ابن الفارض علم من أعلام التصوف الإسلامى، فقد لقب ب«سلطان العاشقين»، ولد أبو القاسم عمر بن الفارض الحموى الأصل والمصرى النشأة والمُقام والوفاة بالقاهرة فى الرابع من ذى القعدة عام 567ه / 1181 م من أسرة كان تفتخر بنسب متصل بقبيلة بنى سعد التى تنتمى إليها حليمة السعدية مرضعة محمد رسول الإسلام. وقد عاصر ابن الفارض الأحداث المجيدة التى حققها الأيوبيون. فقد ترعرع فى أيام صعود البطل القائد الناصر صلاح الدين الأيوبى إلى ذروة مجده، وعاش فى ظل الملك الكامل فى مصر، وتوفى قبل سقوط الدولة الأيوبية على أيدى المماليك بعدة سنين. وقد بدأ ابن الفارض سياحته الصوفية فى سن مبكرة، فكان يذهب إلى وادى المستضعفين بالمقطم (جبل شرق القاهرة)، ثم يعود من سياحته إلى أبيه الذى كان يلزم ابنه بالجلوس معه فى مجالس الحكم ومدارس العلم حيث كان والده من أهل العلم والورع وكان صحب طريقة ومرشد لمريديها. كما تلقى ابن الفارض علم الحديث على يد واحد من كبار المحدثين فى عصره وهو العلامة الشافعى ابن عساكر الدمشقى (ت 600ه - 1205 م). كما سافر إلى مكة طلباً للفيض الإلهى فى رحابها وعاش بين أودية مكة قرابة خمسة عشرة عاما (613ه - 628ه) فذهب وهو فى العقد الثالث من عمره وعاد وهو فى العقد الرابع من عمره الذى يمثل قمة النضج ومن آثار مجاورته مكة يقول: يا سجيرى روح بمكة روحي/ شادياً إن رغبت فى إسعادى / كان فيها أنسى ومعراج قدسى / ومقامى المقام والفتح بادِ. وبعد رجوعه إلى مصر لم يعمر طويلاً حيث توفى بعد ذلك بأربع سنوات فى يوم الثلاثاء الثانى من جمادى الأولى 632ه - 1235م.ودفن فى اليوم التالى بالقرافة بسطح المقطم. ويؤمن الشاعر أن ذاته هى مصدر الفيض والإمداد على الفضاء الكونى كله بصفاته وأفعاله، ويظهر ذلك واضحا خاصة فى صور الحب والجمال، حيث يكتشف أنه هو الفاعل والمفعول فى الكل : فهو المحب والمحبوب فى آن واحد، وكذلك هو الفاعل فى تاريخ الأنبياء والأولياء كالقطب الأسمى. وفى الحقبة الأخيرة من حياته تولى الخطابة فى الجامع الأزهر وأكمل ديوانه تدويناً وإملاءً. ومن أبرز قصائده قصيدة «نظم السلوك» التى عرفت أيضاً بالتائية الكبرى وتضم 761 بيتاً وعبر الشاعر فيها عن تجربته الصوفية على أكمل وجه. وقد عاصر ابن الفارض الأحداث المجيدة التى حققها الأيوبيون. فقد ترعرع فى أيام صعود القائد البطل الناصر صلاح الدين الأيوبى إلى ذروة مجده، وعاش فى ظل الملك الكامل فى مصر، وتوفى قبل سقوط الدولة الأيوبية على أيدى المماليك بعدة سنين. ويرجع المستشرق الإيطالى جوزيبى سكاتولين محقق ديوان ابن الفارض الصعوبة التى يلقاها القارىء فى فهم التجربة الصوفية التى عبر عنها ابن الفارض فى شعره وخاصة فى تائيته المبرى إلى غموض مدلولات ألفاظها وعباراتها. ويقسم التجربة الصوفية عند ابن الفارض إلى ثلاث مراحل أساسية هي، الفرق: فى هذه المرحلة يصف الشاعر الصوفى حالة التفرقة والتمييز عن محبوبته التى يخاطبها هو بلغة حب عميقة. الاتحاد: وفى هذه المرحلة يصف الشاعر حالة الوحدة بينه وبين حبيبته، أما فى المرحلة الثالثة فالشاعر يصف حالة الوحدة والاندماج بين ذاته وكل الموجودات. وتسلسل هذه المراحل ليس جامدا أو استاتيكياً ولكنه تسلسل حركى ديناميكى؛ بل يتحول هذا التسلسل إلى حركة صعودية متسعة إلى آفاق أعلى وأوسع. ويرى سكاتولين أن التسمية التقليدية لابن الفارض ك«سلطان العاشقين» لا تعبر عن عمق تجربته الصوفية وأبعادها البعيدة، ولكنه يرى ابن الفارض هو شاعر «الأنا الجمعى» الذى يجد حقيقة ذاته فى الاندماج التام مع الحقيقة العليا التى هى فى الاصطلاح الصوفى «النور المحمدى» أو «الحقيقة المحمدية» أو «الإنسان الكامل» فليس وصف الحب والجمال فى شعره إلا جزءاً محدوداً ومرحلة عابرة فى سفره الصوفى الذى يهدف إلى آفاق أعلى وأوسع وهى «بحار الجمع» أى تلك الحقيقة النورية العليا التى هى مصدر الكل ومرجع الكل.