نتحدث ويتحدثون عن الإصلاح، وأصبحت كلمة الإصلاح هي كلمة العصر، حتي إن "نكات المصريين" أخذت كلمة "إصلاح"، لكي تطلقها علي أسماء أولادهم وأحفادهم، تيمناً بهذه الكلمة، ودخلت كلمة "الإصلاح" في قاموس التعاملات اللغوية في مصر، منذ حكومة الدكتور "عاطف صدقي" حينما أطلقت شعارات الإصلاح الاقتصادي وتأجيل الإصلاح السياسي! واستتبع هذه السياسات في أوائل الثمانينيات إصلاحاًً مالي وإصلاح للسياسات النقدية، وإصلاحات في سياسات الدولة الصناعية والسياسات الزراعية، وسياسات الإسكان وسياسات التعليم، وغيرها ممن أطلق عليهم إصلاحاً في مجال ما! وما يهم شعب المحروسة ، وخاصة بعد فترات طويلة من المعاناة في نقص الخدمات ونقص السياسات الجديدة التي (خبت) خلف عدة حروب وصلت إلي أربع حروب رئيسية 1973 67 56 48 ضد إسرائيل، وحروب فرعية في اليمن، والجزائر، والكونغو، وغيرها من سياسات كان المضحي الأكبر فيها هو شعب مصر، ومنذ أوائل الثمانينيات ومنذ أن أطلقت الحكومة المصرية سياسة الإصلاح ونتنازع نحن المصريين علي الكلمة، هل نبدأ بالإصلاح الاقتصادي؟ ثم الإصلاح السياسي أم نبدأ بالثانية ثم الأولي؟ وكانت الآراء تنقسم حول أولوية الإصلاحات المطلوبة (ضبط الدولة) ورفع المعاناة عن الشعب ومع ذلك بدأنا إصلاحاً اقتصادياً... كانت من نتائجه بنية أساسية جديدة، توحيد سعر الصرف، وزيادة في الاستثمارات المباشرة، والدخول في مشروعات عملاقة مثل (مترو الأنفاق) بقصد التنمية الشاملة المستدامة، ومواجهة أعباء الزيادة السكانية، وإعداد تصورات عن إعادة توزيع السكان في جغرافية مصر، حيث نعيش علي مسطح 4% من أرض الوطن والباقي لا يهفو إليها بشر! واكتشفت ومعي كثير من المصريين أن الإصلاح المطلوب ليس إصلاحاً اقتصادياً واصلاحاً سياسياً، بمفهومه الذي بدأناه يوم 26 فبراير 2005 وما أعقب ذلك من تشريعات في الحقوق السياسية والمواطنة وغيرها! لا يمكن أن يكون هناك إصلاح ولا يوجد (عدل) مطلوب العدل في التعامل مع الجميع، مطلوب إعلاء (العدل) فوق كل اعتبار، مطلوب أن تكون العدالة هي شعار هذه الأمة ، ودستورها، لا استثناء فيها مهما كان هذا "المستثني"! "العدل أساس الحكم" والعدل في زماننا هذا أصبح مشكوكاً في أمره. وأصبحت العدالة (العمياء) الحاملة لميزان العدل تقف مكسوفة مما يحدث، فليس من العدل مثلاً أن نترك أكثر من 1000 مواطن (غرقوا) في عرض البحر الأحمر نتيجة إهمال، أو فساد، أو غيره دون عودة حقوقهم المعنوية والمادية، وليس من العدل أيضاً أن لا ترد أموال موقوفة منذ عشرات السنين لم تعد لأصحابها في قضية (توظيف الأموال) رغم كل الوعود الحكومية في وزارات "عاطف صدقي، وعاطف عبيد، وكمال الجنزوري، وأحمد نظيف) وما زال الورثة في الانتظار والعدالة غائبة! ليس من العدل أن تنهار مؤسسات كبري مثل المؤسسات الصحفية علي سبيل المثال وليس الحصر نتيجة فساد في إداراتها، دون محاسبة ليس فقط الآن ولكن أقصد المحاسبة بأثر رجعي! أين العدل وهذه المؤسسات الوطنية ومثيلاتها كانت تعيث في الفساد، وهناك أجهزة وتقارير أمن ومباحث أموال عامة ورقابة إدارية ومخابرات، ومع كل هذا غاب (العدل). الإصلاح هو تحقيق العدل ولنا في ذلك حديث آخر.