استمعت جيدًا لحديث الدكتور نبيل العربى أمين عام جامعة الدول العربية عن حصاد عام مضى، وما قامت به الجامعة العربية من جهود لحل الأزمات الكثيرة والمعقدة التى تمر بها الدول العربية ونتائج تلك الجهود، لكن ما اثار الانتباه والاستغراب هو إصراره على ان للجامعة العربية دورًا حتى الآن فى جهود التسوية وحل الأزمة السورية والليبية على حد سواء. فعن اى دور يتحدث الدكتور نبيل العربى؟. الأزمات التى المت بالدول العربية تفاقمت واتسعت رقعتها وتشابكت اطرافها وتعقدت بحيث أصبحت اكبر واعقد من أن تتدخل فيها جامعة الدول العربية أو أن تحلها، صحيح ان الجامعة العربية بدأت بداية القصيدة فى ليبيا ولكن النهاية ليست من صياغتها، الأزمة الليبية منذ ان بدأت فى 2011 وهى خارج إطار الجامعة العربية خاصة بعد أن دعت مجلس الأمن لضرب ليبيا بعد القرار الشهير والذى وضع ليبيا تحت الفصل السابع لمجلس الامن وحتى الآن.. الجامعة العربية لم تستطع إخراج ليبيا من تلك الكبوة التى وضعتها فيها، صحيح أن القرار اتخذا إبان سلفه عمرو موسى؛ إلا أننا هنا لانتحدث عن اشخاص وانما عن مؤسسة. وفى الأزمة السورية لم يكن حال الجامعة العربية أفضل عن مثيلتها الليبية، اذ عقد فى العام الماضى اجتماعات فيينا سواء الرباعية أو الموسعة، حضر الجميع وغابت الجامعة العربية. الجامعة العربية همشت نفسها كليا، منذ أن قررت تجميد عضوية سوريا فيها، وانحازت إلى جانب طرف ضد آخر فى الأزمة، نتيجة لضغوط حكومات خليجية، سيطرت على آلية صنع القرار داخل الأمانة العامة، وقامت بشكل فج ومخالف لميثاق الجامعة العربية وكافة مواثيق المنظمات الدولية بان سمحت للمعارضة بشغل مقعد سوريا أثناء القمة العربية 2013 بالدوحة فى سابقة تعد الاولى من نوعها . وعلى الرغم من أن القضية السورية احتلت أولوية على اجندة اجتماعات الجامعة العربية المتخمة بالقضايا والمشاكل والأزمات؛ إلا أن دورها اتسم بسوء التقدير والهامشية وسيطرة طرف واحد داخل الجامعة على صنع القرار بشأن الأزمة السورية، خمس سنوات وجامعة الدول العربية بعيدة عن الأزمة السورية، ومقعد سوريا فيها شاغر على عكس الاممالمتحدة التى ظلت ملتزمة بتمثيل سوريا فيها. وعن اليمن فحدث ولاحرج، فمنذ بدء الأزمة اليمينة وهى خارج اطار الجامعة العربية فقد استأثر بها مجلس التعاون الخليجى سواء سياسيًا وعسكريًا، واقتصر دور الجامعة على التاكيد على ما يصدر عن مجلس دول الخليج. القضية الفلسطينية هى الاخرى تراجعت ولم تعد تلك القضية التى تسيطر على الشارع العربى أو المحافل السياسية العربية، وذلك نتيجة حتمية لما استجد على الساحة العربية، بحيث جعلت كل دولة عربية تنشغل بأمورها الداخلية، وحتى وان كانت الدبلوماسية الفلسطينية حققت نجاحات على حد وصف «العربى»؛ إلا أن تلك النجاحات لا ترتكز على أرضية صلبة، وتذكرنا بمن امتدحوا وكتبوا فى أوسلو الكثير، لكن اين هى أوسلو الآن؟ العام المنصرم شهد الإعلان عن مقترح إنشاء القوة العربية المشتركة خلال اجتماعات القمة العربية لكن الجامعة العربية لايمكن لها أن تحدد مصير هذا الاعلان، وأقصى ما يفيدنا به الامين العام بهذا الصدد هو أنه لاتزال قيد الدراسة كغيرها من المشاريع العربية المشتركة التى اعلن عنها مع قيام الجامعة العربية ولم تر النور حتى الآن. الجامعة العربية لم تكن لاعباً فاعلاً فى أى وقت من الأوقات وظلت دون مستوى التحدى الذى يواجه الامة العربية، فعن اى حصاد يتحدث العربى؟. معالى الأمين العام الإصرار على البقاء يعتبر فى حد ذاته نجاحًا حتى ولو كان بقاء العاجزين «نحمد الله ان الجامعة العربية لاتزال باقية فى وقت لم يعد مقدرًا لعدد من الدول العربية ان تكون موجودة كما كانت فى السابق».