«تنسيق الجامعات» يعلن نتائج تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات الفنية    فصل التيار الكهربائي عن عدة قرى ببيلا في كفر الشيخ غدًا لمدة 3 ساعات    وسائل إعلام صينية: اتصال هاتفي بين الرئيس الصيني ونظيره الأمريكي    المستشار الألماني: لا نرى في الاعتراف بدولة فلسطينية أمرًا مطروحًا للنقاش حاليًا    من قلب الآثار بالأقصر.. ملك إسبانيا يدعو لحل عادل فى غزة    مقتل شخص وإصابة 3 فى غارة إسرائيلية استهدفت سيارة أمام مدخل مستشفى جنوب لبنان    ماريسكا: مانشستر يونايتد نتائجه خادعة.. وأموريم مدرب رائع    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الهلال.. توني يقود الهجوم    الزمالك يجهز دفعة من المستحقات المتأخرة لتحفيز اللاعبين (خاص)    خبر في الجول - كيروش يعتذر ل الأهلي عن عدم قبول مهمة تدريبه    مطروح تغلق الشواطئ المفتوحة وتحذر المصطافين من السباحة بالمزارات لارتفاع أمواج البحر    الأرصاد: أمطار خفيفة على الإسكندرية ومطروح خلال ساعات.. واضطراب البحر المتوسط    نائب رئيس حقوق الطفل بالأمم المتحدة: أطفال غزة يعيشون مأساة إنسانية حقيقية    أمير كرارة نجم شباك التذاكر.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم الشاطر    أحمد صيام يشيع جنازة شقيقته بحضور منير مكرم وحسان العربى.. صور    صحة دمياط تشكّل لجنة إشرافية مكبرة للمرور على مستشفى دمياط العام    نتنياهو: الشاحنات القادمة من الأردن ستخضع مع سائقيها لتفتيش شامل    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    أولى جلسات محاكمة 3 عاطلين بتهمة ترويج المواد المخدرة بحدائق القبة| غدا    تسليم 24360 ألف مقعد جديد لمدارس الغربية بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد    كلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة تحتفل بتخريج الدفعة 59    وزير النقل يعلن فتح الطريق الدائري الإقليمي جزئيًا    اليوم.. استئناف الجولة الخامسة بدوري المحترفين    عمرو عبد الجليل في حفل افتتاح مهرجان بورسعيد السينمائي    صورة جديدة للزعيم عادل إمام تشعل السوشيال ميديا    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    خطيب المسجد الحرام يدعو للتحصّن بالقرآن والسنة: قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    عالم أزهري: تفقد الغائبين ومراعاة الآخرين من قواعد الإسلام    فانتازي.. ارتفاع سعر ألكسندر إيزاك لاعب ليفربول    إجراء أكثر من 1000 عملية متنوعة بمستشفيات العريش العام والشيخ زويد    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    رئيس جامعة القناة يُعلن جاهزية الجامعة لاستقبال 45 ألفًا و398 طالبًا وطالبة    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    مجانا.. 11 عيادة متنقلة للكشف على الأهالي بالأماكن النائية والقرى الأكثر احتياجا في دمياط    "الداخلية": ضبط قائد سيارة استعرض برعونة في القاهرة    مجدي عبدالغني: سأظل وفيًّا للأهلي مهما كانت حدة الانتقادات    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    محافظ أسيوط يطلق مشروع مدرسة الوليدية الابتدائية الحديثة (صور)    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    وزير الزراعة يشارك في جلسة اعتماد الإعلان الوزاري للأمن الغذائي ضمن اجتماعات مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    صالون نفرتيتي يطلق فعالية ميراث النهر والبحر في دمياط ضمن مبادرة البشر حراس الأثر    مصدر أمني ينفي صلة "الداخلية" بجمعية عقارية في دمياط    مصادرة 1100 علبة سجائر أجنبية مجهولة المصدر في حملة ل «تموين العامرية» (صورة)    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    ملك وملكة إسبانيا يفتتحان إضاءة معبد حتشبسوت فى الأقصر.. صور    دونجا: عبدالقادر مناسب للزمالك.. وإمام عاشور يمثل نصف قوة الأهلي    %56 منهم طالبات.. وزير التعليم العالي: المنظومة تضم حاليًا ما يقرب من 4 ملايين طالب    للمرأة العاملة، ممنوع وضع المعجنات يوميا فى لانش بوكس المدرسة بدلا من الساندويتشات    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    فلسطين.. قوات الاحتلال تداهم منزلًا في بلدة كفر قدوم شرق قلقيلية    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    رحيل أحمد سامى وخصم 10%من عقود اللاعبين وإيقاف المستحقات فى الاتحاد السكندري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلايا مناخ تشاؤمي

هل يشعر عبد الفتاح السيسي بالاستقرار في الحكم فعلاً؟ هل بات مطمئناً إلى أن حجم مقاومة انقلابه، ومعارضته، لا يكفي لتهديد استمراره في ممارسة سلطة مسروقة ومغتصبة؟
أزعم أن النظام الذي يحكم بالبلطجة، وبالدجل، وبمصادرة كل مظاهر الحياة في المجتمع، هو نظام هش ومذعور ومرتبك، مهما توفرت له أشكال من الدعم الخارجي، والرعاية الإقليمية.
النظام الذي يخاف من مباراةٍ في كرة القدم، بحضور الجماهير، هو نظام ضعيف ومتهالك.
النظام الذي يسجن أطفالاً، ويطارد عبارات غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقتل الحياة الجامعية، ويطلق قطعاناً من المبتذلين لتدمير الوجدان العام، واختطاف الوعي بحكايات اغتصاب الأطفال الرضع، ومضاجعة الكلاب، وداعيات الرقص الشرقي، هو نظام أوهن من بيت العنكبوت، حتى وإن بدا متغطرساً ومنتفخاً ومفرطاً في استخدام آلات القمع والبطش.
النظام الذي يظن أن تحليق أسراب الغربان والبوم في الفضاء العام تقول للناس إنه لا فائدة من المعارضة، ولا جدوى من الصمود، ولا طائل من وراء أية محاولة للتخلص من هذا العار التاريخي، هو نظام يستشعر ضعفه وركاكته.
من هنا، يمكن التعاطي مع انفجار أنابيب التحبيط والتثبيط، كلما لاحت في الأفق بادرة انتظام في مشروع وطني حقيقي، للتصدّي لكل هذا الاستبداد والفشل، والانهيار في مقوّمات الدولة المصرية، بما يبدو معه وكأنه يحول نكتة "خلايا المناخ التشاؤمي" التي حوّلها نظام السيسي إلى موضوع أمام القضاء، وآلية لاصطياد المعارضين، والزجّ بهم في السجون، إلى منهجيةٍ في العمل، ووسيلة لإلحاق الهزيمة النفسية بصفوف المعارضة.
وعلى ذلك، تصبح تلك الألحان الجنائزية، الآتية من مقام "لا فائدة من المحاولة"، ولا حيلة أمام هذا التوحش، تصبح شيئاً يرضي السلطة، سواء كان ذلك بقصد، من عازفي نوتة اليأس، أو بدون قصد.
والحقيقة، ومنذ البداية، فإن غالبية الذين انحازوا لخيار التصدي للظلم، ومناهضة الاستبداد وجرائم الحكم المنظمة، لم يختاروا هذا المسار بوصفه فرصة استثمارية واعدة بعوائد أرباح مضمونة، على المدى القريب، فهذا اختيارٌ لا علاقة له بقوانين السوق، وقيم التسوق، أو التسفل.
هذا اختيار أخلاقي ووجودي بالأساس، ليس مهنةً أو حرفةً تعود على أصحابها بالرزق الوفير، بل العكس هو الحاصل، ذلك أنه الاختيار الذي يعود على أصحابه بأفدح الخسائر المادية، ويسدّدون فواتيره الباهظة، موتاً وسجناً ونفياً وتشريداً، فيما يرفل الممالئون المتواطئون مع القبح في نعيم عطاياه.
هو اختيار المدافعين عما يرونه حقاً وعدلاً، وواجباً أخلاقياً ووطنيا، اختيار أحمد عرابي وعمر المختار وأحمد ياسين الذي كان عجوزاً مقيداً فوق كرسي متحرّك، لكنه كان يمتلك براح الكون كله، براح المعنى الأخلاقي وفضاء القيمة الإنسانية.
هو ذلك الحق المر، بتعبير الراحل العظيم الشيخ محمد الغزالي، والذي عبر عنه بتأملاته في الدين والحياة، من خلال سرد هذا الحوار:
قال لي صديق: إن الاختبار الإلهى يصل إلى أن يوضع المرء تحت حد السكين في انتظار الذبح
قلت له: إذن، ينبغى ألا يزيغ اليقين، ولو تحت حد السكين.
قال: وفى ثباته يكون الفرج العاجل.
هو أيضاً اختيار الواجب الأخلاقي، كما عبر عنه فيلسوف ألمانيا العظيم، إيمانويل كانط، في نظريته البديعة الخلابة عن "الواجب الأخلاقي"، وتعريفه أن "الواجب منزّه عن كل غرض، فلا يطلب لتحقيق المنفعة أو بلوغ السعادة، وإنما ينبغي أن يطلب لذاته، أي ينبغي أن نؤدي واجبنا"، ويوضحه أكثر بالقول "ليست الأخلاق هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون سعداء، بل هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون جديرين بالسعادة".
وأيضاً إن "قيمة الفضيلة إنما تزيد كلما كلفتنا الكثير، من دون أن تعود علينا بأي مكاسب".
هو اختيار عصام سلطان، وكثيرين مثله في محبسهم، يفضلون الإعدام المادي على التماهي مع الظلم والجريمة، رافضين شراء حياتهم مطأطئي الرؤوس، بإماتة ضمائرهم، والتخلي عن نقاء قضيتهم.
لا نزعم أننا نساوي مثقال ذرة من محمد الغزالي، أو إيماويل كانط، أو أيٍّ من العظماء الذين أضاءوا التاريخ الإنساني بصمودهم وتمسّكهم بالعدل والحق، ولا نطالب الجميع بأن يكون مثلهم سواء بسواء، ولا نصادر حق أحد في الركون إلى الراحة، ونفض اليد، والرضا بالمكوث على أرصفة اليأس والاستمتاع بلذة العجز التبريري، لكننا فقط نرجوهم أن ينأوا بإحباطهم وعجزهم عن الذين قرّروا الاستمرار في مسار المقاومة والرفض، وعدم الإذعان لواقع مقبض وكريه ومجحف.
استمتعوا بإحباطكم، من دون أن تصادروا حق الناس في الأمل وفي الحلم.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.