محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادًا لعيد الأضحى المبارك    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    الدكتور هاني سويلم يتابع حالة الري بالبحيرة خلال فترة أقصى الاحتياجات المائية الحالية    افتتاح أول مصنع لإنتاج كباسات أجهزة التبريد في مصر باستثمارات 5 ملايين دولار    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادا لعيد الأضحى    الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ خطة "عربات جدعون" لتهجير الفلسطينيين.. السيطرة على 75% من الأراضي    المنتدى الاقتصادى الأبرز.. أخر مستجدات تعزيز العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    مواعيد مباريات اليوم الأحد 25-5-2025 والقنوات الناقلة لها    موجة شديدة الحرارة تجتاح البلاد اليوم الأحد.. الأرصاد تحذر من نشاط الرياح المثيرة للأتربة    التضامن الاجتماعي تواصل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    سهل وخرجنا من نص الوقت.. فرحة على وجوه طلاب أولى ثانوي بسوهاج عقب أداء امتحان التاريخ "فيديو"    بعد قليل.. بدء أولى جلسات محاكمة "سفاح المعمورة" أمام جنايات الإسكندرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى للاطمئنان على الخدمات المقدمة لهم    مقتل 3 في كييف جراء ضربات جوية روسية جديدة    وزير الزراعة يتفقد المزارع والمشروعات الإنتاجية بدير مارمينا بالإسكندرية    قبل 3 أسابيع من مواجهة الأهلي .. ميسي ينقذ إنتر ميامي من الهزيمة فى الدوري الأمريكي (فيديو)    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    بكاء كيت بلانشيت وجعفر بناهي لحظة فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    الكشف على 680 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية العروبة بالبحيرة    موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز .. اعرف التفاصيل    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    ليبيا..تسريب نفطي في أحد خطوط الإنتاج جنوب مدينة الزاوية    "مساهمات كثيرة".. ماذا قدم محمد صلاح في مبارياته أمام كريستال بالاس؟    إصابة عدة أشخاص في أوكرانيا بعد ليلة ثانية من هجمات المسيرات الروسية    تمهيدًا لتعميم التجربة.. مطار الغردقة الدولي يُطلق خدمة جديدة لذوي الهمم    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 25 مايو 2025    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    مصرع ميكانيكي سقط من الطابق الخامس هربًا من الديون بسوهاج    مي عبد الحميد: تنفيذ أكثر من 54 ألف وحدة إسكان أخضر.. ونستهدف خفض الطاقة والانبعاثات    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    اليوم| فصل جديد في دعوى الفنانة زينة ضد أحمد عز لزيادة نفقة توأمها    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    الأردن وجرينادا يوقعان بيانا مشتركا لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يهتم في الشرق الأوسط بما يقوله أوباما؟


كتب - روبرت فيسك
نقلا عن الإندبندنت البريطانية
ترجمة - مي فهيم
شهد هذا الشهر في الشرق الأوسط تراجع مكانة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وليس هذا فحسب بل وشهد تدني مكانة أمريكا في المنطقة منذ مقابلة روزفلت مع الملك عبدالعزيز علي ظهر سفينة "كوينسي" في البحيرة المرة الكبيرة عام 1945 .
وبينما يقوم باراك أوباما وبينامين نتانياهو بمسرحية هزلية في واشنطن، ينشغل العرب بتغيير عالمهم ويخرجون في المظاهرات ويقاتلون ويصارعون ويواجهون الموت من أجل نيل الحريات التي لم يمتلكوها مطلقا. وكان أوباما مترددا بشأن التغيير في الشرق الأوسط وحيال الدور الأمريكي الجديد في المنطقة. وهو أمر مثير للشفقة "فما هذا الدور؟"هذا السؤال قد طرحه علي صديق مصري في الأسبوع الماضي "هل لا يزالون يعتقدون أننا نهتم بما يفكرون؟".
لقد فشل أوباما في دعم الثورات العربية، إلا وهي تلملم ورقتها الأخيرة، وهو ما افقدها قدرا كبيرا من رصيدها في المنطقة. التزم أوباما الصمت حيال الاطاحة بزين العابدين بن علي ولم يفعل الآن سوي الانضمام لكورال الازدراء لمبارك قبل يومين من سقوط النظام بل يكتفي بإدانة النظام السوري الحاكم الذي أمعن في قتل الكثير من أبناء شعبه أكثر من غيره في "الربيع العربي" ولكن لمزيد من الوضوح فأوباما سيكون سعيدا في حال بقاء الأسد ولا يزال صامتا بشكل مذهل تجاه المملكة العربية السعودية هل هناك أي دهشة من أن يدير العرب ظهورهم لأمريكا ليس بدافع الغضب أو التهديد أو العنف ولكن بازدراء؟ ذلك أن العرب والمسلمين في الشرق الأوسط هم الذين يتولون زمام أمرهم الآن.
تركيا ينتابها الغضب من الأسد لوعوده مرتين بالحديث حول الإصلاح والانتخابات الديمقراطية ولكنه فشل في احترام كلمته وبعثت الحكومة التركية مرتين بوفود إلي دمشق والاسد يصر بشدة علي أنه سيستدعي جحافل شقيقه ماهر من شوارع المدن السورية ولكن محاولات الأسد لفعل ذلك قد باءت بالفشل ويواصل الجلادون عملهم بالتعذيب.
ومع تدفق الآلاف من اللاجئين من سوريا عبر الحدود الشمالية اللبنانية تخشي الحكومة التركية الآن من تكرار سيناريو تجمع الحشود من اللاجئين الأكراد العراقيين في أعقاب حرب الخليج عام 1991 بل وضعت خطتها السرية بمنع أكراد سوريا من التحرك بالآلاف نحو المناطق الكردية في جنوب شرق تركيا. وأعرب الجنرالات الأتراك عن استعداداهم لإرسال العديد من كتائب القوات التركية لإقامة"منطقة آمنة" للاجئين داخل الخلافة السورية للأسد وبات الأتراك مستعدين للتقدم نحو الحدود السورية لمدينة القامشلي لتوفير ملاذ أمن للفارين من المذابح في المدن السورية.
من ناحية أخري يحاول القطريون منع الجزائر من إعادة تزويد القذافي بالدبابات والعربات المدرعة ، وكان هذا أحد الاسباب التي دعت أمير قطر، وهو احكم رجال الخليج العربي، إلي زيارة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، في الوقت الذي تحلق فيه طائرات بلاده العسكرية في الاجوارء الليبية من كريت، ويقوم ضباط قطريون ذ وهو ما لم يعلن حتي الآن ذ بتوجيه الثوار داخل مدينة مصراتة غرب ليبيا، إلا أنه في حال تسليم القذافي اسلحة جزائرية لتحل محل المعدات التي دمرها القصف الجوي، فان ذلك يمكن أن يفسر التقدم البطيء بالشكل المخزي الذي تسير عليه عملية التحالف "ناتو" ضد القذافي.
ومن الطبيعي أن كل شيء يعتمد علي ما اذا كان بوتفليقة يسيطر فعلا علي قواته العسكرية ذ او ما إذا كانت "الطبقة الحاكمة" الجزائرية التي تضم العديد من الجنرالات السريين والفاسدين هم اصحاب القرار. والمعدات الجزائرية أفضل من معدات القذافي، وهكذا فانه لقاء كل دبابة يفقدها، قد يحصل علي طراز محسن بدلا منها. وفي جنوب تونس والجزائر وليبيا حدود صحراوية مشتركة بطول 750 ميلا، يمكن استخدامها طريقا سهلة لمرور الاسلحة عبر الحدود.
ويستدعي موقف القطريين حقد الاسد. فتليفزيون "الجزيرة" يركز علي الانتفاضة السورية ذ وصور القتلي والجرحي اكثر ايلاما من اي شيء تجرؤ أخبار التليفزيون الغربية اللينة علي اظهاره ذ وادي ذلك الي مهاجمة التليفزيون الرسمي السوري أمير دولة قطر. وقد اوقفت الحكومة السورية الآن مشروعات استثمارية قطرية بقيمة 4 مليارات دولار، من بينها مشروع يخص شركة الماء والكهرباء القطرية.
ووسط هذه الاحداث الواسعة والملحمية يبدو أن اليمن هو حتي الآن اكبر حمام دماء ، بينما تجاوز عدد "شهداء" سوريا الآن ضحايا قوات الموت التابعة لمبارك قبل خمسة أشهر - فهل هناك ما يدعو الي الدهشة أن تبدو حفلات نتانياهو واوباما غير ذات علاقة؟ لا شك أن سياسة اوباما تجاه الشرق الاوسط - أيا كانت - تبدو في بعض الاحيان مشوشة حتي أنه يندر ان تستحق التمعن فيها. انه بالطبع يؤيد الديمقراطية - ثم يقر أن ذلك قد يتعارض مع المصالح الأمريكية. وفي تلك الديمقراطية الرابعة التي تدعي المملكة العربية السعودية، تعمل الولايات المتحدة الآن علي انجاز صفقة أسلحة بقيمة 40 مليار دولار ومساعدة السعوديين علي تطوير قوة "مختارة" جديدة لحماية نفط المملكة والمواقع النووية المستقبلية. وفي هذا الشأن فان اوباما يخشي من انزعاج المملكة السعودية، حيث إن اثنين من ثلاثة اشقاء في المقدمة في حالة عجز بحيث لا يمكنهم اتخاذ قرارات معقولة ذ ومن سوء الحظ أن أحد هذين الاثنين هو الملك عبد الله ذ ورغبته في السماح لنظام عائلة الاسد القمعي في الاستمرار في الحكم. ومن الطبيعي ان الاسرائيليين يفضلون بقاء "استقرار" الديكتاتورية السورية، فخليفة شرير تعرفه خير من الاسلاميين الكريهين الذين قد ينهضون من بين الانقاض. ولكن هل يمكن القول إن هذه الحجة مفيدة بما فيه الكفاية بالنسبة لاوباما لكي يدعم شعب سوريا الذي يموت في الشوارع من اجل ذلك النوع من الديمقراطية التي يقول الرئيس الأمريكي إنه يريد أن يشاهدها في المنطقة؟ ومن بين العناصر الاضعف في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الاوسط تلك الفكرة الاساسية القائلة إن العرب هم بشكل او بآخر اكثر غباء من البقية منا، ومن الاسرائيليين علي وجه التأكيد، واكثر بعدا عن الواقع من الغرب، وانهم لا يستوعبون تاريخهم. ولذا فانه لا بد من وعظهم ومداهنتهم من قبل كلينتون ومن هم علي شاكلتها - بالقدر الذي فعله ويفعله حكامهم من الديكتاتوريين، في لباس الاب الذي يوجه اطفاله طوال الحياة. لكن العرب اكثر علما مما كانوا عليه في جيل مضي، فالملايين منهم يتحدثون الانجليزية بطلاقة ويمكنهم ادراك كل مظاهر الضعف وعدم الانتماء السياسي في كلمات الرئيس الامريكي. فالانصات الي خطاب اوباما الذي استغرق 45 دقيقة هذا الشهر - الذي كان بداية اربعة ايام كاملة من كلمات المراوغة والاطراء المبالغ فيه من الرجل الذي حاول التقرب من العالم الاسلامي في القاهرة قبل سنتين، ومن ثم لم يفعل شيئا - وقد يطرأ علي البال ان الرئيس الأمريكي اشعل الثورات العربية بدلا من الجلوس جانبيا يعتمل الخوف في قلبه.
لقد حملت لغة الرئيس سقطات لغوية مثيرة للاهتمام خلال الايام الاربعة الحرجة. ففي يوم الخميس 19 مايو اشار إلي استمرار "المستوطنات" الاسرائيلية. وبعد يوم واحد، جاء نتانياهو ليلقنه درسا عن "تعديلات ديموغرافية معينة طرأت علي الارض". وعندما القي اوباما كلمته امام مجموعة اللوبي الأمريكي "إيبك" يوم الاحد، تبني بخنوع تعبير نتانياهو الأخرق. وتحدث هو ايضا عن "وقائع ديموغرافية جديدة علي الارض". فمن ذا الذي يصدق انه كان يتحدث عن مستوطنات يهودية غير شرعية دوليا علي أراضٍ سرقت من العرب في إحدي اكبر عمليات نهب الممتلكات في تاريخ "فلسطين"؟ إن التأخير في تحقيق السلام يسيء إلي أمن إسرائيل، حسب قول اوباما - ويبدو انه لم يكن يدري ان مشروع نتانياهو يقضي بمواصلة التاخير والتأخير والتأخير حتي لا تبقي أرض لدولة فلسطينية "قابلة للحياة" يفترض ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يرغبان في وجودها.
بعد ذلك كان هناك الرغي الذي لا نهاية له في الكلام بشأن حدود 1967 لقد وصفهما نتانياهو بانها "لا يمكن الدفاع عنها" (رغم انها كانت توصف بأنها يمكن الدفاع عنها لثمانية عشر عاما قبل حرب الأيام الستة)، وأن أوباما - وقد خفيت عنه حقيقة أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لها حدود شرقية لكنها لا تعرف موقعها - يقول إنه أسيء فهمه عندما تحدث عن حدود 1967 غير ان ما يقوله ليس مهما. فقد استسلم جورج بوش قبل سنوات عندما اعطي أرييل شارون رسالة تنص علي قبول أمريكا ب"المراكز السكانية الاسرائيلية الرئيسة القائمة حاليا" خلف خطوط 1967. وللعرب الذين لديهم الاستعداد لسماع خطاب اوباما الفارغ، كان هذا تذللا بعيد المدي. فهم ببساطة لم يدركوا رد فعل خطاب نتانياهو في الكونجرس. كيف يمكن للسياسيين الأمريكيين ان يقفوا ويصفقوا لنتانياهو 55 مرة - نعم 55 مرة - بحماس اكثر من البرلمان السوري للأسد وصلح والبقية؟ وماذا كان يعني ذلك الخطاب العظيم عندما قال ان "لكل دولة الحق في تقرير المصير" الا انه لا بد لفلسطين ان تكون "منزوعة السلاح"؟ ما كان يعنيه هو أن بامكان اسرائيل أن تقوم بمهاجمة الفلسطينيين (كما حدث في العام 2009 علي سبيل المثال عندما التزم اوباما الصمت المخزي) بينما علي الفلسطينيين ان يتقبلوا ما يحل بهم إذا هم لم يتصرفوا وفق الأنظمة - وذلك لأنه لن تكون لديهم أسلحة للدفاع بها عن أنفسهم. أما بالنسبة لنتانياهو، فإن علي الفلسطينيين ان يختاروا بين الوحدة مع "حماس" أو السلام مع اسرائيل. وهو أمر بمجمله يدعو إلي التناقض. فعندما لم تكن هناك وحدة، قال لنا نتانياهو ان كل ما لديه هو عدم وجود مفاوض فلسطيني لأن الفلسطينيين كانوا غير موحدين، ولكن عندما اتحدوا فإنهم غير مؤهلين للدخول في محادثات سلام.
من الطبيعي أن السخرية تنمو بصورة أوسع عندما تعيش في الشرق الاوسط. واذكر علي سبيل المثال السفر الي غزة في اوائل الثمانينيات عنما كان ياسر عرفات يرأس دويلته منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت. وقد قررت الحكومة الاسرائيلية في غمرة رغبتها في تدمير مكانة عرفات في الاراضي المحتلة، أن تساند مجموعة إسلامية في غزة هي حركة "حماس". وشاهدت في الواقع بأم عيني قائد القوات الإسرائيلية في الجنوب وهو يتفاوض مع مسئولين ملتحين من "حماس"، ورخص لهم بناء المزيد من المساجد. ويحسن بنا القول طبعا اننا كنا ايضا منهمكين في ذلك الوقت بتشجيع أسامة بن لادن في قتاله ضد الجيش السوفييتي في افغانستان. غير ان اسرائيل لم تتخل عن "حماس" ففي وقت لاحق عقد اجتماع آخر مع الحركة في الضفة الغربية، ونشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الاسرائيلية النبأ علي صدر صفحتها الاولي في اليوم التالي. ولم يصدر أي تذمر من جانب الامريكيين.
وكانت هناك لحظة أخري استعيد ذكراها علي مدي السنوات الماضية. فقد كان أعضاء "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، وكلهم فلسطينيون، قد ابعدوا في اوائل التسعينيات عبر الحدود الاسرائيلية الي الجنوب اللبناني حيث أمضوا اكثر من عام في مخيمات علي جانب احد الجبال الثلجية. وقمت بزيارتهم بين الحين والآخر، وفي احدي المناسبات ذكرت انني مسافر الي اسرائيل في اليوم التالي. وفورا قام احد رجال "حماس" ركضا الي خيمته وعاد ومعه مفكرة. وبدأ في اعطائي ارقاما هاتفية في البلاد لثلاثة من كبار السياسيين الاسرائيليين ذ لا يزال اثنان منهم في مراكز مرموقة اليوم ذ وعندما وصلت الي مدينة القدس اتصلت بالارقام وكانت صحيحة. وبكلمة أخري، فإن الحكومة الإسرائيلية كانت علي اتصال شخصي ومباشر مع "حماس".
لكن الحوار انقلب علي ذاته. فرجال "حماس" أصبحوا هم الارهابيون بامتياز، ممثلو "القاعدة" في القيادة الفلسطينية الموحدة، رجال الشيطان الذين يعملون علي الا يقوم سلام قط بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ولو ان هذا كله كان صحيحا، فإن "القاعدة" ستكون اكثر سعادة في قبول تلك المسئولية. لكنه خاطئ. وفي السياق ذاته، فان اوباما صرح بأن علي الفلسطينيين الاجابة عن اسئلة تتعلق ب"حماس". ولكن ما الذي يدعوهم الي ذلك؟ فما يعتقد اوباما ونتانياهو بالنسبة ل"حماس" اصبح غير ذي شأن بالنسبة لهم. وقد حذر اوباما الفلسطينيين من مطالبة الامم المتحدة بالاعتراف بدولتهم في سبتمبر. ولكن ما الذي يجعلهم يتراجعون؟ فإذا كان الشعب في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا جميعا ينتظرون الثورة التالية (الاردن؟ البحرين مرة أخري؟ المغرب؟)- يستطيعون النضال من اجل الحرية والكرامة، فلم لا يفعل الفلسطينيون ذلك؟ لقد مضت عقود وهم يستمعون الي الحاجة الي عدم اللجوء الي الاحتجاجات العنيفة، فاختار الفلسطينيون التوجه الي الامم المتحدة بمطالبهم للشرعية - ليجدوا اوباما يدفعهم بعيدا.
وبعد قراءة جميع "الاوراق الفلسطينية" التي كشفت عنها "الجزيرة"، فإنه لا شك في أن المفاوضين الرسميين "الفلسطينيين" سيبذلون كل جهد ممكن للحصول علي نوع من الدويلة. الا ان نتانياهو يتخذ اجراءات تتفوق علي أي شخص آخر في نزع شرعية دولته. ويبدو انه اقرب ما يكون الي المهرجين العرب الذين لطخوا الشرق الأوسط حتي الآن. فمبارك رأي "يدا اجنبية" في الثورة المصرية (بالطبع ايران). وكذلك الحال بالنسبة إلي ولي عهد البحرين (ومرة اخري ايران). وهكذا فعل القذافي (القاعدة، الامبريالية الغربية، وكل ما يخطر علي بالك) وسار علي هديهم صالح في اليمن ("القاعدة"، و"موساد" وامريكا) وكذلك الأسد في سوريا (الاسلاميين وربما "موساد" الخ) كما فعل ذلك نتانياهو (ايران من الطبيعي، سوريا، لبنان، وكل طرف يمكن ان تفكر فيه اللهم الا إسرائيل ذاتها).
إلا أنه مع استمرار هذا اللامعقول، فإن الشرائح العمرانية بدأت تهتز. وتنتابني شكوك في ان يظل الفلسطينيون ملتزمين الصمت. فاذا قامت انتفاضة في سوريا، فلم لا تكون هناك انتفاضة ثالثة في "فلسطين"؟ ليس نضالا بالفدائيين الانتحاريين وانما بالاحتجاجات الجماهيرية المليونية. واذا كان الإسرائيليون قد اطلقوا النار علي بضع مئات من المتظاهرين الذين حاولوا - ونجحوا في بعض الاحيان - في عبور الحدود الاسرائيلية قبل اسبوعين، فما الذي يمكنهم ان يفعلوه اذا ووجهوا بالآلاف او بالملايين. يقول اوباما انه لا يجوز اعلان قيام دولة فلسطينية في الامم المتحدة، ولكن لم لا؟ من ذا الذي يهمه في الشرق الاوسط ما يقوله اوباما؟ حتي ولا الاسرائيليون في ما يبدو. ان الربيع العربي سيكون قريبا صيفا حارا وسيكون هناك خريف عربي ايضا. عندئذ، قد يتغير الشرق الأوسط إلي الأبد. وما تقوله أمريكا لا يهم علي الاطلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.