وجه الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي، رسائل مهمة للشعب المصرى وللعالم، فى خطابه الأول للأمة، خلال الاحتفال أمس الأول بقصر كوبرى القبة، والذى تضمن برنامجا مكثفا، وخطة عمل للمرحلة المقبلة، وملامح استراتيجية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية. أولى رسائل السيسي، وجهها لأسر الشهداء، متعمدا ألا يميز بين مرحلة وأخرى، أو بين عسكريين ومدنيين، داعيا الحضور للوقوف دقيقة «تحية» لأرواح الشهداء، مضيفا كل الشهداء من الجيش والشرطة والشعب، مضيفا «إحنا والله ما ناسينكم إحنا فاكرينكم كويس ومش هننساكم أبدا إحنا موجودين هنا بدم أبنائكم إحنا مش ناسيين ده» مضيفا فى استهلال كلمته «وأوجه التحية للشعب المصري». الرسالة الثانية كانت شكر وتقدير للرئيس السابق المستشار عدلى منصور، وتعد بالسهر على حماية الدستور ومبادئه، وهى رسالة طمأنة وتأكيد على أن ما حدث فى عهد الرئيس المعزول من إعلان دستورى حصن قراراته، وكان سببا فى تفجر موجة المعارضة، وتشكيل جبهة الإنقاذ ثم تمرد، وما انتهت اليه الأمور من عزلة بعد الموجة الثانية من الثورة فى 30 يونيو لن يتكرر، ولن يعتدى الرئيس الجديد على الدستور ومبادئه. الرسالة الثالثة: مصر مدنية، هذا ما تعهد بالحفاظ عليه، مع إرساء العدالة، بلا إقصاء أو تمييز، وهنا رسالة لمن حاولوا إقامة دولة دينية ولفظهم الشعب، ومثلها للمتخوفين من إقامة نظام عسكري، فيما جاءت الرسالة بتطمين لمن عمل مع النظام الاسبق فى عهد مبارك ولم يتورط فى جرائم، أو فساد بأنه لا إقصاء لمؤيد أو معارض طالما «الخلاف من أجل الوطن وليس على الوطن» ..«لا تفريق بين مواطن وآخر ولا إقصاء لأحد فلكل مصرى دوره الوطنى وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه، الوطن الذى تعرض لتهديد حقيقى كان سيطال وحدة شعبه وسلامة أرضه». الرسالة الرابعة: للشعب، مفادها انتخابى وحده ليس كفيلاً بنجاحنا، فما بيننا عقد اجتماعى له طرفان ما اعد به وما تقومون به من دور والنجاح مسئولية مشتركه بين الحاكم والشعب، ومن ثم العمل، «إن العقد الاجتماعى بين الدولة ممثلة فى رئيسها وممثلاتها وبين الشعب لا يمكن أن يستقيم من طرف واحد وإنما يتعين أن يكون التزاما على الطرفين». الرسالة الخامسة: 25 يناير ثورة، و30 يونيو موجهة ثانية لتصحيح المسار، ومن ثم قطع الطريق على رجال نظام مبارك الزاعمين بأن 25 يناير مؤامرة، وطمأن أنصار 25 يناير، وضمنت ذات الفقرة ما يطمئن الفقراء والبسطاء الذين قامت لأجلهم 25 يناير المنادية بالحرية والعيش والعدالة الاجتماعية قائلا: «أبناء مصر الكرام، إن الثورتين المجيدتين الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو قد مهدتا الطريق لبداية عصر جديد فى تاريخ الدولة المصرية عصر يكرس للقوة وليس للعدوان، للسلام وليس للقمع، ولكن دفاعا عن دولة القانون والحق والعدل ويؤسس للقضاء على الإرهاب وبث الأمن فى ربوع والبلاد، ولكن مع صيانة الحقوق والحريات، يدعم اقتصادا عملاقا ومشروعات وطنية ضخمة للدولة والقطاع الخاص واستثمارات مباشرة ولكن مع الحفاظ على حقوق الفقراء ومحدودى الدخل». الرسالة السادسة: وعد للفقراء ومحدودى الدخل بتحسين أوضاعهم «طبعا هيبقى فيه محافظة على حقوق الفقراء والغلابة والمساكين ومحدودى الدخل». الرسالة السابعة: التخلص من ارث فساد الماضى وغياب معايير الكفاءة، يتطلب مقترحات، «لن ادخر جهدا لتخفيف معاناته ما استطعت فلن أعارض مقترحا فى صالحه وسأواجه ما يمكن من إجراءات للبدء فى تحسين أوضاعه ولن اتوانى يوما عن أضمد جراح أى مصرى». الرسالة الثامنة: رسالة طمأنة لرجال الأعمال الوطنيين، وتأكيد أن التنمية مرهونة ببيئة آمنة، تبدأ بدحر الإرهاب، وإصلاح التشريعات الاقتصادية، وزيادة القيمة المضافة لثروات مصر بتقليص تصدير المواد الخام لصالح تحويلها الى منتجات، وتخفيف العبء عن كاهل الفلاح والاهتمام بالتنمية الزراعية، وتوسيع مساحات المحافظات بتنمية ظهيرها الصحراوي. التاسعة: الاهتمام بالخطاب الديني، ليعكس صحيح الدين ووسطية الاسلام، ويهتم بالقيم والمعاملات، وكذا دور الكنيسة، فلا مجال لفكر متطرف، وتمكين الأزهر الشريف ودعم دوره الريادى بما يشعه فى العالم. الرسالة العاشرة: لا وجود لسلطة موازية للدولة، وهنا الرسالة موجهة الى الاخوان، فلن يكون فى مصر ما يسمى مكتب إرشاد ومرشد للإخوان، «لن اسمح بخلق قيادة موازية تنازع الدولة هيبتها وصلاحيتها بكل ما يعنيه ذلك من انعكاسات هدامة على الاثنين معا. «ولا مكان لاستغلال الدين للوصول لسلطة». الحادية عشر: موجهة لمؤسسات الدولة، ودعوة لإصلاحها وتخليصها من الفساد، ولا رحمة لمن تورط فى فساد قل أو كثر، ومن ثم المرحلة المقبلة للشرفاء فقط لوجوه نظيفة لا تلوث المستقبل المنشود، «اننى ادعو القائمين على مؤسسات الدولة المصرية إلى تطويرها واصلاحها ولتكن محاربة الفساد شعارها وشعارنا للمرحلة المقبلة واؤكد ان مواجهة الفساد ستكون شاملة ضد الفساد بجميع اشكاله لن اقول انه لن يكون هناك تهاون مع الفاسدين وإنما لن تكون هناك رحمة من أى ممن سيثبت تورطهم فى اى قضايا فساد أيا كان حجمها». الثانية عشر: تصحيح المفاهيم، والمصطلحات هام جداً، والأصل المواطنة، والمساواة بين الجميع فى الحقوق والواجبات، والمعارضة مقبولة شريطة التزام السلمية والأطر القانونية، والحرية يقارنها المسئولية، القائمة على النقد البناء دون إسفاف أو تجريح. الثالثة عشر: من يزرع يحصد، وما قامت المرأة المصرية به من دور، يستوجب أن تجنى نتاجه بدور أكبر فى البرلمان المقبل وتوسيع قاعدة مشاركتها فى المناصب، والحقوق، والشباب أدى وفجر الثورة، لكن المستقبل ما زال ينتظر منه الكثير، «ان مزايا الاوطان كما تكون نعيما لاهلها فإنها تفرض عليهم ايضا ان يبذلوا جهودا مضاعفة لصيانتها وتنميتها» الرابعة عشر: استقرار النظام المصرى الجديد، والانطلاق نحو البناء، بلا صدام أو تنازع سلطات رهن تشكيل البرلمان المقبل، ومن ثم دقة الاختيار عامل رئيسى مع تزايد سلطات البرلمان بنص الدستور، وبالتالى يمكن أن يكون داعم ومحفذ للرئيس أو معوق له، «فاعلموا ان اصواتكم امانة وان اختياركم لنواب الشعب سيترتب عليه الكثير». الخامسة عشر: وحدة الجبهة الداخلية تسهم فى التنمية، وقوة السياسة الخارجية، وعودة دور مصر الريادى والقوي، فدولة ممزقة بالداخل لا تقوى على صناعة سياسة خارجية قوية. السادسة عشر: 1- العرب وخاصة الخليج، آليات العمل العربى فى حاجة لمراجعة، فالأمن القومى العربى مهدد. 2- للخليج خاصة «تهديد أمن الخليج تهديد للأمن المصري» وأى خطر سيسرع المصريون لنجدة الأشقاء «مسافة السكة». 3- لا تنازل عن دعم فلسطين لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، مصر تواصل ما بذلته من دعم وتضحيات دفاعا عن القضية الفلسطينية ضد العدو الصهيوني. محاولات الوقيعة بين مصر ومحيطها الإفريقى مصيره الفشل، ومراعاتنا لحق اثيوبيا فى بناء سد النهضة للتنمية لا يعنى تنازلنا عن حقنا فى الحياة، وهذا يشير لبناء علاقة تراعى مبدأ التفاوض لتحقيق المصالح المشتركة، «إن مصر الإفريقية رائدة تحرر واستقلال القارة السمراء فاننى اقول لمن يحاول فصلها عن واقعها الافريقى لن تستطيع فصل الروح عن الجسد فمصر افريقية الوجود والحياة واقول لابناء الشعب المصرى الذى قامت حضارتها على ضفاف نهر النيل الخالد لن اسمح لموضوع سد النهضة بأن يكون سببا لخلق أزمة أو مشكلة وان يكون عائقا امام تطوير العلاقات المصرية سواء مع افريقيا او مع اثيوبيا الشقيقة، فإن كان السد يمثل لاثيوبيا حقها فى التنمية فالنيل يمثل لنا حقنا فى الحياة». 5- مصر ستتبع سياسة الاستقلال، لا التبعية، تنطلق فى علاقتها بالجميع من المصلحة الوطنية، والأولية لمن دعم ويدعم الشعب المصرى «علاقتنا الدولية فى المرحلة المقلبة فستكون علاقات ديمقراطية متوازنة ومتنوعة لا بديل فيها لطرف عن آخر فمصر تستطيع الآن ان ترى كافة جهات العالم، «مصر الجديدة ستكون منفتحة على الجميع لن تنحصر فى اتجاه ولن نكتفى بتوجه». 6- مصر ملتزمة بتعهداتا ومعاهداتها الدولية، «وأجدد التزاماتنا بتعهداتنا الدولية التاريخية والحديثة المعاصرة، وما يكون من تعديل فيها يكون بالتوافق بين الأطراف المتعاقدة بما يحقق المصالح المشتركة”. وبذلك مصر عربية اسلامية وسطية، افريقية بين دول حوض البحر الابيض المتوسط.