استوقفني بشدة هذا الاحتفال والتكريم الرائع الذي حظي به منتخب هولندا عند عودته الي بلاده بعد أن خسر المباراة النهائية في مونديال جنوب افريقيا أمام اسبانيا وحصل علي المركز الثاني. استقبلت ملكة هولندا الفريق ومنحته الأوسمة.. بل ومنحت المدير الفني وكابتن الفريق وسام فارس وهو الأعلي في هولندا تقديرا لما بذلوه من جهد. صحيح أن فريق اسبانيا البطل لاقي أيضا تكريما رائعا بل اسطوريا لدي عودته الي بلاده.. لكن هذا أمرا طبيعيا أن يتم الاحتفاء بالبطل.. ومنحه أعلي درجات التقدير.. لكن أن يتم احتفاء اسطوري أيضا بالمهزوم.. فهذا هو الجديد.. خرج الملايين من الهولنديين لاستقبال اللاعبين.. وعبروا لهم عن شكرهم علي الجهد الذي بذلوه.. وأكدوا فخرهم بهم وبإنجازهم. لم تخرج السكاكين لتذبح في الفريق.. وتتهم اللاعبين بأي اتهامات وخلاص.. لم يعقد الخبراء والمحللون والكباتن ندوات التحليل الأرضي والفضائي للتقطيع في الفريق والجهاز الفني.. وكل واحد »يفتي« بأنه كان يجب أن يقوم بيرت فان مارفيك المدير الفني بفعل كذا وكذا وأن.. وأن.. وكل يطالب بما كان لن يفعله لو كان مكانه.. حتي الوحيد الذي انتقد الأداء الهولندي في المباراة.. النجم الكبير كرويف.. قال كلمات مقتضبة اعتراضا علي الطريقة الدفاعية التي لعبت بها هولندا. لم تظهر »الشماتة« من بعض الباحثين عن دور.. لم يقيموا »مندبة« للبكاء علي هولندا التي أضاعت فرصة العمر لدخول التاريخ. التعامل المحترم.. والتقدير الكبير من الطفل الصغير وحتي الملكة كان هو عنوان التكريم للفريق الهولندي.. لأن الكل يعرف أن هذه مجرد رياضة ولعبة لابد فيها من فائز وخاسر وانني لو بذلت جهدي ولم أستطع أن أحقق الفوز فهذا هو قمة الخلق الرياضي والروح الرياضية أهم من أي مكسب مهما علا شأنه. أتذكر كل هذا.. لو لا قدر الله كان منتخب مصر أخفق ولم يحقق كأس افريقيا في أنجولا.. وكيف ستكون الصورة..؟! متي سنتعلم ونقدر ثقافة الهزيمة قبل ثقافة الفوز.. متي نسمو بأفكارنا وتعاملاتنا الي المستوي الذي جعل الملوك يخرجون لاستقبال الفريق الخاسر في نهائي كأس العالم. بل متي نتعلم أصول الرياضة الحقة بلا رياء أو تعصب.. وقتها لن يخرج حسام حسن ليقول انه لا يشرفه أن يدرب جدو لأنه أخلف وعده.. بينماهو يتشرف بتدريب عصام الحضري الذي سبق وأخلف وعده مع ناديه الأهلي.. وهرب في منتصف الليل..!!! تحية لكل الهولنديين.. أصحاب المباديء والأخلاق الرياضية الحقيقية وليس التمثيلية.