انتكاسة كبيرة حدثت للقطن المصرى خلال العشر سنوات الاخيرة بعد ان تخلت الحكومة عن شراء القطن طويل التيلة من الفلاح فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار الأسمدة والبذور والميكنة الزراعية ما أدى الى عزوف الفلاح عن زراعته وتراجعت المساحة المزروعة من مليون فدان لتصل الى 250 الف فدان فقط. وها نحن الآن مقبلون على موسم جديد لجنى القطن الشهر المقبل وسط تأكيدات من المسئولين ببقاء الوضع كما هو عليه لحين تفعيل الدستور الجديد الذى ألزم الدولة بشراء المحاصيل الاستراتيجية من الفلاح بسعر عادل ومنها القطن والقمح والأرز والذرة. القطن المصرى كان يلقب بالذهب الأبيض لما له من فضل كبير على الأسرة المصرية وبالاخص الفلاح حيث كان يعتمد على هذا المحصول فى توفير نفقات الزواج والمسكن طوال العام لدرجة ان مواسم الزواج فى الفلاحين تزامنت مع موسم جنى القطن. وبلغت إنتاجية الفدان فى التسعينيات نحو 15 قنطارًا اما الان فقد تراجعت الى النصف بعد دخول أصناف جديدة تسبب فيها يوسف والى وزير الزراعة الاسبق الملقب بأبو المبيدات المسرطنة وذلك لتدمير زراعة القطن لحساب اسرائيل حيث استضاف فى مركز البحوث الزراعية فى مصر خبراء من إسرائيل. والنتيجة الآن تحول مصانع الغزل والنسيج إلى إستيراد نحو 2.5 مليون قنطار قطن سنويًا لإستخدامها فى الصناعة وتراجع قيمه وأهمية القطن طويل التيلة فى الداخل والخارج. يأتى ذلك فى الوقت الذى قررت فيه الحكومة مؤخرًا وقف إستيراد الأقطان من الخارج وهو ما قوبل بالرفض الشديد من قبل المصنعين خاصة مع تراجع انتاجية القطن المصرى وتقلص المساحة المزروعة ما قد يتسبب فى عدم وفاء المصانع بتعاقداتها التصديرية. وقال الخبراء: إن تلك الخطوة ليست كافية لاستعادة عرش القطن المصرى لأن الامر يتطلب إعادة الدورة الزراعية واستنباط سلالات جديدة ذات انتاجية عالية وإلزام الدولة بشراء المحصول من الفلاح تنفيذا لمواد الدستور الجديد. حيث طالب محمد المرشدى رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات بإعادة النظر فى خريطة زراعة القطن المصرى مع التوسع فى زراعة الاقطان القصيرة والمتوسطة والتى باتت تعتمد عليها المصانع بشكل كبير فى التصنيع. وقال المرشدى ان على البرلمان الجديد المنتظر انتخابه وضع الاجندة التشريعية للفلاح على رأس أولوياته لإنقاذ المحاصيل الزراعية الاستراتيجة من الضياع. وأضاف: إن مصر اصبحت تستورد الان نحو 60 % من احتياجها من الغذاء وهذا أمر يمثل خطرًا على الامن القومى وان على الدولة الإسراع بدعم الفلاح والاهتمام بالزراعة عن طريق توفير الاسمدة بسعر عادل ومدعم وكذلك توفير السلالات الجيدة من التقاوى حتى تعود الزراعة الى مكانتها الأولى. فيما شدد محمد قاسم رئيس المجلس التصديرى لصناعة الملابس على إستنباط سلالات جديدة ذات انتاجية عالية لتشجيع الفلاح على زراعة القطن من جديد فضلا عن إلزام الدولة بشراء القطن من الفلاح وتسويقه من خلال المصانع. وأضاف: إن ذلك الامر يتطلب أيضًا التوسع فى إنشا صناعات جديدة للغزل والنسيج لاستيعاب ما سينتج من القطن، موضحًا ان منظومة إعادة القطن المصرى إلى سابق عصره الذهبى يتطلب منظومة متكاملة وإرادة سياسية.