تحدثت بالأمس عن إيجابيات ثورة 25 يناير، بنجاحها في إسقاط رموز النظام، وتقديمهم لمحاكمات عادلة، دون اللجوء إلي محاكم استثنائية، أو استخدام لقوانين مازالت قائمة من صنع النظام السابق مثل الطوارئ ومايمثله من أدوات قضائية وأمنية للمواجهة (مع أعداء النظام السابق) تحت دعوي أن استخدامه كان لمواجهة الإرهاب وتجارة المخدرات، ومع ذلك لم يستخدم هذا القانون أو هذه الحالة (الطوارئ) في التعامل مع رموز النظام السابق!. وكان حديثي منصباً علي رموز النظام، والفاسدين والمفسدين في الحياة السياسية والاقتصادية علي مدي ثلاثين عاماً، استطاع هذا النظام أن يتجذر في التربة المصرية، حتي أنني وغيري قد كتبنا عن نجاح الثورة في إسقاط رموز النظام، ولكن لم نستطع حتي الآن أن نغير النظام، فالنظام لم يسقط بعد! حيث قوانينه ولوائحه وبيروقراطيته مازالت موجودة، ويصعب بين ليلة وضحاها أن نسقطها، حيث في سقوطها أو إخلائها لمناصبها الإدارية في الدولة، تحتاج لتعديلات وتغيير شامل في خرائط القوانين وتغولها في الحياة السياسية المصرية. وحيث إن الثورة لم تستتبع قوانين استثنائية، فهي قد وضعت نفسها في أطر قانونية لا تريد الخروج عنها وبالتالي نحن في طريقنا بالقانون لإيجاد أدوات ووسائل تحمي مقدرات هذا الوطن، وتعيده إلي طريقه الصحيح ومن هذه الوسائل، تلك القرارات التي أصدرها المجلس الأعلي للقوات المسلحة والمنوط به إدارة الدولة، مثل البيان الدستوري، وقانون مزاولة الحقوق أو مباشرة الحقوق السياسية . ونختلف مع الإدارة القائمة، في الأولويات وليست الأهداف، فالهدف أعتقد أنه واحد، لا غيره من أهداف، وهو نقل السلطة من الإدارة القائمة إلي سلطة مدنية، بانتخاب "مجلسي الشعب والشوري" ووضع دستور جديد للبلاد، ثم انتخاب رئيس الجمهورية. حيث يري كثيرون وأنا منهم بضرورة أن تسبق خطوة انتخابات برلمانية، ضرورة انتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور وعقد اجتماعي جديد للبلاد تعقبه انتخابات برلمانية، ثم رئاسية أو العكس، فبعد أن نتمكن من وضع الدستور والاتفاق العام عليه فإن مجئ البرلمان أو الرئيس أحدهما قبل الآخر، لا يفرق كثيراَ! ولعل من الإيجابيات التي يجب أن تحافظ عليها قدرة المصريين، بأن نحقق تلك الخطوات، بجدية، ونزاهة وشفافية، دون تباطؤ، حيث إن التربة السياسية في مصر، قد تدهورت أحوالها علي مدي ثلاثين عاماً، وعملية تنظيمها أو تنقيتها أو حتي تغييرها تحتاج إلي صبر مع جدية في التعامل مع الواقع المصري، هذا في يد، واليد الأخري يجب أن تعمل بكد، ونشاط ووعي سياسي علي أعلي مستوي، وبتوحد كامل لكل طوائف وعناصر الأمة