رئيس وزراء إيرلندا يزور لبنان ليعايد قوات بلاده في اليونيفيل    رومانو: مفاوضات الأهلي وبرشلونة لضم حمزة عبد الكريم مستمرة    ضبط 277 كيلو مخدرات و104 قطع سلاح ناري خلال 24 ساعة    الداخلية تكشف ملابسات خطف طالب وطلب فدية مالية بالجيزة    المخرج الفلسطيني يوسف صالحي: ترجمت الألم الداخلي إلى لغة سينمائية في فيلم «أعلم أنك تسمعني»    انطلاق عروض توتة توتة في الغربية ضمن مشروع مسرح المواجهة والتجوال    جوتيريش يدين مقتل أحد موظفي الأمم المتحدة في جنوب السودان ويدعو لفتح تحقيق عاجل    طلاب علوم القاهرة يواصلون تنفيذ برامج التدريب استعدادا لامتحانات نصف العام    محمود مسلم: السودان جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي المصري.. وكل الخيارات مفتوحة    مرتبات تصل ل25 ألف جنيه.. «العمل» تعلن عن وظائف في السويس    قاصرات من 14-17 سنة وسمراوات.. مذكرات لFBI تكشف جرائم جيفرى إبستين    مستشار سابق لترامب يشيد بفكرة نفق روسيا ألاسكا: مشروع مربح للبلدين    التسجيل «أون لاين».. مجلس الدولة يفتح باب التقديم لوظيفة مندوب مساعد    زخم كروي عالمي في مباريات اليوم السبت.. قمم أوروبية ومواجهات حاسمة محليًا    محمد عنتر يكشف سر رحيله عن الزمالك    الأرض تنحاز لأصحابها في المباريات الافتتاحية لأمم أفريقيا    مباحثات مصرية صينية لإنشاء مصنع متطور للمبيدات بتكنولوجيا عالمية    محافظ أسيوط يشهد توقيع بروتوكول تعاون مع بنك مصر لتسويق الأصول وتعظيم العائد الاستثماري    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    التضامن: تنفيذ رؤية شاملة لتنمية الطفولة المبكرة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    الرعاية الصحية تطلق مشروع تقييم استهلاك الطاقة بالمنشآت الطبية ضمن التحول الأخضر    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    محافظ المنيا يلتقي وزير الشباب والرياضة بديوان المحافظة    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بسبب مشاجرة داخل فندق بالقاهرة الجديدة    تعرف على أسعار الخضار والفاكهة اليوم السبت 20-12-2025 فى المنوفية    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد في حدائق الاهرام    إصابة شخص إثر انقلاب ربع نقل بقنا    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    أسعار مواد البناء في مصر اليوم السبت    موعد ومكان تشييع جنازة الفنانة سمية الألفي    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    ارتفاعات فى بعض الأصناف.... اسعار الخضروات اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر رجب| اليوم    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    تشكيل ليفربول المتوقع أمام توتنهام في البريميرليج    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    د. خالد سعيد يكتب: ماذا وراء تحمّل إسرائيل تكلفة إزالة أنقاض غزة؟!    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    بالدرون واللب الأبيض.. أغرب طرق تهريب المخدرات عبر الموانئ والمطارات    ستار بوست| أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا.. وحالة نجلاء بدر بعد التسمم    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربة شخصية مع ترامب صغير - وائل قنديل

كان ذلك في منتصف إبريل/ نيسان من العام الماضي، حين دعيت من جامعة نيويورك للحديث، في محاضرة مغلقة، عن السنة التي تولى فيها الرئيس محمد مرسي حكم مصر.
سريعاً جداً، حصلت على تأشيرة دخول الولايات المتحدة الأميركية، مدة خمس سنوات، وسافرت من الدوحة إلى برشلونة، ترانزيت ساعتين، ومنها إلى نيويورك، في رحلة استغرقت نحو 16 ساعة طيران. قدمت جواز السفر للموظف المختص في مطار جي إف كيندي.
سألني عن سبب الزيارة، فأجبت: دعوة من جامعة نيويورك للحديث في الحالة السياسية المصرية. وسريعاً وضع ختم الدخول على الباسبور، ثم قال بأدب: سنأخذ من وقتك دقائق للمرور على مكتب الأمن، فابتسمت ومضيت معه.
في المكتب، كان ضابط يرتدي الزي الرسمي. أخرج ورقة وقلماً وطلب مني أن أكتب بريدي الإلكتروني وحساباتي على "فيسبوك" و"تويتر"، وكل ما استخدمه من وسائل التواصل الاجتماعي، ثم طلب مني تسليم جهازي الموبايل وآيباد، فسألت: هل هناك مشكلة أمنية أو سياسية في دخولي تستدعي ذلك كله؟ قال إن هذا إجراء اعتيادي.
ثم بدأ يوجه أسئلة تتعلق بتوجهاتي ومواقفي السياسية، بلهجة فيها كثير من الفطاظة، تصل إلى حد الوقاحة، امتدت معها الدقائق نحو تسع ساعات، كانت تحقيقاً سياسياً معي أصعب كثيراً من تحقيقات أمن الدولة في مصر، حيث كانت العدائية واضحةً في أسئلة المحقق، وطريقة استقباله الردود، وكأنه يردّد ما يسمعه في الإعلام الحكومي المصري، من عينة "إنت إخوان" والجريدة التي تكتب بها إخوان، ثم يضيف إلى سخافة المعاملة محاولة تسفيه موقفك السياسي، حين يسألك عن سبب الزيارة، فتقول للحديث عن السنة التي تولى فيها الدكتور محمد مرسي الرئاسة، معلنا بوضوح إنه ضد مرسي، ومع النظام الجديد في مصر.
كان الضابط كروجر، كما لمحت اسمه، يفتش في هاتفي الشخصي وجهاز آيباد، ويتصفّح بريدي وحساباتي على "السوشيال ميديا"، وكلما لمح صورة أو شارة رابعة العدوية، في بروفايل أحد الأصدقاء، يمعن في إظهار مزيدٍ من العدائية والوقاحة أحياناً، حتى إنني، في لحظةٍ، قلت له إنني لا أريد دخول أميركا، وأفضّل العودة إلى حيث أتيت، وإن كان هناك اتهامٌ ضدي فليواجهني به، ويتخذ إجراءاته الرسمية.
كان رد المحقق إنه لا يوجد اتهام، لكنه لن يدعني أدخل حتى تأتيه الردود من جهات عدة، على ما رفعه إليها من حصيلة التحقيق معي.
وهنا كانت قد مرّت نحو سبع ساعات في المطار، لم أتناول طعاماً، أو كوباً من المياه، فقلت له إنني منذ 15 ساعة لم أشرب أو آكل، فرد: أنا أيضاً لم أتناول غدائي، ثم أخرج طعامه من درج مكتبه، وأخذ يأكل، وحده، مبرّراً ذلك بأن يتناول طعاماً خاص بنظام غذائي قاسً، لا يصلح لي. وعلى مضضٍ سمح لي بالخروج للحصول على زجاجة مياه.
نسيت أن أقول إن المحقق أعطى لنفسه حق استقبال مكالمات المتصلين على هاتفي، إذ كان يحاول اقتناص معلومات من محادثة المتصلين بي.
وحين قلت له إن هذا اعتداء على حياتي الشخصية، لا أظن أن القانون الأميركي يسمح به، وأيضاً هذه يرهق فاتورة هاتفي باستقبال المكالمات الدولية، قال لي إنه يمكن أن يسمح لي باستخدام هاتفه المكتبي للاتصال بمن أريد داخل الولايات المتحدة.
بالفعل، اتصلت بالسيدة سارا لي ويتسون التي وجهت لي الدعوة، وأخبرتها بما جرى ويجري معي، فطلبت التحدث مع المحقق، وسألته عن سبب استيقافي، ومتى ينتهي، أجاب بأنه في انتظار مكالمةٍ أخيرة، من جهةٍ ما، يقرّر بعدها.
دخلنا في فترة صمت، قطعتها بسؤال المحقق: هل لديك ما يدينني، أو يجعل زيارتي خطراً على أميركا؟ أخبرني بأنه يشتغل على ملفي قبل أن أستقل الطائرة من الدوحة.
وعلمت، فيما بعد، أن البلاغ المقدّم لمنعي من دخول أميركا من النوع الثقيل، إذ لم تكن الحكومة المصرية وحدها مشاركة في البلاغ، وإنما جهات ولوبيات أخرى.
ما لفت نظري في شخصية المحقق، ذي الملامح المتوسطية، أنه كان يصرّ على إظهار موقفٍ سياسيٍّ من خلال الأسئلة، إذ كان يكرّر، طوال الوقت، مفردات "الإخوان - رابعة"، متحدثاً عن "رابعة" وكأنها منظمة سياسية، أو جماعة أو تنظيم.
وكان ردي أنها إشارة أو رمز يضعه كثيرون حول العالم، تعبيرا عن انحياز إنساني بالأساس، وليس انحيازا سياسيا لفصيل سياسي أو تيار أو حزب، غير أن الواضح أن الضابط كان معبأ بتصوراتٍ ومواقف مسبقة، لا يريد أن يحيد عنها.
أخيراً، قال لي المحقق إنه أنهى مهمته، وسنتوجه الآن لأخذ حقائبي، وأصرّ على مرافقتي إلى باب الخروج المطار، بعد تسع ساعات من الأسئلة والإجابات، في مكتب صغير، بمواجهة محقق كان الانطباع الأساسي عنه أنه مجرّد صدى لصوت دونالد ترامب، واليمين العنصري، في بدايات ظهوره في سباق الانتخابات الأميركية.
في كل المناسبات التي تحدثت فيها في أثناء هذه الزيارة، الأولى والأخيرة، للولايات المتحدة، عمّا جرى معي في المطار، ووجدت أميركيين، إنسانيين ورائعين، يعتذرون لي، ويظهرون كل الود والترحيب، كالذين تراهم ينتصرون للإنسانية وللحق في الحياة، في تظاهرات عارمة في المطارات والولايات الآن.
في طريق العودة، حظيت في المطار بحفاوة أقل من حفاوة المحقق "ترامب الصغير"، إذ تم تفتيش متعلقاتي الشخصية، على نحو مختلف عما تم مع مرافقي في الرحلة، وكانت النهاية الدرامية بعد العودة من الولايات المتحدة، حيث تلقيت رسالةً إلكترونية من القنصلية الأميركية في الدوحة، لإبلاغي بإلغاء تأشيرة دخولي التي تبلغ خمس سنوات.
لست حزينا على إلغاء التأشيرة، ولست متحمسا للتقدّم بطلب الحصول على واحدةٍ جديدة، كما أبلغت من القنصلية الأميركية فيما بعد. السؤال الآن: ما الفرق بين إدارة ترامب ونظام الحكم في كوريا الشمالية؟!
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.