عند ظهور أعمال فنية لروادنا معروضة للبيع فى مزاد علنى أو ملكية خاصة قد تصيبنا الشكوك كيف وصلت هذه اللوحات إلى المزادات أو إلى الأفراد؟ وهل هى من مقتنيات الدولة وسرقت من متاحفنا؟، أم هى إحدى لوحاتنا وكانت معارة وحصل عليها أشخاص آخرون؟، أم أنها ملكية خاصة وموثقة. مع الأسف لدينا معلومات وتراكمات مشوشة عن لوحات رودانا ونفتقد الحقائق، وحين نبدأ بالبحث عن مرجعية توثيقية لا نجد ما يؤكد لنا شكوكنا.. أو حتى ينفى الشكوك، وإن وجدنا مصادر قد لا نأخذ بها 100% لأنها تتناقض مع مصادر أخرى، لذلك كثيرا ما كتبنا عن أهمية وجود التوثيق الأرشيفى، ولكن قد لا يمنع وجود كتالوج موثق استمرار عالم التزوير أو عالم السرقات بل على الأقل تساهم الكتالوجات التوثيقية فى كشف الحقائق. ورغم علمنا أنه يصعب الحصول على تفاصيل كاملة للكتالوج قبل تدشينه إلا أننا سعداء ونفخر بأن القائمين على الكتالوج منحو «روزاليوسف» الثقة لنكون أول صحيفة مصرية تنشر العديد من التفاصيل. ■ «الكتالوج المسبب» للفنان محمود سعيد ومن مبدأ التوثيق المميز المصحوب بالإثبات خرج إلينا «الكتالوج المسبب» للفنان للأعمال الفنية الكاملة للفنان محمود سعيد 1897- 1964، استغرق إعداده خمس سنوات، والكتالوج مبادرة من الباحثة «فاليرى ديديرهيس» بدار «كريستيز» بالتعاون مع د. «حسام رشوان» الباحث فى تاريخ الفنون، الكتالوج إنتاج فرنسى مصرى يتكون من 900 صفحة، وينقسم إلى مجلدين كبيرين باللغة الإنجليزية، سوف تضاف على موقع «كتالوج محمود سعيد» على شبكة الإنترنت www.mahmoud-said.com كل ما يستجد من اكتشافات للوحات محمود سعيد، والتى تم الوصول إليها بعد الانتهاء من طبعة الكتالوج، وهذا ما توقعه المؤلفون أن ربما تظهر أعمالا أخرى لمحمود سعيد، سوف يقام حفل الإصدار الأول للكتالوج خلال وقائع مزاد «كريستيز» المقبل من 15 مارس حتى 18 مارس 2017، ويتزامن تدشين الكتالوج والمزاد مع مئوية الفنان محمود سعيد. ■ الخطوات الأولى لمشروع الكتالوج من استطلاعاتنا لصفحات الكتالوج يتضح أن الخطوات الأولى للبدء فى مشروع الكتالوج تمت من خلال تحديد خريطة توضح «شجرة عائلة الفنان محمود سعيد والورثة»، وتتبع مسار العائلة فى كل دول العالم، وإعداد قائمة تفصيلية بكل مكان فى العالم توجد فيه لوحات محمود سعيد، والبحث عن مقالات قديمة كتبت فى عهد محمود سعيد، وصور فوتوغرافية له وأسرته وأصدقائه، لتتبع مسار كل عمل فنى منذ رسم الفنان، كما هو موضح بالكتالوج أغلب الأعمال تم تصويرها فى مكانها الحالى مثل متحف محمود سعيد بالإسكندرية، متحف الفن الحديث بالأوبرا، وعند عدد من مقتنى أعمال الفنان محمود سعيد بمصر وخارجها. آثار مسمى «الكتالوج المسبب» جدلًا فى الأوساط الفنية عن سبب التسمية ومعناها وأنه مصطلح غير معتاد، ولهذا حرص مؤلفو الكتالوج أن تكون الصفحات الأولى للمجلد الأول وصف وشرح المصطلح وأهميته وسبب اختياره عن غيره من المسميات. ■ شروط الكتالوج المسبب ف« الكتالوجِ المُسبَّبِ» يجب أن تتوافر فيه شروط عامة هى صور العمل الفنى، وبجانبها يوضع مواصفات اللوحة بالتفصيل من حيث «المقاس-طول وعرض» – الخامة المستخدمة (زيت على Borad – أو رسوم على ورق-تاريخ إنتاج العمل– واسم العمل بحسب مسميات الفنان كما سجلها الفنان فى اجندته الخاصة- ولم يؤخذ بمسميات واجتهادات النقاد المتداولة بالخطأ- خط سير كل عمل كل التفاصيل السابقة مصحوبة بمواد ورقية أرشيفية وثائقية مثل مطبوعات ودوريات عن المعارض التى شارك فيها الفنان حيث تؤكد نسب اللوحة للفنان. اعتمد معدى الكتالوج على أرشيف الفنان، مما يؤكد دقة محمود سعيد فى توثيق أعماله بنفسه، بالإضافة إلى حرص أسرته والورثة على الحفاظ على كل ورقة مهما كانت حجمها، محمود سعيد يعتمد أساسا على اللغة الفرنسية فى مسميات اللوحات، وأحد أهم وسائل التوثيق التى اعتمد عليها هو منزل «حسين باشا سعيد، شقيق محمود سعيد»، والذى منح الكتالوج العديد من الأسرار، من بينها مجموعة صور فوتوغرافيا بداخلها محمود سعيد يرسم لوحاته الشهيرة، بالصور خلف محمود سعيد يوجد لوحاته الشهيرة معلقة فى المنزل. ■ المجلد الأول من الكتالوج المسبب يتضمن عدد 382 لوحة زيتية، تكشف عن وجود أعمال مكررة رسمها الفنان مرتين ولوحات تحضيرية نفذها الفنان تسبق بعض الأعمال المشهورة، بالإضافة إلى 36 عملا لم يتم الاستدلال عليها، ومن ضمن 382 عملا فنيا، تم اكتشاف 56 عملا لدى المقتنين تنشر لأول مرة، وأيضا و51 عملا تم تصويرها لأول مرة من مواقعهم، ثم إحدى عشرة مقالة نقدية تم إعدادها خصيصا للكتالوج بقلم مجموعة من النقاد المصريين والأجانب من بينهم د.ندى شبوط، د.أمل نصر، د.ماجدة سعد الدين، د.محمد سالم، رواية الشافعى، فاليرى دى هيتس، عز الدين نجيب وغيرهم. ■ المجلد الثانى من «الكتالوج المسبب» يتضمن عدد 379 عملا ورقيًا رسمت على ورق، أغلبها لم ير من قبل، ومن غير توقيع الفنان، لكن مصدرها أجندة الفنان 238 صورة فوتوغرافية من أرشيف الفنان والأسرة. بالإضافة إلى سبع عشرة مقالة منشورة من قبل، وهى كل من كتب عنه فى عهده من بينها مقالتان كتبهما محمود سعيد إحداهما بعنوان «قصتى مع الفن» تنشر لأول مرة، ومن بين كتاب المقالات بدر الدين أبو غازى، أحمد راسم، محمد صدقى الجباخنجى، عبد الرحمن صدقى، مصطفى سويف، حسين بيكار، وسعد الخادم وغيرهم. اسكتشات أغلبها لم تر من قبل وموقعة كراسات الرسم الهندسى وكراسات الخط العربى خلال المراحل الدراسية المدرسية بالإضافة إلى كراسات الاسكتش الخاص حين كان يدرس فى أكاديمية «جوليان بباريس» ■ سبب اختيار مسمى «الكتالوجِ المُسبَّبِ» catalogue raisonné فقد جاءت الدراسة القانونية من المجلد الأول، والتى قدمها «ياسر عمر أمين» الباحث فى مجالِ المِلكيَّةِ الفِكرِيَّةِ وقانونِ سُوقِ الفنِّ، وباحثٌ فى مجالِ المِلكيَّةِ الفِكرِيَّةِ وقانونِ سُوقِ الفنِّ المستشار القانونيُّ للمشروع الكتالوجِ المُسبَّبِ للأعمال الفنيَّةِ الكاملةِ للفنان محمود سعيد، فقد أوضح لنا « أمين: لفظ «مُسبَّب» كصفة للكتالوج سبب اختيارى لها وتفضيلها على غيرها كمصطلح دقيق لمضمون معلوم. أنها تعكس فى طياتها كَنَهِ الطبيعة الخاصة «للكتالوج المُسبَّب»، وكذا الفلسفة التى يقوم عليها دعائم ذلك المنهج الذى يسلكه الكتالوج، ناهيك عن وظائفه التى كُرِّستْ له قضائيًا فى ضوء قانون سوق الفن. الذى جعل للفظ «مُسبَّب» وصفًا لصيقًا وملازمًا لمثل هذه الكتالوجات فى تاريخ الفن، لما تخضع له من «عملية تكييف» خاصة، تتطلب توافر معايير محددة، تدفع به باتجاه «المُسبَّب». وهذا ما جعل للكتالوج كيفية وكَنَهَ مخصوصين، أضفتا بدورهما على الكتالوجات طابعًا فريدًا، يُفرِّدها بالكُليَّة عن غيرها من المؤلَّفات. و«الكتالوج المُسبَّب» - فى صورته هذه-لا يقتصر على مُجرَّد فكرة جرد وتجميع الأعمال الفنية؛ لكنه يسير وفقًا لاستراتيجية مخصوصة، لا تخلو بطبيعتها من المنطق القانونى والرؤى الفنية، أو بالأحرى وفقًا لأسلوب مقنن وترتيبٍ محدد، مُصنِّفًا فيه الأعمال الفنية طبقًا لمعايير خاصة مُسبَّقة اُصْطُلِحَ عليها. ومن هنا، كانت «المُسبَّب» صفة لموصوف (الكتالوج)، كونه يحمل فى طياته وبحق حُجَّةَ مصدر العمل الفنى، لما يقوم به من حصرِ وتتبُّعِ وتحديد وتوثيق وتأريخ وتأكيد لصحة الأعمال الفنية الكاملة للإنتاج المتكامل للفنان إلخ، فى ضوء قانون سوق الفن. ومن ثم، يظهر وجه الاختلاف جليًّا فيما بين «الكتالوج المُسبَّب» وغيره من «المؤلَّفات الأخرى»، ومن هنا، تكمن الحكمة فى إطلاق كلمة «مُسبَّب» دون غيرها، لقدرتها على اختراق لُبِّ مقصدنا، باعتبارها هى الترجمة الأنسب-من وجهة نظرنا-لما يحويه مفهوم «الكتالوج المُسبَّب» فى إطار النظام القانونى الذى كرَّسه القضاء الفرنسى. ■ قيمة الكتالوج وعن قيمة الكتالوج أوضح «أمين»، أنه يعد الأول من نوعه على مستوى العالم العربى أجمع «بالمعنى الحرفى للكلمة» وكم حَلِمْتُ بها فى أن نُوثِّقَ أعمال رُوَّادنا الفنيَّة، من خلال إعداد «الكتالوجات المُسبَّبة»، المُتعارف عليها فى سُوق الفن، وتكمن قيمة أول كتالوج مسبَّب للإنتاج المتكامل للفنان محمود سعيد على وجه الخصوص أنه بلا منازع أهمَ عملٍ بحثيٍّ موسوعيٍّ فى تاريخِنا الفنيِّ المُعاصرِ، بما لهُ من تداعياتٍ فنيَّةٍ وقانونيَّةٍ لا حدَّ لها-كونه فى ذاته يُجنِّبُنا كثيرًا من المزالِق والمأزق التى قد تشوبُ أعمال الفنان الرَائد، نظرًا لوجود الخلل الواضح الذى كُرِّس فى منظومة التَّوثيق منذ البداية. ■ القيمة القانونية للكتالوج المُسبَّب أشار أمين أن له تأثيره الرَّادع على كل من تُسوِّل له نفسه الإتجار فى مجال تزييف اللوحات الفنية، إذ إنه يُعَدُّ كاشفًا لكل حيل وألاعيب مَنْ يتاجرُ فى مجال تزييف اللوحات الفنية. وعن ملامح الدراسة القانونية التى قدمها الباحث ياسر عمر أمين قال: «يكمن دورى كباحث فى تلك الدِّراسة القانونيَّة المستفيضة والمستفاضة تلك التى تشرَّفتُ بأن تكونَ جُزءًا مُتواضعًا، يُستَهَلُّ به الكتالوج، وتكونَ فاتحةً له، نَطُلُّ من خلال نوافِذِها على عالم النِّظام القانونى لمفهوم «الكتالوج المُسبَّب» من منظور قانون سُوق الفن الدُّولي، والتى بدا لى أن أُعنوِنَها بعنوان: «الكتالوجُ المُسبَّبُ للفنَّانِ محمود سعيد من منظورِ قانونِ سُوقِ الفنِّ الدُّوليِّ: رُؤىَ قانونيَّةٌ وعمليَّةٌ جديدةٌ.