إن أحد العوامل المؤثرة والمقيمة لممارسات التقدم في المجتمعات الحديثة هو كيفية وأسلوب استفادة المواطنين من المعلومات التي تتيحها الدولة والمؤسسات الموجودة فيها واستخدام الوسائط التي توفرها التكنولوجيا والتقنية الحديثة للحصول علي المعلومات واستخدامها وتداولها، والدولة والمؤسسات الأخري عند اتاحتها المعلومات فإنها في ذات الوقت يجب أن تتيح آليات لمعالجة تلك المعلومات كي تتسم عملية الاتاحة بقابلية الاستفادة وجدوي الأثر فتنوط بأقسام أو فروع داخل مؤسساتها أو إلي مؤسسات أخري بمهمة ترجمة تلك المعلومات إلي بيانات أو ارشادات مبسطة يتمكن من خلالها الأفراد تحقيق الفوائد المرجوة من المعلومات المتاحة. ومن الاتساع المطرد في استخدام تكنولوجيا المعلومات والتنوع الكبير في النظم المعلوماتية من شبكات تحمل طابع الخصوصية وتستخدم من قبل بعض الأفراد إلي شبكات دولية تمتد ليتسع نطاق مستخدميها إلي مليارات البشر حول العالم توفر لهم احتياجات معلوماتية وخدمية يصعب تقدير قيمتها وتتعاظم أهميتها بالنسبة لهؤلاء الأفراد. وتستطيع بسهولة بالنظر إلي تشابك العلاقات وتعدد المستخدمين لتلك النظم أن تقدر أهمية المعلومة حيث تصبح هي القيمة الأساسية لعملية التداول والرابط الأساسي بين تلك العملية بين مقدم المعلومة والمستفيد منها مما يتبعه ضرورة البحث عن اتاحتها كحق النظر إلي ضرورة تأمينها بوصفها أداة قد تستخدم ضد المستفيد منها أو مستخدمها إذا لم توجد آليات ونظم تحميها وتأمنها من هذا التحول وهو ما يثير في مقابل كفالة الحق في تداول المعلومات كفالة الحق في أمن المعلومة. ومع وجود تلك الإشكالية تظهر الأهمية في عرض بعض أبرز الجوانب التي يشير الواقع إلي ضرورة أن تشملها آليات الحماية المعلوماتية بما يكفل بيئة آمنة لتدفق وتداول المعلومات: 1- التطور التكنولوجي الرهيب خلال العقود الماضية والذي أسفر عن أنماط متعددة من وسائط الاتصال وشبكات المعلومات أكد علي وجود ضرورة ملحة إلي تنظيم الحق في تداول المعلومات وإن كان لا يعني التقييد ولكنه يصب في قالب التقنين حيث تصير المعلومة خاضعة للرقابة ليس علي محتواها ولكن علي مجال استخدامها لتحقيق الهدف التي تتداول من أجله. 2- العنصر البشري هو العامل الأساسي في تداول المعلومات لا يمكن إهماله وقيمته في منظومة استخدام المعلومة تتعاظم نظراً لكونه العنصر الموجه في حركة تداول المعلومات وتدفقها وهو ما يستدعي تأهيله وتدريبه علي استخدام المعلومة والحفاظ علي أمنها. والتخلص منها عند انتهاء الغرض مالتي شرعت من أجله. 3- البنية المؤسسية للكيانات التي تتحكم في استخدام المعلومة من الضروري أن تعمل من خلال سياسات تتضمن أطراً ووسائل تضمن انتقال المعلومات سواء في إطار المنظومة أو بين مستخدميها وعملائها أو بينها وبين أي طرف آخر يدخل معها في علاقات قائمة علي استخدام معلومات تتيحها أو يتم التعامل عليها بحيث تكفل تلك المنظومة التحكم في عمليات تداول المعلومات وتخلق البيئة الآمنة التي تستطيع استيعاب جميع مراحل انتقال المعلومة وفقاً لتراتبية شفافة يمكن التأكد فيها من سلامة الإجراءات المتبعة للحفاظ علي أمن المعلومات وبحيث لا تؤدي تلك الإجراءات إلي بيروقراطية تفقد معها تلك العمليات المرونة الكافية لضمان التدفق السريع والآمن للمعلومات. 4- البنية الداخلية للمؤسسات التي تعمل في تداول المعلومات لم تصبح العامل الوحيد المتحكم في عملية الانتقال الآمن للمعلومات، ولكن التنظيم الدولي لتلك المسألة والتزامات الدول والحكومات بضمان وإتاحة أساليب وآليات تعتمد علي النزاهة والشفافية في استخدام المعلومات واحترام الحريات الخاصة والرقابة علي الاستغلال التكنولوجي للمعلومات في مجالات تضر بدول أخري هو من أحد الشروط الأساسية للتمكن من إدارة دولية أكثر أمناً وتوافقاً للمعلومات في إطارها الشرعي. 5 - الرقابة المجتمعية علي ممارسة المؤسسات التي تعمل في تداول المعلومة لها دور مهم في توفير قدر أكبر من أمن المعلومات عن طريق مراقبة الالتزامات المفرضة علي المؤسسات التي تتعامل في تداول المعلومات وتفعيل دور المجتمع من خلال هيئاته القضائية وجهاته الرقابية ووسائل الإعلام للتأكد من تداول آمن للمعلومة تراعي فيها المصالح الجديرة بالاهتمام وفقاً لنصوص القانون. 6 - النظر إلي التغيرات التي أفرزها الواقع من تحولات علي الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتي بالتبعية أسفرت عن احتياجات أكثر تزايداً لاتاحة الحق في تداول المعلومة ولكنها وضعت نصب أعين جميع الشركاء في المجتمع ضرورة التوازن بين اتاحة الحق في تداول المعلومات وتنظيمه.