عندما يأتى الشتاء كل عام تتجدد فى أذهان مواطنى محافظة قنا مأساة ما خلفته السيول فى المحافظة على مر الاعوام السابقة مثل سيل عام 1954الذى قدرت سرعة اندفاع مياهه 140 كيلو مترا فى الساعة وما تلاه عام 1983 ثم آخر سيل شهدته قنا عام 1994 والذى لا تزال آثاره عالقة فى أذهان مختلف الاجيال حاليا من كبار وصغار وذلك نظرا للدمار والخراب الذى خلفه من انهيار منازل وعمارات وقطع الطرق وتوقف حركة الحياة وموت المئات من أبناء قنا. وحسب تقارير صادرة من المحافظة فإن هناك 19 قرية قناوية مهددة بالغرق بمياه السيول من بينها حجازة التابعة لمركز قوص وقريتى كرم عمران والمعنا بدائرة مركز قنا والكلاحين بقفط ابو مناع وعبدالقادر وأبو دياب بدشنا والسماينة بنجع حمادى والكوم الأحمر بفرشوط وقريتى بلاد المال والملاحة بأبوتشت وعلى مدار السنوات السابقة عكفت الدولة على انشاء سواتر ومخرات للحماية من خطر السيول فأنشأت 7مخرات بمناطق مختلفة بقنا أنفقت عليها ملايين الجنيهات يأتى فى مقدمتها مخر سيل «وادى قنا» الذى يعتبر من أقوى مخرات السيول على مستوى الجمهورية وذلك من أجل الحماية من خطر السيل. ومع بداية ظهور ما عرف بالبرنامج الانتخابى للرئيس الاسبق حسنى مبارك ارتكبت حكومة الدكتور أحمد نظيف جريمة بشعة على أرض محافظة قنا حيث طرحت مشروع «قرى الظهير الصحراوى» من أجل حل المشكلة السكانية والقضاء على ظاهرة الهجرة من الريف للمدينة وعلى أرض محافظة قنا بدأت الدولة بالتواطؤ مع المسئولين من أصحاب القلوب المريضة وفى مقدمتهم المحافظ الاسبق اللواء «مجدى أيوب» فى تنفيذ ذلك المشروع حيث اختارت مناطق بشكل عشوائى ودون دراسات مسبقة فأنشأت قرى على مناطق مخرات سيول وأحزمة زلزالية ضاربة عرض الحائط بتحذيرات الجيولوجيين والخبراء من أبناء قنا الذين حذروا من خطورة بناء تلك المشروعات ويأتى فى مقدمة تلك القرى «كرم عمران» والتى تقع عند مصبات الاودية أى فى المسار الطبيعى للسيل مما يعرض حياة مئات الاسر للخطر. أما الجريمة الثانية فتمثلت فى إنشاء أحواض الصرف الصحى الخاصة باستقبال مخلفات المصانع بالمنطقة الصناعية التابعة لمركز قفط فوق مجرى السيل والتى تحمل ملوثات كيميائية خطيرة حيث تستقبل مخلفات مصنع الادوية فى المنطقة الصناعية وفى حالة حدوث السيل قد يجرف تلك المخلفات الكيميائية الخطيرة مما قد يؤدى الى تلوث مياه نهر النيل ومحطات مياه الشرب واصابة القرى بالتلوث الكيميائى حسب تقديرات الخبراء. الاكثر الخطورة أن عددًا من ابناء قنا المهتمين بالشأن العام حذروا من إنشاء مبان على مساحة 24الف فدان عام 2000 نظرا لوقوعها على مخر السيل الا انه لم يعبأ بهذه التحذيرات احد. على أحمد محام يتهم الدولة بأنها خالفت القانون بالبناء على اراضى مخرات السيول فالقانون 48لسنة 45 يجرم البناء على اراضى السيل وأن هذه المخالفات تعد انتهاكا للقانون. مطالبا بسرعة التحرك تجاه تلك القرى قبل ان يجرفها السيل. ويضيف محمد عبد الحميد أحد مواطنى قرية المعنا التى شهدت سيلاً ضخمًا فى السنوات السابقة أن مخرات السيول أصبحت مليئة بالقمامة والحيوانات النافقة لافتا الى أن العديد من المواطنين أنشأوا عليها مبانى وحظائر للمواشى وفى حالة قدوم السيل قد تحدث كارثة لا يحمد عقباهها. أما د. مصطفى محمود استشارى العلوم الجيولوجية فيقول إن هناك 29حوضا و مخر سيل بقنا تتفاوت درجة خطورتها فهناك مخرات سيول تمثل خطورة من الرجة الاولى ومخرات سيول من الدرجة الثانية وأخرى من الدرجة الثالثة وأن من أكبر مخرات السيوم مخروادى قنا حيث يمتد لمسافة 350 كيلو مترا بعرض من 20الى 30 كيلومترا ويبدأ من المنيا شمالا وينتهى بقنا يليه مخر وادى السراى امام قرية كرم عمران. وانتقد استشارى العلوم الجيولوجية أن الاجراءات الاحتياطية التى قام بها جهاز المدينة، مؤكدا أنها تمت بدون دراسة علمية حيث قام الجهاز بإنشاء طريق أسفلتى فوق ترعة سيل وادى قنا واغلاقها بسد ترابى وهو يمثل خطورة بالغة حيث انه فى حالة نزول مياه السيول من وادى قنا سوف تغير مجراها وتقوم بتدمير المنشآت الموجودة بالمنطقة. وطالب مصطفى من الدولة أن تعيد النظر فى تلك المنشآت وأن تعتمد على الاكاديميين والباحثين فى مجال الجيولوجيا وعلوم البيئة والتربة فى حالة تنفيذ تلك المشروعات مؤكدًا على أن ماحدث على أرض قنا من مخالفات يجب محاسبة المسئولين عليه. ويرى بركات الضمرانى مدير مكتب مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوف الانسان بقنا أن بناء الدولة مبانى ومشروعات على مناطق خطرة ومخرات للسيول يعد انتهاكا لحقوف الانسان التى نصت عليها المعاهدات والمواثيق الدولية وفى مقدمتها الحق فى الحياة والمسكن والامن مطالبا بضرورة محاسبة كل المسئولين والمتسببين فى تلك الانتهاكات وخاصة ونحن فى ظل ثورة 30 يونيو التى قامت من اجل تطهير البلد من الفساد والمفسدين ورفع الظلم والمعاناة عن كاهل المواطنين. من جانبه يؤكد اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا أنه تم رفع وضع خطة شاملة لحماية المحافظة من أخطار السيول بالتنسيق مع الوحدات المحلية ومديريات الخدمات والهيئات المختلفة بالمحافظة موضحا بها دور كل من هذه الجهات قبل وأثناء وبعد حدوثها ووقايتها خاصة فى فصل الشتاء كما تم حصر القرى التى يمكن أن تتعرض للسيول وتضم 19 قرية بمراكز نجع حمادى ودشنا وقفط وقوص ونقادة وتم تشكيل غرف عمليات تعمل 24 ساعة بجميع المديريات والمراكز والقرى تكون على اتصال دائم بغرفة العمليات المركزية بديوان عام المحافظة. وأكد المحافظ على انه تم التنبيه على مديرية الرى بقنا لصيانة وتجربة بوابات «الأفمام» والحجازات الرئيسية ومصبات النهايات على المصارف لتكون جاهزة للعمل والتأكد من خلو المجارى المائية لمخرات السيول البالغ عددها10مخرات على مستوى المحافظة تشمل (مخرسيل قنا (بالمعنا)-حجازة – خزام – الكلاحين - كرم عمران - الشيخ عيسى وعدد 3 سدود إعاقة بنجع عبد القادر بدشنا) وإزالة العوائق التى تحول دون مرور المياه بها إضافة الى تجهيز ماكينات الرفع المختلفة وتجهيز وسائل المواصلات اللازمة لتحريكها للمشاركة فى مواجهة أخطار السيول فى أى لحظة. ولفت الى انه تم تركيب عدد 4 أجهزة لقياس ورصد مياه الأمطار مربوطة بنظام التنبؤات الموجود بمعهد بحوث الموارد المائية والرى بالقاهرة الذى يقوم بإرسال تقرير يومى عن حالة الطقس لمدة 72 ساعة قادمة وذلك بالتنسيق مع الإدارة العامة للموارد المائية والرى.