قال المستشار هشام جنينة الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة في حوار ل«روزاليوسف» إن الانتخابات البرلمانية المقبلة سوف تعزز الثقة في القضاء والانتخابات نفسها شريطة أن يتم ذلك بمشاركة وإرادة سياسية وكذلك رقابة من منظمات المجتمع المدني علي الانتخابات مع الوضع في الاعتبار أن الرقابة الدولية علي الانتخابات المصرية لا تمس السيادة المصرية. وشدد «جنينة» علي ضرورة عدم الضغط علي المؤسسة القضائية حتي تصدر أحكاما بعينها لصالح الثوار. إن هذا ينافي مبدأ العدالة التي تعطي الحق للمتهم في الدفاع عن نفسه وتطبق القواعد الإجرائية القانونية في المحاكمات. وإلي نص الحوار... ما تقييمكم للوضع الراهن؟ - مما لا شك فيه أن مصر تمر بمرحلة خطيرة.. لأنه عقب كل ثورة أخطر مرحلة فيها هي المرحلة الانتقالية التي تمر بها الثورة.. إذا تكاتف أبناء الشعب لإنجاح الثورة.. وذلك من خلال مؤسساتها وأن الدولة قادرة علي تصحيح أوضاع كانت خاطئة وهذا يتطلب جهدا وعرقا. وأقول إنه بعد الثورة أصبحت كل الاتجاهات تطرح نفسها وبقوة.. الكل يدلي بدلوه بمنتهي القوة.. والمطلوب أن تتوحد الجهود هذه الفترة لتحقق مطالب الثورة وإذا كان هناك خلاف في الرؤي فلا يجب أن يصل بنا إلي حد الخلاف أو الاشتباك. وماذا عن خصوصية القضاء خلال هذه المرحلة؟ - إذا كنا سنتحدث عن خصوصية القضاء خلال المرحلة الانتقالية.. والقضاء حاليا هو الذي يقع عليه العبء الأكبر لتجاوز هذه المرحلة بسلاسة ويسر من خلال تطبيق معايير العدالة الحقيقية.. وهذا ليس معناه انحياز لطرف ضد طرف، وليس أن أكون قاضيا من وجهة نظر الآخرين أن أصدر أحكاما بعينها.. ولكن القاضي الحق هو الذي يصدر حكمه بشكل مجرد ومعني هذا أن كل الأصوات التي تنادي بأحكام مسبقة وتستبق المحاكم في أحكامها هو مظهر غير حضاري وفي منتهي الخطورة.. لأنه من مظاهر التحضر في أي مجتمع ينادي بالعدالة والمساواة فلابد أن يمنح أجهزته القضائية الفرصة لتحقيق هذه العدالة من خلال معايير متفق عليها لأنه لا يمكن أن نطبق معايير الشارع من خلال أحكام خاصة به يصدرها.. ويطلب من القاضي أن يصدرها أو ينطق بها فالشارع في أي مكان يطالب بإعدام قتلة الثوار علي سبيل المثال.. وبالتالي كيف لك أن تعلم أن فلانا هو من قتل.. وبالتالي من الجائز أن يتم اتهام شخص ما بأنه من قتلة الثوار.. ولكن أمام المحكمة يتضح أن هناك آخر هو من قام بالقتل.. وفي هذه الحالة يتم إدانة شخص بريء.. وبالتالي لابد أن يترك للتحقيقات القضائية الفرصة لإصدار أحكامها. هل أنت راض عن حالة التشكيك التي يقودها البعض ضد الأحكام الصادرة عن محاكم أول درجة؟ - التشكيك هنا يقلق لأنه يعد نوعا من الترهيب علي المحاكم.. وعلي القضاة لأن القاضي قبل أن يحاسبه الشارع فهو يضع أمام عينيه أنه سوف يحاسب يوم القيامة. أقول هنا إنه يجب علي كل صوت عال أن يهدأ ويترك الفرصة للمحاكم والقضاة أن يأخذون وقتهم لإصدار الأحكام.. ويجب عدم التشكيك في المؤسسات التي انحازت للإرادة الشعبية سواء المؤسسة العسكرية التي وقفت ضد رغبات النظام في قمع الثورة.. وكان في إمكانهم هذا.. ولأن الجيش يعتبر نفسه جيش الشعب وليس النظام فقد انحاز للإرادة الشعبية ووقف ضد النظام في وقت عصيب نفس الأمر ينطبق علي المؤسسة القضائية. هناك تخوفات داخل المؤسسة القضائية من طرح القضايا المتداولة الآن أمام المحاكم الدولية؟ - نقل المحاكمات التي تتم الآن داخل مصر إلي محاكمات دولية أمر في منتهي الخطورة ومن التشكيك في القضاء المصري لأن القضاء المصري أثبت من واقع عملي أنه وقف ضد النظام السابق في عنفوانه وقال كلمة حق في وقت كان كثيرون يخشون قول الحق أمامه.. وبالتالي لا يجوز تحت أي مبرر أن يتم التشكيك في صدق توجه القضاء وإحقاق العدالة لأن العدالة لا يصح أن تفرض بمنطق الشارع.. ويذكرني هنا مقولة تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية عندما جاء إليه أحد القادة العسكريين وقال له إن هناك محكمة مجاورة للمطار العسكري أمرت بإغلاق المطار لأنه يسبب ازعاجا للناس وأنا أطلب منك بوقف هذا الحكم فرد عليه تشرشل قائلا أفضل لبريطانيا أن تهزم في الحرب علي أن يقال إنها امتنعت عن تنفيذ حكم قضائي.. وهذا هو معني القضاء في الدول العريقة التي تعني منطق العدالة. هذا يجعلني أطرح عليك سؤالاً.. مرتبطا بالثقافة المجتمعية للشارع.. ومدي إدراكه لحقيقة الدور الذي تلعبه مؤسساته؟ هذا صحيح.. وهذا نظام أفسد تركيبة الشخصية المصرية التي كان يشهد لها في كل مكان بالعالم.. أدي لغياب كل المعاني القيمة التي كانت موجودة بالشارع المصري. هناك عدد من القضاة نزلوا ميدان التحرير.. هل هذا يليق برجل المنصة وطرحوا اسماء زملاء لهم بأنهم فاسدون؟ شوف.. أنا كقاض لي رؤيتي وخصوصية تجعلني أكثر تمسكًا بمواقفي.. ولا يقلل انحيازي للثورة أن أطلق لنفسي العنان في أشياء قد لا يرتضيها المجتمع القضائي! ولكن هناك اختلافا في الأساليب. لكم تصريحات تقول إنه تجب محاسبة القضاة المتورطين في علاقة مع قطاع أمن الدولة المنحل؟ أنا قلت فقط إن الثوب القضائي أصابه ما أصاب باقي المؤسسات من حالة افساد ممنهج علي يد النظام السابق.. الذي عمل علي افساد قطاع الصحافة، والتشريع وكل الوزارات التابعة له.. ولولا الكم الهائل من الإفساد لما رأينا هذا العدد من الوزراء ورؤساء الوزراء السابقين داخل السجون والنظام عندما يحاول إفساد القضاء له أساليبه.. إما أن يستخدم سياسة الترغيب والترهيب أو من خلال ذهب المعز. هل تري أن حالة السخط الشعبي علي الأحكام وعلانية المحاكم بالرغم من المطالب السابقة بهذا المعني بحجة بطء التقاضي تقف وراءها أياد خارجية؟ مما لا شك فيه أن حالة الانفلات الموجودة. وكذلك ما حدث في أعقاب الثورة هو السبب.. ومصر حتي الآن دولة آمنة ومازلنا متمسكين بالمصالح العليا للوطن.. وكون أن هناك بعض الأصوات العالية بين الثوار فهذا لا يجعلنا نشكك في وطنية أحد. ويجب التفرقة أيضًا هنا بين أمرين الأول مرتبط بالرعاية بأمن الضحايا اجتماعيا من خلال الدولة وذلك تكريمًا لهم.. ولابد أن يكون واجب الدولة وأجهزتها في رعاية أسر الضحايا والثاني مرتبط بمطالبة الشارع بسرعة الأحكام.. وهذا المطلب قد يكون الشارع محقا فيه لأنه لا يوجد تعارض بين سرعة العدالة والمحاكمة.. وهنا أطالب بإلغاء العطلات القضائية.. وعلينا أن نعي جميعًا ذلك وأننا في ظرف استثنائي. هل تعتقد أن مجلس القضاء الأعلي سوف يشهد إعادة ترتيب داخل أوراقه فيما يخص العديد من القرارات التي كانت تتخذ خلال الفترة الماضية؟ القضاء به العديد من الظواهر التي تحتاج إلي تعديل منها اختيار رؤساء المحاكم الابتدائية ودورهم الخطير في الانتخابات المحلية والبرلمانية وكذلك نقل تبعية التفتيش القضائي ولا يكون هناك سلطة لوزير العدل علي القضاة! لكم تعليق علي الانتخابات دائمًا؟ انتخابات 2005 تمت علي ثلاث مراحل.. والمرحلة الأولي الكل شهد أنها نزيهة.. ولكن في المرحلتين الثانية والثالثة أطلقت يد وزارة الداخلية بعدما طلب من وزير العدل السابق المستشار محمود أبوالليل «شفاهة» الابتعاد عن الانتخابات رغم أنه قانونًا رئيس اللجنة العليا للانتخابات وقلنا وقتها إن بعض الدوائر فقط كان يهم النظام والسلطة تزويرها وكان يختار لها قضاة بالاسم للأسف الشديد وهذه الوقائع ثابتة من خلال زملائنا المشرفين علي اللجان العامة وأقول هنا في بعض اللجان التي حدث بها تزوير محدود.. السلطة خافت من إشراف القضاة بشكل كامل وعدلت الدستور وأبعدتهم.. وأقول هنا إن انتخابات 2010 يسأل فيها اللجنة العليا للانتخابات وليس القضاة أنفسهم لأن هذا دورها.. وواجبهم أن يسألوا عن العملية الانتخابية. إذن ما تصورك للانتخابات المقبلة؟ في تقديري أن الانتخابات المقبلة ودور القضاء فيها سيكون مهمًا وحيويا وخطيرًا لأنه سوف يعزز الثقة في القضاة والانتخابات ولكن الانتخابات المقبلة لن يكون العامل الأساسي فيها هو القضاء فقط، ولكن الإرادة السياسية الحقيقية، وكذلك المشاركة من جانب منظمات المجتمع المدني.. وليس هناك مانع أن تكون هناك رقابة خارجية علي الانتخابات ولا أري هنا غضاضة تمس السيادة المصرية في وجود مراقبين دوليين علي الانتخابات.