو تسكن الجبال. ويستكمل "الرجل الأسطورة" أن كافة الخامات التي تدخل في صناعة الأسمنت من الرمال والجبس يتم الاستيلاء عليها من شركات متفرعة عن شبكة احتكارية واحدة في سيناء بالمخالفة للقوانين ولا يوجد أي فرصة للبدو بالدخول الي المناقصات لاحتكار هذه المافيا لها والتي كانت ذات نفوذ واسع في ظل النظام السابق زمن خلال وسطاء مع جمال وسوزان مبارك. وأكد أن أكبر مؤامرات النصب باسم سيناء في عهد النظام السابق كانت تحت اشراف المسئول عن الهلال الاحمر وذلك أيام أزمة السيول لأن الناس اتعاطفت مع سيناء و جمعوا أكثر من 30 مليون جنيه بعد أن أقاموا مؤسسة تنمية سيناء وجمعوا الحاشية من الشيوخ الموالين للنظام والضعفاء من اعضاء مجلس الشعب من الحزب الوطني وفي النهاية لم يستفد أحد من المبالغ التي جمعوها واستولوا عليها . وكشف "الدلح" عن وجود مجموعات عمل منظمة مأجورة تعمل حاليا عن اذاعة الشائعات عن سيناء لقلقة الأوضاع بها وخاصة علي الفيسبوك وتويتر إلا أنه اتفق مع الشرفاء من أبناء البدو ومحافظ شمال سيناء علي مواجهة هذه الحملة لتشويه صورة بدو سيناء بعدد من مهرجانات التراث البدوي والحفلات الفلكلورية. وأعلن الملقب بأخطر رجل في سيناء عن أن قبيلته ترحب برحلات من الكشافة المدرسية والجوالة الجامعية وخاصة كليات الهندسة والعلوم لإقامة معسكرات لهم داخل جبل الحلال لرفع وصمة العار عن هذا الجبل وفتح المجال أمام أي مستثمر وطني جاد للعمل بالمنطقة والاستفادة بخيراتها مع اعطاء فرص العمل الحقيقية لابناء بدو المنطقة بدلا من جحيم البطالة ونقص الخدمات الذي يطاردهم وأبناءهم ويدفع بهم الي الوقوع في براثن عمليات التهريب علي الحدود وكذلك لتحجيم دور الشركات المشبوهة متعددة الجنسيات التي تدخل في شراكات مع المحتكرين الحاليين لثروات المنطقة. واستكمل حديثه قائلا للأسف النظام السابق شوه صورة شيخ القبيلة ولذلك رفضت المشيخة عندما عرضت علي لأنه أصبح في نظر الجميع مجرد مخبر يختاره امن الدولة ومديرية الامن من يختارونه فقد هيبته وأصبح عمله مخبرا علي القبيلة ولهذا تنازل العديد عن الشياخة ايام أزمة طابا لرفضهم حملات الاعتقالات العشوائية. وطالب "الدلح" من حكومة الثورة بمساعدتهم من خلال برامج واضحة في تحسين صورة بدو سيناء لدي الرأي العام فالبدو قبائل لها عرف وتعيش علي مبادئ بالفطرة وليسوا همجا وقطاع طرق ولابد من تشجيع الشباب علي الدخول الي هذه المناطق المرعبة في سيناء وتحويل منطقة جبل الحلال الي منطقة سياحية حتي تدخل التنمية الي المنطقة إصلاح دور المشايخ والعمل علي اختيارهم بالانتخاب والوقوف امام من يستنزفون خيرات المنطقة بالاحتكار لصالح الأجانب. مؤكدا أن ما نسمعه حتي الان ضجيج ولم نر طحينا مثلما كان الحال مع النظام السابق. وشدد علي أن كافة ما يثار عن تجارة السلاح وزراعة المخدرات في وسط سيناء ما هي إلا ظواهر مضخمة وزراعة المخدرات سيناريوهات تتخطي الواقع وهذا ليس معناه انها غير موجودة ولكن ليس بالشكل الذي يروج له . أما عن السلاح فهو ثقافة بدوية لا يمكن الاستغناء فالبدوي اذا هاجمه ذئب في الصحراء لن يتصل بخدمة (09000) لنجدته وأقرب نقطة شرطة علي بعد 50 كيلو منه . وعن ظاهرة تحويل سيناء الي إمارة اسلامية فهذه مناهج ضد كيان القبيلة نفسها و صعب جدا انضمام ابنائها لمنظمات ولكن هناك اعداد قليلة جدا ومن قبائل متفرقة تنتمي الي هذه الجماعات بينما لا تسكن بين القبائل وكافة الحوادث في نطاق المدينة ولم تحدث في مناطق البدو حتي خط الغاز يمر بأراضي البدو ولا أحد يقترب منه.