عاش الليبيون المقيمون بالقاهرة يوما جميلاً من أيام الحرية عقب تسلم ممثلين عن المجلس الانتقالي الليبي مبني سفارتهم بالقاهرة ورفع علم الاستقلال عليه بعد اعتراف السلطات المصرية رسمياً بالمجلس الانتقالي ممثلاً شرعياً للشعب الليبي.. وعلي أنغام نشيدهم الوطني «يا بلادي.. يا بلادي» خرج الليبيون في احتفالات أمام مبني السفارة يهتفون «زنجة زنجة.. دار دار.. القذافي جاب العار» ثم اتجهوا إلي شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين واستمرت احتفالاتهم حتي الفجر. «روزاليوسف» عاشت أفراح الليبيين في القاهرة وأجرت لقاءات مع عدد كبير منهم فماذا قالوا؟ يقول العقيد.. صالح العبيدي أول ضابط انشق عن القذافي يوم 17 فبراير وهو قائد أحد المعسكرات بالجيش الليبي.. إن المظاهرات كانت في بداية الثورة سلمية، لكن القذافي فرض علينا القتال ونجحنا في ثورتنا. ورغم أنه جردنا من السلاح منذ أكثر من عشرين عاما منذ عام 89، حيث قام بتدمير الجيش الليبي وفكه لأنه كان يعلم أن الجيش لو قوي قد يشكل هذا خطورة عليه وعلي حكمه. لذلك كون الكتائب الأمنية لحمايته من الشعب ومن أي انقلابات ضده وكانت هذه الكتائب من أقاربه وأبناء عمومته حتي كبر أولاده وتولوا قيادة هذه الكتائب، ولأن أغلب هذه الكتائب من الجنود غير المتعلمين وغير الحاصلين علي مؤهلات فكان كل من ليس لديه عمل يلتحق بهذه الكتائب لضمان رواتب ثابتة، لكن عندما صح الصحيح تخلي الكل عنه بدليل أن طرابلس فتحت خلال 30 ساعة فجنودها قالوا إنهم كانت لديهم النية منذ البداية في الانضمام للثوار والانقلاب علي القذافي ولكن كان يمنعهم من هذا أن المرتزقة كانوا من خلفهم فلو تراجعوا أو اعترضوا .. ينفذ فيهم حكم الإعدام فوراً. ويشرح العقيد صالح كيفية دخول الثوار إلي طرابلس والسيطرة عليها وعما إذا كانت هناك خطة مسبقة. فيقول بالفعل كانت هناك خطة مسبقة وضعت منذ 20 مايو الماضي خطة عسكرية لفتح طرابلس بحيث يقوم من بداخلها بانتفاضة داخلية ومدهم الثوار بالأسلحة وذلك عن طريق البر والبحر علي أن يقوم الثوار القادمون من مصراتة والزاوية والجبل الغربي بمعاونة الثوار من الداخل.. كما تم الاتفاق مع كتائب القذافي علي أنه عندما يكون الثوار علي أبواب طرابلس يلقون بأسلحتهم وينضمون إلينا وهذا ما حدث بالفعل. وردًا علي سؤال حول مصير القذافي الآن.. وهل يمكن أن يكون قد مات..؟ يقول العقيد صالح اعتقد أنه موجود في سبها في الجنوب هذا إذا كان لا يزال حيا فأنا ارجح موته بدليل أن الأصوات التي كنا نسمعها في التليفزيون الليبي في الفترة الأخيرة لم تكن للقذافي فهي أصوات مقلدة ومدبلجة وليس هو صاحبها. ويضيف أنا أنفي أو استبعد هروبه خارج البلاد وذلك لأنه مطلوب دوليا ومغضوب عليه وأي دولة ستساعده في ذلك وتستضيفه سوف نقطع علاقتنا معها حتي يتم تسليمه لنا. وعن الدول المحتمل اللجوء إليها والتي يمكن ان تستضيفه يقول ربما تشاد والنيجر ومالي لأنها هي أيضًا من ساعده وكانت تدعمه بالمرتزقة أثناء الثورة. وبنفس لهجة القذافي وكلماته.. سنبحث عليه كما قال في دار .. دار . وزنجة .. زنجة وحفرة .. حفرة.. وبيت .. بيت وفرد فرد لأنه الجرذ الكبير وسنجده حيا أو ميتاً. وعن خبر القبض علي ابنيه سيف الإسلام ومحمد وعائلته يقول إنه قد تمت محاصرتهم بمنازله وتحديد اقامتهم تحت الاقامة الجبرية بتعليمات من المستشار مصطفي عبد الجليل رئيس المجلس. وقد تعاملنا معهم بما يرضي الله ورسوله وبما قال وأمرنا في حق الأسري، ولكن القوة المسئولة عن محاصرتهم كانت قليلة وفوجئت بسرية تابعة للقذافي متنكرة، وكأنهم من الثوار ويحملون علم الاستقلال وقامت باقتحام المكان بالقوة وتهريب محمد وعائلته.. لكن سوف يتم القبض عليهم وعلي القذافي ذاته وسوف تتم محاكمتهم محاكمات عادلة وعلنية علي ما فعلوه خلال أيام الثورة وما قبلها أثناء حكم البلاد. وعن المكان الذي يعتقد هروبهم إليه يقول: إن هروبهم تم عن طريق سراديب تحت الأرض إلي حي مقابل لباب العزيزية اسمه حي أبوسليم والآن الثوار يمشطون هذا الحي لالقاء القبض عليهم. وعن دور مصر في ظل الثورة الليبية يقول: إنه في أول الأزمة قام القذافي بارسال اللواء عبدالرحمن الصيد إلي مصر لطلب قفل الحدود الغربية لمصر أمام الليبيين، لكن مصر رفضت طلبه وقتها وقالت له لن نقفل حدودنا في وجه الإخوة الليبيين. ولا يفوتني في هذا الصدد أن أشكر القبائل المصرية الموجودة علي الحدود التي قامت بمساعدتنا من امدادات طبية وغيرها واستضافت بعض الليبيين بمنازلهم. ويدخل معنا في الحوار الدكتور عبدالمنعم الحر ممثل المجلس الانتقالي بمصر فيقول إنه بعد دخول الثوار لطرابلس العاصمة أصبح بديهياً وقانونياً الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي وأمراً ملزماً للدول والمنظمات الإقليمية باعتبار أن المجلس أصبح الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي. وعليه اعترفت مصر بالمجلس وقد تمت اليوم مراسم تسليم السفارة الليبية لممثلي المجلس الوطني الانتقالي ورفع علم الاستقلال عليها. ويضيف.. أن ليبيا قبل الثورة غير ما بعد الثورة حيث أراها اليوم دولة لها دستور ديمقراطي مدني ينص فيه علي فصل السلطات واستقلال القضاء.. وأن تكون حقوق الإنسان مصانة وأن يعمل هذا الدستور علي تعزيز الحريات العامة وأن يتمتع الفرد الليبي بكل حقوقه التي حرم منها طيلة العقود الأربعة الماضية. وعن العامل المشترك بين كل الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا يقول هي تمثل صحوة وطنية لكل الوطن العربي ننشد من ورائها الوحدة بين كل الأقطار العربية. ويقول الدكتور حسين الشارف عضو الفريق السياسي لإدارة الأزمة بمصر إن الفيصل بيننا وبين معمر القذافي قد كان شهر رمضان حيث كانت نهايته المتوقعة أولاً لأن هذا الشهر الفضيل نصر فيه المولي عز وجل نبيه المصطفي في غزوة بدر ونصر المسلمين في فتح مكة وثانيا أن القذافي يعول كثيرًا علي الجان والسحر والشعوذة، وكما تعلمون جميعًا أن هذه الأشياء ليس لها أي مفعول في هذا الشهر المبارك. وثالثًا أن ثوار 17 فبراير يجاهدون من أجل قضية وهي التراب الليبي أما القذافي ومرتزقته ليسوا أصحاب قضية لذا نصرنا الله تعالي في هذا الشهر الكريم. ويضيف الدكتور حسين الشارف أوصي الشعب الليبي بأن يصبر ويرابض ويتحد من أجل دحر كل المخلفات التي تركها القذافي سواء علي الصعيد السياسي أو القبلي وأن نقف وقفة جادة من أجل بناء مستقبل ليبيا وأن نحافظ علي ممتلكات الشعب الليبي وعلي عاصمتنا طرابلس وهذا لا يتسني إلا بتكاتف جهود الجميع. وتقول مروة سالم من أهل الزاوية وواحدة ممن رفعوا علم الاستقلال فوق مبني السفارة أنها سعيدة بهذه اللحظات الحرجة التي تغمرنا بالانتصار التي انتظرناها كثيرًا وأكدت أنها وأبناء وطنها سوف يبنون ليبيا الجديدة الحرة. وتقول لأهل وشباب الزاوية انتم «ترس» ليبيا ورجالها الذين اشتروا حريتهم بدمائهم ويقول فرج مسعود من ثوار أجدابيا تأثرت أجدابيا عندما صرخت بني غازي فقالت للطاغوت دون خوف «لا» ووقفت جنباً لجنب مع إخوانها في بني غازي دفاعاً عن كل شبر في أرض ليبيا. فأجدابيا كانت الدفعة القوية لبني غازي والثوار في الدخول إلي طرابلس حيث أصبحت منطقة عسكرية يتم من خلالها امداد الثوار بالرجال والذخيرة. فكانت لها الأولوية في تحرير البريقة والمنشآت النفطية.. ودخول طرابلس حتي النصر. يقول المهندس - حسام الشريف - من غريان الثورة الليبية تتميز عن باقي الثورات العربية أن هدفها الوحيد كان إزاحة القذافي عن الحكم.. حتي وصل الأمر بهم إلي أن يتحول المدنيون إلي جيش يستطيع أن يحقق انتصاراً علي جيش القذافي المدرب والمرتزقة المأجورين وذلك لأن الشعب كان يحمل داخله قوة وسلاحه الأول في ذلك الإرادة وعدم خوفه من الاستشهاد فليبيا نسيج مختلط فليس لدينا أحزاب أو أطياف.. أما بالنسبة للقبلية فهي نسيج اجتماعي كان يجمعنا أكثر ما يفرقنا وهذا ما اثبته الشعب الليبي والثورة ذاتها وعلي الشعب الليبي بعد أن نجح في ثورته أن يفكر جدياً في استثمار كل جهوده وموارده وامكانياته للنهوض بالبلاد التي أهدرت مواردها في ظل حكم الطاغية القذافي. ويقول الحاج سالم الربيعي من قبائل البدو الموجودة علي الحدود الليبية المصرية إننا كبدو مصر كنا متضامنين مع الثوار الليبيين منذ اللحظة الأولي وحتي النهاية متضامنين معهم ضد الظلم وضد الطاغية القذافي فمنذ يوم 19 فبراير ونحن من الفيوم حتي السلوم قمنا بإمداد الليبيين بإمدادات طبية وأطباء مصريين وقوافل مساعدات وصلت إلي 12 ألف طن. و480 طبيباً متطوعاً في جميع التخصصات كما تم استقبال بعض الحالات في المستشفيات المصرية وتم فتح كل بيوتنا للإخوة الليبيين. وقد شهد احتفال الجالية الليبية باستلام السفارة الليبية موقفاً طريفاً من مواطن مصري اسمه «حمادة» قام بارتداء زي وبروكة شعر تشبه القذافي وقام بتقليده بشكل ساخر. وهو يطلق عليه «حمادة شبرا» وهو أول من قلد القذافي منذ بدء الثورة وقت خروجه بالتوك توك فقلد جميع خطبه لدرجة أن جاءته تهديدات بالقتل من قبل ليبيين يقيمون بمصر.