أهم شيء أريد أن أقوله اليوم أن هناك خطأ علميا فادحاً يرتكب نتيجة الظن غير العلمي أن هناك إجابة عن كل سؤال من مدة طويلة وبدقة منذ أن أثبت عالم المنطق النمساوي الشهير «كورت جودل» نظريته المشهورة باسمه نحن نعلم تمام العلم أن هناك نظريات ومشاكل منطقية علمية عديدة لا يوجد لها حل أساساً من ذلك نعلم علم اليقين أن هناك مشاكل لا يوجد لها تحليل علمي أو أي إجابة بسيطة بكلمة صحيح أو خطأ حتي إذا كانت نظرية «جودل» ليست كافية لاقناع البعض فربما كانت نظريات «آلان تيورج» عالم الرياضيات الإنجليزي وكاسر الشفرة الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية ومخترع الكمبيوتر النظري الأشهر المعروف باسم «ماكينة تيورنج» أو كمبيوتر تيورنج العالمي أوضح من نظرية «جودل». يقول تيورنج ويثبت ذلك أيضا أن هناك مشاكل لا يمكن تحديد الإجابة عنها بنعم أولا وهي ما يعرف الآن في علم المنطق والرياضيات البحتة بالكلمة الإنجليزية أندسيدابول أي غير مقرر أعتقد أننا معشر العلماء في العالم العربي مسئولون عن وجود هذا الفهم الخطأ وأننا قصرنا في علمنا وخدعنا المجتمع بقصد أو غير قصد وتركناه يظن أن في استطاعة العلم والعالم أن يجيب عن جميع الأسئلة وهذا غير صحيح كنت أتحدث يوما مع المفكر المصري الكبير المرحوم الدكتور «المسيري» الذي اشتهر بكتبه عن اليهودية وإسرائيل وكان في آخر أيامه رئيساً شرفياً لحركة كفاية قال الدكتور المسيري وكان ذلك في بيت مفكر إسلامي كبير ومهندس عظيم أختلف معه في أغلب أفكاره السياسية ولكن أحبه كل الحب علي المستوي الشخصي لذكائه وإنسانيته وشرفه قال الدكتور المسيري أنه فجع من حديثه من الدكتور أحمد زويل لعدم إلمامه بالتاريخ السياسي والفلسفي والاجتماعي والفني والأدبي للعالم كله. كان ردي وكان ذلك كما أذكر في حديقة منزل صديقنا المشترك العامر الذي يطل علي الأهرام كان أن هذا ليس غريباً بتاتا لأن عمل د.أحمد زويل كعالم كيميائي تجريبي هو عمل مضنٍ ويتطلب وقتاً طويلاً وساعات من العمل الجماعي المزعج لا يترك مجالاً بعد ذلك لأي شيء ولا حتي الحياة الخاصة ولا الحياة العائلية. المؤسف هو الإعلام الرخيص وهو الذي يزيف الصورة وأتذكر مقالاً لكاتب تواق للشهرة العلمية التي لم يحصل أبدا عليها وكان ذلك في جريدة الشروق حيث ظن الكاتب المسكين الذي أعرفه أكثر مما رغبت أنه بالهجوم علي والثناء علي العبقرية الشمولية للدكتور زويل سوف يصل إلي الشهرة التي هو يحترق للحصول عليها أو ربما هناك أسباب أخري لهذا الاسفاف الإعلامي الذي يوجه الرأي العام غير المتخصص التوجيه الخطأ. لا أعلم وربما هنا أيضا تطبيق لنظرية «جودل» ونظرية «تيورنج» نرجع مرة أخري إلي ليبيا وكما يسمي خطأ العلوم السياسية هناك فرق واضح حتي لمن أصيب بعمي سياسي والغرض مرض في بعض الأحيان هناك فرق بين ليبيا والقائد معمر القذافي من ناحية وبين مصر وتونس ورؤسائها السابقين من ناحية أخري. الرئيس المصري السابق وكذلك الرئيس التونسي السابق وبغض النظر عن التاريخ القديم لقدماء المصريين الفراعنة أحفاد رمسيس وقدماء التونسيين أحفاد هاني بال قاهر جبال الألب وروما كلا الرئيسين أتي إلي الحكم بطريقة شبه ديمقراطية بدون أي انقلابات ثورية كخلفاء لكل من الرئيس محمد أنور السادات والرئيس بورقيبة. القائد معمر القذافي جاء عن طريق إنقلاب عسكري علي الدولة السنوسية معمر القذافي كان من أول يوم ينظر لنفسه أنه تلميذ وبعد ذلك أستاذ لزعيم مصر الخالد جمال عبدالناصر القذافي تحارب وتصادق مع الرئيس السادات وطلب الوحدة مع مصر بشرط أن يرأس هو الجيش المصري كوزير للدفاع القذافي كان ينظر إلي نفسه علي أنه فيلسوف ومفكر وقائد سياسي وعسكري أكبر من حجم ليبيا بل حجم العالم العربي وربما أكبر أيضا من أفريقيا السؤال الآن الذي يجب أن يطرح علي جودل وتيورنج كيف يمكن لأحد أن يتصور أن معمر القذافي سوف يترك الحكم ويرحل بمجرد أن يطلب منه ذلك شخص مثل ساركوزي وهو في نظره ليس أكثر من مجري الأصل وزوج لعارضة أزياء إيطالية لا أعتقد أنها بحاجة لأي تحليل علمي أن نري أن قرارات الجامعة العربية والأمم المتحدة لم تكن مبنية علي أي تحليل علمي أو غير علمي هذه هي السياسة العليا التي هي أعلي من عقول العلماء والفقهاء والنبلاء.