يقول سبحانه وتعالي: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِي حَمِيمٌ" ويقول سبحانه وتعالي أيضا: "ادْعُ إِلَي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ". وجاء في كتابه الحكيم: "وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ"... وفي إنجيل متي الإصحاح الخامس .. الآية التاسعة: "طوبي لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعوه". السلام هو أساس الأديان السماوية جميعها، فلم ينزل الله من عنده ما يأمر بقتل الناس، ولا ما يدعو إلي التفريق بينهم علي أساس الدين.. والسلام اسم من أسمائه الحسني عز وجل، لمن يعقل ولمن يفهم ولمن يؤمن إيمانا حقا بالله العزيز الكريم. ما حدث قبل أيام في قرية صول مركز أطفيح، وما تبعه من تداعيات في مناطق عدة من القاهرة حتي ساعات مبكرة من فجر أمس أمر لا يقره أي دين، ولا يقبله أي عاقل، ولا هو مؤامرة من فلول نظام سابق كما يحلو للبعض القول، ولا حتي مؤامرة خارجية تستهدف أبناء الوطن، لتفريقهم وتمزيقهم وجرهم لحرب طائفية تأكل الأخضر واليابس. منذ سنوات أكتب مثل غيري عن التعصب والتشدد والتطرف الذي أخذ يضرب المجتمع، وينهش في لحمه، كما الورم الخبيث حتي تضخم وصار يخنقنا جميعا، لكن الفارق بين قبل 25 يناير وما بعدها أنه كان لدينا سلطة، تحاول احتواء المواقف وتمنع التصعيد حتي ولو بطرق بالية عتيقة، لكن تحلل هذه السلطة أطلق أسوأ ما فينا، خرجت الفوضي، وقدم كل شخص مصلحته الخاصة علي مصلحة الوطن، واندلعت نيران الفتنة لتحصد أرواح المواطنين، وخرج المتشددون والمتطرفون من جحورهم ليعلنوا حروبا دينية علي غرار داحس والغبراء. مصر في أمس الحاجة إلي السلام الداخلي في هذه اللحظة، وليس بعدها، ففي كل ثانية تشتعل نيران لا يمكن إطفاؤها، تلتهم أرواح الناس، وروح التسامح التي ميزت المصريين جميعا طوال عقود وقرون، هذه الروح التي تطلب منا الآن أن نستعيدها، ليس علي طريقة قداس القيامة الذي بثته جميع الفضائيات في بث موحد من الكنيسة برعاية وزير الإعلام السابق، وليس عبر المجالس العرفية، وليس عبر مصافحات بين رموز دينية، وإنما عبر أدمغة الناس، ومن خلال نشر ثقافة التسامح والسلام وتقبل الآخر.. أيا كان هذا الأخر حتي ولو كان مصريا مثلنا جميعا لكنه يختلف في الدين فقط.ويجب أن يعي جميع المصريين أن أوروبا عاشت قرونها الوسطي في ظلام دامس، واستعانت بالحضارة العربية المزد، لأنهم سقطوا أسري التعصب في وقت انفتح فيه الإسلام، وحين انفتحت أوروبا وتحررت من التشدد الديني انطلقت النهضة، بينما تخلفنا أكثر وأكثر حين سقطنا في فخ التشدد والخزعبلات، وتركنا أعظم ما في الأديان جميعا وهو السلام.. طوبي لمن يصنع السلام..فالسلام هو الله عز وجل.