الكاتب البريطاني روبرت فيسك كتب في "الانتدبندنت" مقالاً "لاذعاً"، كعادته، للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ويرصد فيه عدداً من التحولات في الشرق الأوسط، وكذلك تثير "الغارديان" موضوع انسحاب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من "الصندوق القومي اليهودي". كتب روبرت فيسك مقالاً يقول فيه إن العرب والمسلمين في الشرق الأوسط لم يعودوا يأبهون بما يقوله الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي فشل، برأي فيسك في دعم "الثورات العربية" مما أفقد الأميركيين أخر ما تبقى من ثقة في المنطقة.
فقد بقي أوباما، برأي فيسك، صامتاً عند رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، ولم يتحدث إلا قبل يومين من رحيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وهو يلتزم الصمت إزاء "مجازر النظام السوري". ويقول فيسك، لهذا فإن العرب والمسلمين في المنطقة باتوا يعتنون بشؤونهم، ويضرب مثلاً بتركيا التي تشعر بالغضب من الرئيس السوري بشار الأسد الذي لم يف بوعوده لتركيا بتحقيق الاصلاح، بل و"كذب" على وزير الخارجية التركي في آخر لقاء حيث قال بأنه سيسحب جنود شقيقه ماهر من شوراع المدن السورية، ولكن هذا لم يتحقق. يقول فيسك أن تركيا الآن تمارس ضغطاً على سورية، لأنها تخشى تدفق الأكراد على حدودها كما حصل مع الأكراد العراقيين في العام 1991، ولا يستبعد فيسك أن تتدخل تركيا عسكريا داخل الأراضي السورية نحو القامشلي وحتى دير الزور لخلق ملاذات آمنة للهاربين من المدن السورية، فلا يتقدمون نحو الأراضي التركية. "بقي أوباما، صامتاً عند رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، ولم يتحدث إلا قبل يومين من رحيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وهو يلتزم الصمت إزاء مجازر النظام السوري." روبرت فيسك - الاندبندنت ومثال آخر يضربه فيسك حول الضغط الذي تمارسه قطر على الجزائر لوقفها توريد السلاح لنظام العقيد معمر القذافي الذي يعاني من ضربات حلف شمال الأطلسي، ويشير فيسك إلى أن أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني زار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لهذا الغرض. ويتساءل الكاتب عما أذا كان لبوتفليقة تأثير في جيش بلاده، خاصة وأن ليبا والجزائر وتونس يتشاركون مساحة 750 ميلاً من الصحراء تجعل تدفق السلاح سهلاً. ويشير فيسك أيضاً إلى دور محطة الجزيرة في الدوحة في عرض الصور لما يحدث في سورية بشكل أغضب السوريين اللذين أوقفوا استثمارات قطرية في سورية بقيمة 40 مليار جنيه استرليني. ويعود الكاتب ليتحدث عن دور الولاياتالمتحدةالأمريكية ممثلاً بإدراة الرئيس أوباما الذي يؤيد الديمقراطية في العالم العربي، ولكن ليس عندما تتعارض مع المصالح الأمريكية، وخاصة في العلاقة مع السعودية التي يبدو أن قياداتها الثلاثة، بمن فيهم الملك عبدالله بن عبد العزيز لم يعودوا قادرين على اتخاذ قرارات عقلانية، خاصة في تأييد الحركات الشعبية (قمع المظاهرات في البحرين عبر قيادة قوات درع الجزيرة، وتأييد النظام السوري)، وفي ظل وجود صفقات سلاح بقيمة 40 مليار جنيه استرليني فإن أوباما لا يريد أن يغضب السعوديين. وأما المثال الأكثر وضوحاً برأي فيسك، حول عدم اهتمام العرب بما يقوله أوباما موقفه الأسبوع الماضي في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث غير الرئيس الأميركي مواقفه في خطب سياسية متتالية بما يتوافق مع رؤية نتنياهو. ويقول فيسك بأن أعضاء الكونغرس الأمريكي "وقفوا وصفقوا لنتياهو 55 مرة بحماسة فاقت تلك التي نراها في برلمانات الأسد أو صالح". وفيما يرى فيسك أن الموقف الأميركي لم يعد عاملاً أساسياً لدى العرب، فهو يرى أن المنطقة تتغير بشكل كبير، ولا يستبعد أن نشهد انتفاضة ثالثة في "فلسطين"، في مسار هذا التغير، الذي غير الموقف من الدور الأمريكي فيها.