بؤساء فى «بلاد المال» القيناوية

«قرية بلاد المال»... اسم يأخذك عندما تسمعه... وللوهلة الأولى.. يخيل إليك أنها تحمل اسما لقرية ربما تنعم بالغنى والثراء.... ولكن الأمر فى حقيقته عكس ذلك تماما فى الوقت الحالي... قرية بلاد المال قرية بلا مال... ولم ينلها من اسمها شيئا... ويرجع السبب فى تسميتها بهذا الاسم للعصر الفرعونى القديم حيث كانت القرية فى العهد القديم مركزا للتبادل التجارى وصك العملات التجارية ومن هنا أطلق عليها «بلاد المال» لما كانت تتمتع به من وفرة فى المال نظرا للمعاملات التجارية آنذاك.. على عكس الوقت الحالى فالقرية فقيرة جدا فى الخدمات وتحتاج الى الاهتمام من جانب المسئولين. هكذا تحدث أحد مشايخ قرية بلاد المال ضاحى محمد الغندور.
فعلى بعد 120كيلو مترا شمال محافظة قنا تقع قرية بلاد المال، حيث تعانى من تلوث المياه وانقطاعها المتكرر رغم أن الزراعة هى مصدر الدخل الرئيسى لها فضلا عن سوء الخدمات. تحاصرها من كل الاتجاهات شوارع ضيقة وأغلبها غير مرصوفة وأسلاك كهربائية متهالكة وغير مغطاة ومياه الشرب الصالحة ضيف عزيز والزراعة هى مصدر الدخل الرئيسى لقاطنيها.
ويصف «بلال بربرى» ماجستير اعلام قريتهم بأنها «سقطت من حسابات المسئولين وغير موجودة على الخريطة» فالمطبات والحفر تكثر بالشوارع والأسلاك الكهربائية متهالكة وتحتاج لإعادة تغيير بالإضافة للمياه الملوثة غير الصالحة للاستهلاك الآدمى والتى أصابت أبناء القرية الصغار والكبار بالأمراض المعدية. مشيرا الى انهم تقدموا بكثير من الطلبات والشكاوى للمسئولين بالوحدة المحلية بالقرية وديوان عام محافظة قنا، وشكاوى للخط الساخن 125 لشركة المياه وجاءوا وعاينوا المياه ولكن دون جدوى.
ويصرخ الشيخ إمام وخطيب مسجد المغربى بالبلدة الشيخ محمد حمدى قائلا «انقذونا المياه فيها سم قاتل». موضحا أنهم يعتمدون على مياه الطلمبات الحبشية والأبار الارتوازية على الرغم من وجود مرشح مياه تم انشاؤه منذ أكثر من 5 سنوات لخدمة القرية ولكنه متوقف عن العمل ولا أحد يعلم أسباب توقفه مما يدفعه لشراء المياه وتعبئتها من المساجد والقرى المجاورة، مضيفا أن سعر جركن المياه فى فترة الصيف وصل الى 3 جنيهات فضلا عن اصابة الكثير من اهالى البلدة بالفشل الكلوى والكبد والسبب الرئيسى لهذه الامراض المياه الملوثة.
ويشاركه فى الرأى عرفة محمد صاحب متجر تموين أن مشكلة المياه هى المشكلة الرئيسية فى كل قرى مركز ابوتشت وكان من المفترض تشغيل محطة مياه النجمة والحمران والتى ينتظرها الأهالى بفارغ الصبر مما سيقضى على تلك المشكلة الا أنه فى اول يوم عمل لها حملت بمياه عكرة وملوثة وتم ايقافها عن العمل لحين حل المشكلة.
ويضيف وكيل مدرسة النواهض الحديثة عبدالحميد قائلا: إن الشيء الأخطر أن بعضا ممن يبيعون المياه للناس فى القرية يملأون العربات ليس من المرشح نفسه بل من الممكن أن تكون مياها ملوثة يتم وضع كلور بها لكى يوهموا الناس أنها مياه مرشح مما يسبب اخطر الامراض.
ومن ناحية أخرى، يوضح مدير الوحدة الصحية د. وليد عاطف بالبلدة ان المستشفى بلدة قرية بلاد المال بحرى تنقصه الكثير من الاجهزة والمعدات وتنقصه اخصائيين موضحا أنه يبذل قصارى جهده هو وطاقم التمريض مستشفى لتقديم خدمة طبية مميزة فى ضوء الامكانيات المتاحة.
ومن جانبه، كشف رئيس شركة المياه بقنا المهندس هانى محمود حمدى، أن سبب توقف محطة مياه النجمة والحمران عن العمل نتيجة مرور مياه الشرب محملة بمادة الكلور لأول مرة بخطوط مياه الشرب مما نتج عنه زيادة طفيفة فى نسبة العكارة مما أدى إلى تغيير لون مياه الشرب التى تصل إلى الأهالى وأوضح أن الشركة قامت بفتح محابس الغسيل وتطهير الشبكة بالكامل وعودة تشغيل نقطة الربط من شبكة مياه النجمة والحمران بعد أسبوع من جديد.
فيما أوضح محافظ قنا اللواء عبد الحميد الهجان، أن تشغيل المرحلة الأولى من محطة مياه النجمة والحمران قضى على نسبة كبيرة من مشاكل المياه بقرى مركز ابوتشت ومع بدء تشغيل المرحلة الثانية خلال الفترة المقبلة ستنتهى هذه المشكلة.
وذكر الهجان خلال جولة تفقدية للظهير الصحراوى بقرية بلاد المال والذى يضم 50 منزلا انه تم إنهاء توصيل جميع المرافق الضرورية للقرية كالكهرباء ومياه شرب، كما انه تم إنشاء المبانى الخدمية الخاصة بها متمثلةً فى إنشاء وحدة صحية ومكتب بريد ونقطة شرطة ومدرسة ومسجد، مشددا على ضرورة مراعاة البعد التنموى بتلك القرى تشجيعا للأهالى على الإقامة الفعلية والمستمرة بها.