المقهي "القهوة".. لها دور بالغ في الحركة الثقافية المصرية، ففي المقاهي، كان يلتقي الأصدقاء وزملاء المهنة، "أية مهنة"، لكي يناقشوا أحوال حياتهم، ومتاعب أعمالهم، علي دخان المعسل "الجوزة" سابقاً، والآن "الشيشة" والشيشة أنواع منها "التفاح"، ومنها "الكريز" ومنها "الشمام" وكل أنواع المعسل المخلوط بالفاكهة، ومع أكواب الشاي بالنعناع أو الشاي باللبن أو السحلب أو الينسون أو الجنزبيل أو القرفة (سادة وبلبن) وغيرها من المشروبات الساخنة وطبعاً الباردة. ونعود للمقاهي (القهاوي) ودورها في الحياة الاجتماعية والسياسية، والثقافية المصرية، فهناك "قهوة" النقاشين - وقهوة النجارين "المسلح" حرفة في الإنشاءات وقهوة الحدادين، وفي هذه القهاوي يلتقي أصحاب المهنة ويمكن أن يتعاقد "الزبون" مع الأسطي الحرفي علي مهنة ما في القهوة، لكي تبدأ العلاقة بين صاحب عمل والمهني المطلوب! وفي بعض مقاهي هذا الزمن (القديم)، كان يلتقي الفنانون والموسيقيون، وكذلك الأدباء، وأشهرهم الأستاذ نحيب محفوظ (قهوة ريش) بشارع سليمان باشا (طلعت حرب حاليا) أو المرحوم الأستاذ توفيق الحكيم في قهوة "باب اللوق"، وهناك قهوة "متاتيا" في العتبة الخضراء، وفي هذه المقاهي (القهاوي) كانت بداية كل الإبداعات الأدبية والفنية مثل قهوة الفيشاوي (بسيدنا الحسين) التي تدخل في برنامج الزيارات السياحية. ومازالت بقايا هذه المقاهي بعد قليل من التطوير موجودة.. مثل " مقهي زغلول " في شارع قصر العيني، ويلتقي فيه نخبة من المثقفين المصريين (القاهريين) والصحفيين خاصة أنه ملاصق لأحد أقدم دور النشر المصرية والعربية وهي روزاليوسف. وتطورت المقاهي.. في الزمن الرديء سمعنا عن مقاهي يتم فيها الاتفاق علي الفساد (والعمولات)، والجرائد والحوادث نشرت تفاصيل عن هذه المقاهي وعن أجهزة الرقابة التي استخدمت تلك المقاهي للإيقاع بهذه الفئة المنحرفة في المجتمع، ولعل أسماء تلك المقاهي وخاصة في مدينة نصر وبجانب (مول العقاد).. قد جاء سيرتهم كمسرح لتقاضي الرشاوي وقضايا الفساد المشهورة أيضاً. ثم تحولت المقاهي إلي شبه مطاعم، وكافتيريات علي كورنيش النيل أو علي ضفاف البواخر الثابتة إلي محلات وسط البلد، والمهندسين، مصر الجديدة والمعادي، والهرم، إلي مراكز لتدخين الشيشة مع كل ما يقدم علي المائدة من أطعمة شعبية.. ولعل ما استحدث الآن، هو وجود تلك المقاهي المتنقلة في سيارات نصف نقل، حيث يتم فرشها علي الكباري الكبري في القاهرة، والجيزة، وأهم هذه الكباري (كوبري المنيب، وكوبري الوراق وأجزاء من كباري الطريق الدائري)!!. وقد نقل المصريون هذه الشعيرة الخاصة جدا بالأدب الشعبي المصري إلي الدول التي هاجروا إليها، فوجدت في روما مقهي " تراسي تيفري" تقدم الشيشة "الحجر" الواحد ب15 يورو.. ووجدت ذلك في لندن في شارع العرب "إدوارد استريت" وكذلك في "بيكاديلي ستريت"، وفي فرنسا في أهم شوارع باريس "الشانزليزيه" في قهوة ومطعم الديوان، تقدم الشيشة مع أشهي المأكولات العربية!! ومازالت المقاهي، هي مركز تجمع للمهنيين، سواء كانت المهنة (حرفة) أو المهنة. (فن) أو المهنة (رأي و أدب) ولكن الجديد هي مهنة (قلة الأدب) والفساد، فقد أصبح لها أيضا مقاه خاصة!!!!!