شعراؤنا شموس فى سماء الإبداع ينيرون لنا ببصيرتهم الثاقبة غشاوة أبصارنا بإبداعهم الذى طالما كان شاهد عيان لأجيال لم تخبرنا ولن نخبرها، شموس لا تأفل وإن غابت تظل خالدة الذكر. تحتفى صفحة إبداع اليوم بمقاطع من قصائد جنوبيين «الخال» عبدالرحمن الأبنودى والراحل أمل دنقل علنا نوفيهما جزءاً من حقهما علينا ونذكر ونتذكر معهما المعاش واليومى من تاريخنا المعاصر كما رأته بصائرهما.
يا أمة قومى
يا أمة قومى بقي.. ده انتى فضحتينا... الأمريكان سكنوا مش وسطينا.. لأفينا والاّ اليهود اللى سرقوا حتى أغانينا حرتوا الأراضى وقتلوا هناك أعز الولد الشهدا أكوام على الأكتاف.. إوعى تعد أبدان جميلة.. بتاكلها النسور والحِدّ إحنا انتهينا... تعالوا ياللى بعدينا يا أمة قومى بقى لأحسن فضحتينا.... الأمريكان سكنوا مش وسطينا.. لأفينا ياللى فى عُسرى وضيق اليد نسيتونا أهى الفلوس نفسها.. حاتروح لأعادينا بترول أراضى العدو ده اللى فى أراضينا. شفتوش كده؟ والبلاد ممنوع نحميها نحميها من مين؟ دى مش أراضينا.. أراضيها هوه بسلاحه المميت.. جاى ينزرع فيها وانتو.. بدخان صمتكم يا أهلى عميتونا ياللى فى عسرى وضيق اليد نسيتونا أهو جه ياكلكوا اللى على حربه انتو لُمْتونا يا أمة ترمى ضميرها للكلاب.. ببلاش يا أمة قبلت مصيرها (خدمة الأوباش) كله كلام.. لا انتماء.. ولا وطن.. ولا دين قاعدين سنين تحلموا بظهور (صلاح الدين) ماكان ما بينكم قتلتوه انتو يا فالحين كل اللى صدوا العدو.. راحوا ومش راجعين ولا «صلاح دين» يا ناس ولا حتى زفت الطين الحى ميت يا ناس أما اللى ميت عاش يا أمة ترمى ضميرها للكلاب ببلاش يا أمة قبلت بفرحة.. خدمة الأوباش ما اعادش إلا انتظار الموت.. يا إما نقوم نسجد فى ساحة النضال وعن البلاهة نصوم لو الدما تبقى بحر.. فى دمنا.. حنعوم إزاى يعيش الوطن.. من غير رجال تحميه؟ تموت وتحيا معاه.. تموت وتحيا ليه.. كإن ابن العرب مولود يا ناس.. مهزوم ماعادش إلا انتظار الموت يا إما نقوم نحمى الوطن بالصدور.. ونفجر المكتوم كل الشوارع بتصرخ فى المدن بجنون توقّف الحرب.. تفضح فكرة المجنون فى أوروبا حتى ف أميركا.. لأ فى كل الكون.. إلا احنا إرتحنا قدام أى تليفزيون آدى العراق فى طريقها للغرق يابا واحنا حواليه خُطبنا فجة... كدابة نتخانقوا من غير سبب.. لأ فيه سبب طبعاً وحنغرقوا فى الزمن.. يا أمتي.... جمعاً متملعنين... إنما... عدونا..... ألعن قدَّامُه حملان.. لكين.. على بعضنا ديابة الكل عايز ساعات المؤتمر تمضي.. علشان ما يجرى على دار العدو.. يمضي كإن بعضى ينازعني.. على بعضي.. معظمنا هوه العدو.. يعنى العراق يا هوه مش أمريكان وانجليز.. إحنا اللى حنهدوه واحنا اللى بتروله رايحين للعدو نِهْدوه وبعده بترول جديد.. وبعده بترول جديد وأنا منتظر مقتلى وإيدى على خدي الكل عاوز ساعات المؤتمر تمضي.. علشان ما يجرى على دار العد (يمضي) أنا باهيب بالشباب.. إنسوا اللى قضُّوا العمر يتكلموا ويخطبوا وسابوا سنينكو... تمُر... ده انتو القلوب الفتية والوجوه السمر ترضوا تبيعوا الوطن بتفاهة الغايات؟ وتبقوا إنتو وأعداء الوطن إخوات؟ متربصة بيكو أم العولمة والجات تتمِسْحوا م الكون كما مسحوا الهنود الحمر أنا باهيب بالشباب انسوا اللى قضّوا العمر يتكلموا ويخطبوا وسابوا سنينكو تمر يا أمة قومي.. وانتى يا مصر.. ماتونِّيش وإلا عشرين سنة.. حاتمر زى مافيش تعلا اليفط أعلا ميادين أمة الإسلام شركة إسرائيلية اهه لصناعة الأقلام واستديو صهيون هنا لصناعة الأفلام والمصنع الإسرائيلى لعلبة الورنيش يا أمة قومى وإنتى يا مصر ماتونيش بغداد.. يا أم التاريخ والحكمة والأشعار بغداد يا أم القصور والنخل والأنهار ماعادش إلا الصمود الليل فى آخره نهار دافعى بشرف واتركى للأمة طعم العار ملو التاريخ.. الفصول صادقة وكدابة سنتين تقدَّم.. وألف.. نعودوا للغابة الأمة فيها فرح لأزمله ندابه الدنيا كلتها تهتف باسمِك المظلوم بكره الجراح تندمل.. عُمر الظلام مايدوم أطفالك اللى التاريخ حيحكى قصتهم ونساكى فى صبرهم. الدنيا نسيتهم يا دى العراق العريق صحّى العرب م النوم يا طاعم المحرومين.. إزاى تبات محروم.؟ ومهما كانوا الطغاة.. الدار لأهل الدار الدار لأهل الدار ، الدار لأهل الدار
عبد الرحمن الابنودى
ياعنكبوتة
يا عنكبوتة كملى عشك لا حد حيزيحك ولا يهشك لمى مهاجرينك وثبتى دينك اتمطعي وخدينا فى وشك بلاد بلا عزة ممكن تجيبى أجلها من هزة بلا ضفة بلا غزة بالدم رشى اللى بماء رِِشك وكملى عشك لمى مهاجرينك ولو ملايين يا عنكبوتة احنا مش فاضيين مدى الخيوط خيط خيط واكسى كل الحيط نامى بأمان واتمطعى بفرشك من وشنا ما بنسمعوش وشك لمى مهاجرينك وتعاليلي لا تهم تباريرى وتعاليلي انا فى الخلا بنفخ شعاليلي واوزن قوافى وتفاعيلي اغش نفسى وعمرى ما اغش واحش روس اهلى ولا احشك حتعيشى أبد الدهر حتوحديها انتى نهر ونهر نشى اللى ما قدروش على نشك أنا زى ما بعت السنين الخرس ورضيت بربع الربع خمس الخمس مجانى حوهبلك عيون القدس مين اللى سألك تتركى عرشك؟ طب دحنا خدامك فى النوم بنوحيلك باحلامك واحنا اللى بنحققها قدامك
عبد الرحمن الابنودى
القلب الأخضرانى
أنا كل ما أجول التوبة يا بوى ترمينى المجادير ياعين وحشانى عيونه السوده يا بوى ومدوبنى الحنين يا عين متغرب والليالى يا بوى مش سايبانى فى حالى يا عين والرمش اللى مسهرنى يا بوى ضيعنى وأنا كان مالى يا عين أنا كل ما أجول التوبة يا بوى ترمينى المجادير ياعين وحشانى عيونه السوده يا بوى ومدوبنى الحنين يا عين يا رموش قتاله وجارحه يا بوى وعيون نيمانه وسارحه ياعين أد يكى العمر بحاله يا بوى وادينى انت الفرحة يا عين أنا كل ما أجول التوبة يا بوى ترمينى المجادير ياعين وحشانى عيونه السوده يا بوى ومدوبنى الحنين يا عين القلب الأخضرانى يابوى دبلت فيه الأغانى ياعين ولا قادر طول غيبتكم يا بوى يشرب من بحر تانى يا عين أنا كل ما أجول التوبة يا بوى ترمينى المجادير ياعين وحشانى عيونه السوده يا بوى ومدوبنى الحنين يا عين أنا كل ما أجول التوبة ترمينى المجادير
عبد الرحمن الابنودى خايف أموت
خايف أموت من غير ما اشوف تغيير الوشوش خرج الشتا وهلِّت روايح الصيف والسجن دلوقتى يرد الكيف مانتيش غريبة يا بلدى ومانيش ضيف لو كان بتفهمى الأصول لتوقفى سير الشموس.. وتعطلى الفصول. وتنشفى النيل فى الضفاف السود وتدودى العنقود وتطرشى الرغيف ما عدتى متمتعة وانتى فى ناب الغول بتندغى الذلة وتجترى الخمول وتئنى تحت الحمول وتزيفى فى القول وبأى صورة ماعادش شكلك ظريف *** دوس يا دواس ما عليك من باس واكتم كل الأنفاس. الضهر مليئ بالناس إللى حبيتهم دون ما يبادلوني الإحساس. وأنا عارف إنى ما باملكهمش لأنى ما مضيتهمشى فى الكراس الناس اللى دمغها الباطل دمغ اللى بتنضح كدب وتطفح صمغ اللى بتحشش وما بتحسس واللى بتضحك كل ما تنداس *** الجامعة طالعة رايتها ضلتها هدارة جبارة صادقة فى نيتها.. بتتجه.. يم الوطن والموت. و"شبرا" زاحفة تأكد التهديد وتجمع التبديد وصلت ميدان الفجر.. فى المواعيد… النهر.. والضفة. نبت هلال العيد ومالت الكفة وصحيت الرجفة. مصر اللى لا لحظة ولا صدفة. ثورة ف ضمير النور.. بتتكون. رايات. بدم البسطا..تتلون.. سدوا الطريق.. كيف المؤامرة تموت؟ "فلتسقط الخيانة والقيادات الجبانة ندّاغة الإهانة كريهة الريحة كريهة الصوت" *** الغضب.. بيوالى إنشاد البيان والوجوه الصامدة فى وش الزمان. والرحابة.. فى الصدور..وفى الليمان.. غابت الأسر الصغيرة فى الوطن . استوى ع الأرض وعي. صحيت الأمة ف هدير السعي. الوطن.. مفهوم وحلو ويتحضن.. ***
عبد الرحمن الابنودى
أوتوجراف لن أكتب حرفا فيه فالكلمة – إن تكتب – لا تكتب من أجل الترفيه ( و الأوتوجراف الصامت تنهدل الكلمات عليه، تحيّيه و تطرّز كلّ مثانيه ! ماضيك و ماضى الأوتوجراف – بقايا شوق مشبوه بصمات الذكرى فيك ، وفيه وخطى العشّاق المحمومه أدمت كلّ دواليه لكنّى أطرد كلّ ذباب الماضى عن بابي فدعيه غيرى قد يصبح سطرا من ورق يقلّبه من يجهله أو من يدريه غيرى قد ينبش تابوتا برّاق اللّون تعفّن خافيه لكنّى أطرد كلّ ذباب الذكرى عن غدى المشدوه عن ثوبى ، و طعامى ، و فراشي عن خطوة تيهى يا أصغر من كلماتي لن أكتب فيه فخطى العشّاق المحمومة أدمت كلّ دواليه !
امل دنقل
زهور وسلالٌ منَ الورِد, ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه وعلى كلِّ باقةٍ اسمُ حامِلِها فى بِطاقه تَتَحدثُ لى الزَهراتُ الجميلهْ أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً - َلحظةَ القَطْف, َلحظةَ القَصْف, لحظة إعدامها فى الخميلهْ! تَتَحدثُ لى.. أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها فى البسَاتين ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها فى زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدى المُنادين, حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ تَتَحدثُ لي.. كيف جاءتْ إليّ.. (وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ) كى تَتَمنى ليَ العُمرَ! وهى تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!! كلُّ باقهْ.. بينَ إغماءة وإفاقهْ تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانيهْ وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ... اسمَ قاتِلها فى بطاقهْ!
امل دنقل
خيط الليل جدار إذا يدن الديك يطلع عليه النهار وتنفلت من قبضه الشرق الحمامه أم الجناح أم الجناح الابيض فى عيون الصغار اه يا حبيبتى يا أم خصله مهفهفه قلبى اللى مرعوش بالامان لسه بيحلم بالدفا والشمس كلمه طيبه وفيها الشفا قلبى اللى كان قرب يموت لسه بيحلم بالبيوت زى الخرز والدرب خيط حرير ولاضم كل حيط وفى كل دار يترش حب الحب غيط يتنفس اللبلاب على الباب الكبير وبرضه ملضوم بالحرير يا ام العيون الدفاينين لو تعرفى من فين سمار النيل ؟ منين ؟ اوعك تقولى ان جوفه عب طين اسمر لا الشمس فوقه من سنين لو تعرفى طول السنين على شاب عريان البدن ودراعاته مكشوفين وانتى عينكى اسمروا من شيل الحنين ولأنهم متكحلين بشئ حزين بشئ فى كل عيون صحابى الطيبين اللى فى عينيهم انتظار واليل جدار اذا يدن الديك من عليه يطلع النهار .
عبد الرحمن الابنودى
ضد من
فى غُرَفِ العمليات, كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ لونُ المعاطفِ أبيض, تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات, الملاءاتُ, لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن, قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ, كوبُ اللَّبن, كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبى الوَهَنْ. كلُّ هذا البياضِ يذكِّرنى بالكَفَنْ! فلماذا إذا متُّ.. يأتى المعزونَ مُتَّشِحينَ.. بشاراتِ لونِ الحِدادْ؟ هل لأنَّ السوادْ.. هو لونُ النجاة من الموتِ, لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ, ضِدُّ منْ..؟ ومتى القلبُ - فى الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ؟! بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء.. الذينَ يرون سريريَ قبرا وحياتيَ.. دهرا وأرى فى العيونِ العَميقةِ لونَ الحقيقةِ لونَ تُرابِ الوطنْ!
امل دنقل
قالت
قالت : تعال إليّ واصعد ذلك الدرج الصغير قلت : القيود تشدّني و الخطو مضنى لا يسير مهما بلغت فلست أبلغ ما بلغت وقد أخور درج صغير غير أنّ طريقه .. بلا مصير فدعي مكاني للأسى وامضي إلى غدك الأمير فالعمر أقصر من طموحي و الأسى قتل الغدا *** قالت : سأنزل قلت : يا معبودتي لا تنزلي لي قالت : سأنزل قلت : خطوك منته في المستحيل ما نحن ملتقيان رغم توحّد الأمل النبيل ... ... نزلت تدقّ على السكون رنين ناقوس ثقيل و عيوننا متشابكات في أسى الماضي الطويل تخطو إليّ و خطوها ما ضلّ يوما عن سبيل و بكى العناق و لم أجد إلاّ الصدى إلاّ الصدى امل دنقل