أجمعت العديد من آراء المثقفين والمفكرين علي أهمية تطوير المنظومة التعليمية في مصر، لدعم الوعي السياسي والانتماء بداية من مرحلة التعليم الأساسي، في هذا الشأن - منظومة التعليم المصرية - الأستاذ الدكتور شبل بدران أستاذ أصول التربية وعميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية يقدم قراءة نقدية وتحليلية "التعليم والحرية..قراءات في المشهد التربوي المعاصر" ضمن سلسلة "آفاق تربوية متجددة" للدار المصرية اللبنانية، التي يشرف عليها الأستاذ الدكتور حامد عمار. يري بدران أن هناك عددا من المشكلات البنيوية التي تعوق تقدم وتطور التعليم، أولها: طبقية التعليم، حيث المبالغ الرمزية بالمدارس الحكومية وأخري باهظة في الخاصة وأحيانا بالعملة الصعبة، وهذه المدارس خرجت إلي المحافظات الأخري أيضا، فلم تعد بالقاهرة فقط. ثاني المشكلات الازدواج التعليمي الذي يلقي بظلاله علي الازدواج الثقافي، فهناك التعليم الفني والحكومي وكذلك الخاص والأجنبي، ثالثا طبيعة التعليم في مصر تصادر علي حرية الفكر والإبداع حيث يكرس للتلقين والحفظ في مقابل الإبداع أي ثقافة الذاكرة، رابعا قضية الثانوية العامة وهي قضية محورية منذ عام 1935 حينما كتب أحمد نجيب الهلالي باشا عن التعليم الثانوي، وهي مرحلة مفصلية في حياة الطلاب، آخر المشكلات في رأي بدران والتي تتصدر المشهد التربوي مستقبل التعليم في مصر في ضوء التحديات والمتغيرات العالمية، والتي تتجلي في العولمة بكل صورها وأشكالها وشروط وقيود البنك والصندوق الدوليين. يناقش بدران منظومة التعليم من خلال عدة محاور هي فصول الكتاب السبعة، المحور الأول "التعليم والبنية الاجتماعية" الذي يرصد فيه عديدًا من الدراسات والأبحاث والمقالات وحتي الأدبيات التي عالجت قضية علاقة التعليم كنظام اجتماعي ببنية العلاقات الاجتماعية الطبقية في خمسة محاور محددة: الأول، الدولة والتعليم في المجتمع الرأسمالي التابع، ثانيا التعليم والتمايز الطبقي، المحور الثالث خاص بالتعليم ودوره في إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية القائمة، رابعا التعليم والمساواة الاجتماعية والتعليمية، المحور الخامس والأخير تساؤل هل المساواة التعليمية تؤدي بالضرورة إلي المساواة الاجتماعية أم العكس صحيح؟ الفصل الثاني " التعليم وتحديات المستقبل" يرسم بدران المعالم الأساسية للنظام التعليمي العربي بكل إشكالياته وصعوباته، لبلورة ما يمكن أن يكون عليه النظام في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، فيما يتصل بفلسفته وهيكلته، من خلال المحاور التالية: التحولات العالمية المؤثرة في تشكيل المستقبل كالثورة التكنولوجية والعلمية وثورة المعرفة، المحور الثاني صورة النظام التعليمي في المستقبل من خلال إعادة هيكلة النظام التعليمي وبناء مجتمع التعلم وعوامل أخري. في الفصل الثالث " التعليم الجامعي وثقافة الذاكرة" يطرح بدران مجموعة من الأسئلة الجدلية منها هل نظام التعليم الجامعي والعالي الحالي قادر علي أن يلعب دورا تنويريا من خلال ما يقدمه للطلبة؟..هل يكرس لثقافة الإبداع أم الذاكرة؟..هل مايقدمه أحاديا أم متعدد التوجه؟ تأتي الإجابات في ضوء المحاور التالية التي تناقش واقع التعليم الجامعي في ظل المتغيرات العالمية، مظاهر أزمة التعليم الجامعي، من ثقافة الذاكرة إلي ثقافة الإبداع وكذلك التحدي التربوي. في الفصل الرابع "التعليم والحرية" اهتم بدران بشرح وتحليل فلسفة باولو فريري فيلسوف التربية البرازيلي الذي أرسي دعائم الحرية في التعليم والتي أسسها علي الحوار والثقة والحب والتواضع. ينتقل بدران في الفصل الخامس إلي مستوي آخر المشكلات وهو " النظام التعليمي والازدواج الثقافي" موضحا ما تسبب فيه النظام التعليمي من تناقضات فتتت الهوية المصرية والثقافة الوطنية، والذي يعود لعدة عوامل منها التوسع غير المدروس في التعليم الخاص مدللا بعدد من الإحصائيات لأعداد المدارس الخاصة والأجنبية. أما الفصل السادس " مؤسسات إعداد وتكوين المعلم في مصر" ينشغل هذا الفصل بمؤسسات إعداد وتكوين المعلم في مصر منذ أواسط القرن التاسع عشر وحتي الآن، في محاولة لوضع تصور نقدي لمستقبل تلك المؤسسات في ظل المتغيرات العالمية. الفصل السابع والأخير من "التعليم والحرية" يناقش بدران القضية المحورية والمفصلية في حياة الطلبة وحتي الآباء وهي " الثانوية العامة من البكالوريا إلي التصفية الاجتماعية" التي يرصد فيها التطور التاريخي والمنهجي لها منذ مائة وخمسين عاما لاستعراض أهم التعديلات التي حدثت أو - الإفتاءات - علي حد قول بدران، منفردا بشرح كامل ووافٍ للنظام المقترح من الدكتور يسري صابر الجمل.