عن تناقضات المجتمع وازدواجية المعايير وتلاطم أمواج النفس البشرية صدرت حديثًا عن دار «بردية للنشر» المجموعة القصصية «استراحة الملائكة» للكاتب شريف كمال وهى تعد باكورة أعماله الأدبية المطبوعة. يقول الكاتب كمال عن ظروف كتابة المجموعة «لم أكتب يومًا فى حياتى قبل ثورة يناير، عند قيام الثورة كنت قد أتممت الثامنة والعشرين، مع الثورة ربما نمت داخلى انفعالات كثيرة، ربما ميل داخلى للكتابة، لكنى لم أترك قلمى ليلمس ورقة بيضاء إلا بعدها بثلاثة أعوام؛ عندما كنت أقرأ أحد الكتب، استفزنى أحد الأبطال جدًا، وجدت نفسى أقذف بالكتاب وبالبطل معه وبدأت أكتب.. لا أعلم ماذا كتبت، فقط أكتب، عندما نظرت بعدها للورقة؛ وجدتها مجموعة أبيات منظومة بها بعض الصور الشعرية، كنت سعيدًا جدًا بها، انفعلت جدًا لأنى كنت أتمنى أن أكتب، أرى منذ صغرى أن أجمل ما يفعله الإنسان هو أن يكتب، لكنى لم أكن أجد فى نفسى الموهبة. فى ذلك اليوم، تغيرت حياتى ورؤيتى للحياة تمامًا، ربما لأول مرة أفعل ما أحبه. قصص الكتاب تدور حول مشاكل اجتماعية أو فلسفية، ما بين قصص مغرقة فى الواقع مثل «ورود الشهوة» و«دوار» و«استراحة الملائكة» وقصص فانتازيا مثل «حفلة تنكرية» و «تذكرة مترو». يقول «كمال»: «اتتنى فكرة قصة الفانتازيا، تذكرة مترو عندما وجدت تذكرة مترو مكرمشة أمامى على المكتب، كنت أعتصر رأسى محاولًا الوصول إلى فكرة جديدة لقصة، عندما رأيت التذكرة، رسمت خطوط القصة، فكرة مكتملة متضمنة نهايتها إلا من بعض التفاصيل، جميع أشخاصها حقيقية لكنها ربما لم تتقابل بعد.. قصة حفلة تنكرية من أكثر القصص التى استمتعت بكتابتها، كتبتها مرات كثيرة، ربما للاستمتاع بكتابتها أكثر من تعديل محتواها، هى القصة الوحيدة التى لم تشُب مشاعرى تجاه أبطالها شائبة. فى هذه القصة أحببت الشجرة والراقصة حبًا تامًا، أثر فى كثيرًا هذا الصراع بين الإنسان الخطاء من ناحية، والمخلوقات المسيرة من الناحية الأخرى». «استراحة الملائكة» مجموعة قصصية، تتكون من ثمانى قصص تتنوع وتتناول مشاكل اجتماعية، قصص رومانسية، وأخرى تدور فى إطار الفاتنازيا. يعتمد الكاتب على انسيابية السرد، فالسرد بسيط، يبحر بك من حدث لآخر دون أن يتسلل لك شعور بالملل إلا فى أوضاع قليلة. يعتمد أيضا على الوصف والتشبيهات لتوصيل صورة مرئية حية، ورغم جودة الصور إلا أنه يسهب فى استخدام الصور بعض الأحيان مما يوقف انسيابية السرد، كما عبر الكاتب عن إحساس المرأة الداخلى وانفعالاتها والضغوط التى تتعرض لها فى المجتمع. يلجأ الكاتب إلى الفانتازيا فى قصتين (حفلة تنكرية، وتذكرة مترو)، حيث يقوم بتطويع أشخاصه الخيالية (شجرة فى القصة الأولى وتذكرة مترو فى القصة الثانية)، يقوم بتطويعهم لخدمه رؤيته الذاتية وفكره. وإذا كان فى قصه حفله تنكرية قد غلبه قليلا الفكر الفلسفي، فطغى على الدراما وتفاصيل الأبطال، فقد نجح فى تلافى هذا العيب فى قصة «تذكرة مترو»، مجرد تذكرة مترو معفرة ملقاة أرضا، رسم الكاتب بوضوح ملامحها المادية كأنها إنسان له جسد، رسم أيضا لها سمات نفسية حادة، ليحدث التحول الدرامى المفاجئ فى صراعها مع رجل كبير السن، نهاية القصة مفاجئة حيث يبتعد الكاتب فى هذه القصة عن النهايات المفتوحة بعكس أغلب قصص المجموعة، بل نهاية صادمة.