صدر مؤخرًا عن المركز القومى للترجمة، النسخة العربية من كتاب (إصلاحى فى جامعة الأزهر) أعمال مصطفى المراغى وفكره، الكتاب من تأليف فرنسين كوستيه - تارديو، ومن ترجمة عاصم عبد ربه حسين. من خلال 406 صفحات، تستعرض مؤلفة الكتاب، معلومات مهمة حول تاريخ الشيخ المراغى ومؤلفاته، متناولة بالتحليل المنطقى المحايد، المواقف التى اتخذها الشيخ حيال ما واجهه فى حياته بشقيها السياسى والديني، والذى شكل التداخل بينهما علامة فارقة ميزت الرجل عن أقرانه من رجال الاصلاح، حيث لم تترك وثيقة ولا رواية دون تحقيق، حيث تؤكد فى تحليلها انتماءه لتيار الإصلاح الذى يمثله محمد عبده.
الشيخ محمد مصطفى المراغى قيمة علمية ودينية كبرى، تستحق الاحتفاء بها والتذكير بالدور الكبير الذى لعبه الشيخ فى حياتنا الفكرية والدينية فى النصف الأول من القرن العشرين، عرفته الساحة الفكرية والدينية واحدًا من أعظم العلماء، كما عرفته مصلحاً اجتماعياً بارزاً ووطنيًا غيورًا، مسكونًا بالرغبة فى أن يرى بلاده مصر تحتل المكانة السامية التى تليق بها فى العالم الإسلامي، دعا إلى اصلاح الأزهر واصلاح القضاء والتقريب ما بين المناهج الاسلامية، والعمل على اذابة الفوارق بين طوائف المسلمين فى مختلف ديار الاسلام.
ولد محمد مصطفى محمد عبد المنعم المراغى فى بلدة المراغة بمركز مغاغة، محافظة سوهاج بصعيد مصر فى 9 مارس 1881، وتوفى فى 2 أغسطس 1945بمدينة الإسكندرية.
أتم حفظ القرآن فى العاشرة من عمره، ثم التحق بالازهر وتخرج فيه بعد حصوله على شهادة العالمية 1904 وكان ترتيبه الأول على زملائه، اختاره الشيخ محمد عبده ليعمل قاضيًا بمدينة دنقلة بالسودان، تدرج بالمناصب حتى أصبح رئيس المحكمة الشرعية العليا، ثم عين شيخاً للأزهر فى المرة الأولى عام 1928، قدم المراغى وقتها مشروعه لإصلاح الازهر الذى اصطدم بمعارضة قوية وعقبات حالت بين الشيخ وتحقيق آماله فى تجديد شباب الازهر فقدم استقالته فى العام 1930.
عاد الشيخ إلى الأزهر عميدًا مرة أخرى فى عام 1935 وذلك على أثر المظاهرات الكبيرة التى قام بها علماء وطلاب الأزهر للمطالبة بعودته حتى يحقق ما كان ينادى به من إصلاحات، واستمر على رأس الأزهر لمدة عشر سنوات إلى أن وافته المنية.