احتفل الكاتب والطبيب أحمد عبد المنعم رمضان مؤخرا بصدور روايته الجديدة «رسائل سبتمبر» بمكتبة آفاق بوسط القاهرة، وسط حضور عدد كبير من الجمهور والكتاب، وشارك فى مناقشة الرواية كل من الدكتور والناقد شاكر عبدالحميد والروائية والناقدة الدكتورة لنا عبد الرحمن. الرواية الصادرة عن دار توبقال المغربية للنشر، هى العمل الأدبى الثالث للكاتب أحمد عبد المنعم رمضان، بعد رواية «رائحة مولانا»، الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والمجموعة القصصية «فى مواجهة شون كونرى»، الصادرة عن دار روافد للنشر والتوزيع. تدور أحداث الرواية فى القاهرة فى شهر سبتمبر اللاحق على أعوام الثورة، حينما تنتشر فى المدينة بشكل مباغت رسائل غامضة تتسبب فى اضطراب ولغط كبيرين بحياة القاهريين اليومية وتدفع أهل المدينة نحو أسئلة مربكة عن مسار حياتهم.. فى البداية أشارت الناقدة لنا عبدالرحمن إلى أن العمل يحمل مفارقات عديدة بدأ من العنوان الذى يوحى بحالة من الرومانسية والإرث التاريخى عبر كلمتى الرسائل وسبتمبر وما يحمله من خصوصية طقسية فهو شهر فى نهاية الصيف وبداية الخريف وبالتالى له دلالات عاطفية وإنسانية مهمة، وبشكل شخصى فقد استدعى هذا العنوان حالة ساحرة فى ذهنى تجمع أغانى فيروز والنسيم والبحر. وأضافت لنا عبد الرحمن هذا العنوان المثير والذكى يحمل مفارقة كبيرة ولا يفصح عن مضمون الرواية، الذى يختلف بصورة كبيرة عن هذه التصورات، فالرواية تجمع ما بين الفانتازى والواقعى، فالأحداث تبدو فانتازية للغاية فى حين تدور فى واقع حقيقى ومعاش. ومن جانبه قال الدكتور شاكر عبد الحميد إن الرواية فيها ثلاث محاور أساسية؛ الأقنعة والموت والإعلام، وهناك أقنعة أخرى تجمل أشكال متنوعة، والمقصود ليس فقط الأقنعة الصريحة التى يتم ارتداءها على الوجوه؛ فالبدلة أيضا قناع؛ وطريقة اللبس؛ الخ. وأضاف: الرواية ترصد الفترة الممتدة عقب ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن وتربط بين الأقنعة والإعلام والزيف المنتشر خلفهم، وبين حالة من الفانتازيا تسخر من هذه العبثية التى حكم واقعنا وتصنعه بصورة متجددة ومستمرة. ومن جانبه قال أحمد عبد المنعم رمضان» بدأت فى كتابة الرواية فى منتصف 2013، وانتهيت منها فى نهاية 2015، وعلى مدار الرواية هناك حالة من المزج بين الواقع والخيال وحرص على طرح المزيد من الأسئلة أكثر من البحث عن إجابات مع ترك مساحة للقارئ ليكون شريكًا فى العمل وفاعلًا فى الأحداث وليس مجرد متلق للحكاية».. وأضاف «فى ثالث كتبى، أتعاون لأول مرة مع دار غير مصرية، وهى دار نشر عربية عريقة. أظن أن النشر فى مصر يمر بأزمة فنية، بالرغم من تعدد دور النشر وزيادة أعدادها بشكل كبير فى السنين الأخيرة، إلا أن الناشرين المصريين فى أغلبهم لا يهتمون بالترويج لكتبهم أو توزيعها بشكل مرض، وبعضهم يتفرغ لاستنزاف الكُتاب ماديا، ولذلك يبحث البعض - وأنا منهم - عن منفذ آخر يطلون منه على عالم جديد وجمهور مختلف بالإضافة إلى قرائهم المصريين». أوضح أحمد عبد المنعم أن هذا التعاون ليس الأول بين دار توبقال المغربية والكتاب المصريين حيث سبق وأن نشرت الدار أعمالا لكتاب مصريين كبار مثل سعيد الكفراوى وأحمد فؤاد نجم، فتعد دار توبقال من أكبر دور النشر العربية والمغربية، حيث ترشحت فى القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد فرع النشر والتقنيات الثقافية فى دورتى 2015 و 2016، كما أنها نشرت لعدد من كبار الكتاب العرب مثل محمود درويش، أدونيس، محمد بنيس وعبد الفتاح كيليطو.. وفى ختام الندوة قراء أحمد عبد المنعم مجموعة من مقاطع الرواية منها «الحر ذاته والرطوبة نفسها، تحدثت مذيعة الأرصاد الجوية عن موجة حارة قادمة من شبه الجزيرة العربية، وإن بدا أن تلك الموجة قد بدأت ومستمرة منذ شهور مضت دون توقف. تقلص الشتاء فى الأعوام الأخيرة إلى أيام قلائل، لا تتجاوز الشهرين على أقصى تقدير، وبات أغلب العام صيفا مستمرا بدرجات متباينة، أما الربيع والخريف، فكأى ضعيف قليل الحيلة تم دهسهما وضاعا تحت سطوة الصيف، لم يبق منهما إلا مواعيد فى التقويم الرسمى وأغان لسعاد حسنى وفريد الأطرش». وقراء أيضًا المقطع التالى الذى يعكس أجواء الفانتازيا الممتزجة بالواقع المعاش «يقولون أننا- نحن القاهريين- معتادون على الموت أكثر من غيرنا، وأن تجربة الرسائل ستكون أسهل تطبيقا فى القاهرة، فجنود عزرائيل أكثر ما يكونون بيننا، الكل هنا يعمل لصالحه بشكل أو بآخر، سائقو الميكروباصات، رجال الشرطة، مهندسو الطرق، المسئولون، العاملون فى وزارة الصحة، رؤساء الأحزاب، القيادات، الساسة ورجال الدين، الحكومة، القضاة. نحن - القاهريين - معتادون على الموت ومدركون منذ طفولتنا أن عزرائيل دائما موجود ها هنا فى مكان ما، وأنك قد تصطدم بكتفه فى المترو أو تتعثر بقدمه فى الطريق، إلا أن هيئته الخفية وخطواته السرية ساعدت الناس على تجاهله وتناسيه. ولكن عندما باتت خطواته جلية واضحة، وهو على أية حال وضوح غامض إن جاز التعبير، أصابت الغصة جميع الحلوق».