الجزء الثاني من المقال: (ومن أكثر البراهين التي تكشف زيف وخداع هؤلاء الإعلاميين والصحفيين الذين يعملون في الفضائيات والصحف الخاصة من دون استثناء سوي (عبد الحليم قنديل، وإبراهيم عيسي، ووائل الإبراشي) أنهم عندما تقع أيديهم علي فساد ما هنا أو هناك يرددون في مكر وغباء فاقع قولتهم الشهيرة: (سيادة الرئيس لو يعرف حاجة زي كدة مش ممكن يوافق عليها)، وهم بقولتهم هذه ينسبون إلي الرئيس مبارك من حيث لا يشعرون الغفلة عما يحدث بالبلاد واللامبالاة بما تفعله الحكومة وأهل السلطة بالناس، مما يشعر المتابع للإعلام الخاص والصحافة الخاصة بأن الرئيس مبارك إما أنه يغط في نوم عميق طوال اليوم، بل طوال الأسبوع، بل طوال عمره، ولا يدري شيئا عن أحوال الناس إلا من الصحافة ووسائل الإعلام، أو أن الرئيس مبارك يحكم مصر من علي ظهر كوكب آخر غير كوكب الأرض، وبالتالي فهو غير ملم بما يحدث في مصر. أو أن الرئيس يعلم بكل ما يحدث في البلد من فساد وانهيار ولكنه يصمت عنه ولا يتحرك إلا حين يثار الموضوع في وسائل الإعلام، وهذا يعد موافقة ضمنية منه عما يحدث ويدور في مصر وبالتالي فهو مشارك فيه. فلو كان هؤلاء الإعلاميون الذين يدعون الاستقلالية والمعارضة يقيمون للأمانة والصدق والشرف وزنا لاغتنموا تلك الفرصة الممنوحة لهم حاليا من حرية الكلام ولأشاروا صراحة إلي المسئول الأول والأوحد عما يحدث في مصر منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، ولكانوا قد تطهروا من النفاق والكذب علي أنفسهم وعلي الناس وتركوا تلك المجاملات النتنة وذلك النفاق القبيح للرئيس مبارك، إذ هم يعلمون علم اليقين أن كل ما يحدث في مصر لم يحدث إلا بعلم الرئيس مبارك وفي ظل حكمه، ولكانوا قد تطهروا من أنانيتهم القميئة وخوفهم علي مصالحهم ونفعيتهم ومكاسبهم الشخصية والتفتوا إلي جموع الناس يجلون لهم حقائق وأسباب ما حدث ويحدث في مصر ويخبرونهم عن المسئول الحقيقي عن كل هذا، فلو فعلوا ذلك لكان أشرف لهم وأكرم وأفضل من تلك الدعارة الإعلامية التي يمارسونها علي الناس في برامجهم الفضائية وعلي صفحات جرائدهم، ولعلهم قد يخرج منهم ذات يوم شخص واحد يطالب الناس بمساءلة الرئيس مبارك وحده عما حدث ويحدث في مصر ولمصر علي الصعيد الداخلي والخارجي طيلة فترة حكمه في الثلاثين عاما الماضية، أو يطالب أحدهم بمحاكمة الرئيس مبارك أمام محكمة مصرية عادلة لتنزل به العقاب العادل حين إدانته جزاء ما فعله بهذا البلد وأهله، لكني أشك في أن أحدا يفعلها في ظل تلك الدعارة الإعلامية التي تمارس علي شاشات القنوات الخاصة وعلي صفحات الجرائد التي تدعي المعارضة والاستقلالية. وعزائي الوحيد أن الرئيس مبارك وغيره من الحكام العرب لو أفلت أحدهم بالموت من محكمة الدنيا فلن يفلت من محكمة الحي الذي لا يموت يوم يقوم الناس لرب العالمين حين يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلي ربك يومئذ المستقر، تلك المحكمة قدسية الأحكام والميزان حين يقول الله للظالم لا تتكلم ويقول للمظلوم تقدم وخذ مظلمتك ممن ظلمك، محكمة يقول الحق عنها: (وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيوْمِ القِيامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَينَا بِهَا وَكَفَي بِنَا حَاسِبِينَ) (47 الأنبياء) يبدو لي أن النظام المصري قد حسبها صح وعرف أن الشعب المصري مهما فعل فآخره الكلام ثم الكلام ثم الكلام فقرر أن يفتح له أبواب حرية الكلام علي مصراعيها تمشيا مع القول المأثور (الكلاب تنبح والقافلة تسير)، وأخيرا أقول: إن صَدَّقَ أهل الأرض كلهم جميعا أن (الحداية تفقس كتاكيت) أنا لا أصدق، لأن الحق سبحانه يقول: (وَالْبَلَدُ الطَّيبُ يخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً) (58 الأعراف). والأيام والشهور القادمة وما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلسي الشعب والشوري القادمة ستثبت صدق ذلك. وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله إن الله بصير بالعباد.) انتهي المقال الذي نشرته علي عدد من المواقع الإلكترونية بتاريخ: 2010/3/15م. (البقية تأتي)