إن البعض للأسف الشديد يحاول أن يثبت حرصه الشديد على الطاعة فيشق على نفسه، ويتعالى على بشريته، بل ويجنح بعيدا عن سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ظنا منه ان مثل هذه الامور ستبعده عن الاجر الجزيل، ولا يدرك أن الاجر كل الأجر والثواب كل الثواب فى اتباع النبى صلى الله عليه وسلم، حتى فيما يعتقد هو أنه من الامور البسيطة.. فحينما تتحدث عن تعجيل الفطور مثلا او تأخير السحور يظن البعض أن الامر هين، لكن الحقيقة انها اتباع محض لسنة النبى صلى الله عليه وسلم، وفيها الخير كل الخير، وهكذا كان هديه صلوات ربى وسلامه عليه فى هذا الشهر الفضيل. فقد كان صلى الله عليه وسلم يعجل الفطر بعد غروب الشمس مباشرة، وكان يفطر قبل صلاة المغرب، وكان يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد حسى حسوات من ماء، قال ابن عبد البر: «أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة» ومن هذه الأحاديث: عن ابن أبى أوفى قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم، فلما غربت الشمس قال لرجل: « انزل فاجدح لنا». قال: يا رسول الله، لو أمسيت. قال: «انزل فاجدح لنا». قال: يا رسول الله، إن عليك نهارا. قال: «انزل فاجدح لنا» فنزل فجدح، ثم قال: « إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم» وأشار بإصبعه إلى قبل المشرق» وعن مالك بن عامر قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة، فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما لا يألوا عن الخير، أحدهما يعجل المغرب والافطار، والآخر يؤخر المغرب والإفطار، فقالت: من يعجل المغرب والإفطار؟ قال: عبد الله. قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع..» وعبد الله هو ابن مسعود.