استقرار أسعار النفط وخام برنت يسجل 85.20 دولار للبرميل    «المالية» تعلن تبكير صرف مرتبات يوليو وأغسطس وسبتمبر    نصر الله يتوعد إسرائيل بحرب بلا سقف ويهدد قبرص    غيابات جديدة فى مران منتخب فرنسا قبل قمة هولندا وظهور مبابى بدون قناع    مصدر مقرب من عواد ل في الجول: اللاعب متقبل قرارات الزمالك.. وأقواله في التحقيقات    تطورات أحوال الطقس في مصر.. أجواء شديدة الحرارة على القاهرة    كبسولة مسائل وقوانين الفيزياء.. خلاصة المادة لطلاب الثانوية العامة    حماس: جيش الاحتلال يحاول عزل قطاع غزة عن العالم ويواصل تنفيذ جرائم الإبادة    حماس: سنعمل على تحرير كامل أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس    طريقة عمل الريش المشوية، أكلة العيد المميزة    حماس: 40 طفلًا قتلهم الجوع بغزة والمجاعة تتفاقم نتيجة حرب الإبادة الجماعية    رؤساء لجان فى مجلس النواب ل«الشروق»: الحكومة الجديدة تواجه تحديات «جسامًا» تتطلب تغييرات جوهرية بأدائها    لا تفوت فرصة التقاط صورة مع كريستيانو رونالدو!    ميلان يرفض عرض الهلال السعودي لضم لياو    غيابات الأهلي صداع في رأس كولر أمام الزمالك    تفاصيل استراتيجية جديدة لقطاع الصناعية المصرية حتى عام 2027    تداول 74 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    اللحمة ب 250 جنيهًا عند الجزارة «أم سعيد»    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج حاسبات وعلوم البيانات جامعة الإسكندرية    الملحن محمد يحيى يشارك لأول مرة كموزع في أغنية تتحبي لعمرو دياب    فعاليات وزارة الثقافة كاملة العدد خلال عيد الأضحى المبارك    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    اليوم العالمي ل الأنيميا المنجلية.. 4 أعراض تكشف الإصابة بالمرض    خسائر ب 660 مليون يوان جراء الفيضانات في مقاطعة جيانجشي الصينية    أكلته الكلاب.. تفاصيل العثور على بقايا جثة عامل داخل بركة مياه بمدينة بدر    طريقة عمل كفتة الحاتي، مناسبة للأصدقاء في زيارات العيد    حسن الخاتمة.. وفاة صيدلي من الشرقية أثناء أداء مناسك الحج    الحوثيون: 3 غارات أمريكية بريطانية على الحديدة غرب اليمن    وزيرة الهجرة: نتابع موقف الحجاج المصريين والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن المفقودين وعودة الجثامين    النيابة تندب لجنة من حى بولاق أبو العلا لمعاينة العقار المنهار    عيد الأضحى 2024.. "اليخت والبانانا والبارشوت" أبرز الألعاب المائية بشواطئ مطروح    مراكز شباب الغربية تستقبل المواطنين في مبادرة العيد أحلى    بعد إصابة زملائهم .. 3 لاعبين استغلوا الفرصة وتألقوا في الدوري وخطفوا الأضواء    سرقة درع الدوري الإنجليزي.. تعرف على التفاصيل    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    منسق قوات الطوارئ الدولية اللبناني: أمريكا زودت إسرائيل ب«إف-15»    الرئيس الإيطالي: على الاتحاد الأوروبي أن يزود نفسه بدفاع مشترك لمواجهة روسيا    "الصحة": تنفيذ 129 برنامجا تدريبيا ل10 آلاف من العاملين بالوزارة والهيئات التابعة    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    يسرا تعود للمسرح بعد غياب 22 سنة    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما فعله الروس وما لم يفعله المصريون - تميم البرغوثي

استطاع الروس أن يمدوا نفوذهم في سوريا، لا لأنهم قصفوا المدن وقتلوا المدنيين، فالأمريكيون يفعلون ذلك منذ سنوات في سوريا والعراق، وحروب العصابات لا تحسم من الجو في العادة، إنما غلب الروس على البلاد لأنهم وحدهم من قرر من أن يتفق مع كل من الأتراك والإيرانيين.
ورغم كونهما الطرفين الإقليميين الكبيرين الأشد انخراطاً في الحرب الأهلية السورية فإن التوفيق بين تركيا وإيران كان ممكنا طوال الوقت، لأن الحدود الدنيا من مصالحهما لا تتناقض. فالأولى همها الأكراد واللاجئون، والثانية همها خطوط الإمداد بينها وبين جنوب لبنان ومنع تمدد الحرب إلى جبهات أقرب لحدودها في العراق.
وقد أدرك الروس ذلك ووجدوا طريقا لكل من الأتراك والإيرانيين. فأما الأتراك فهم يكتفون بضمانة ألا تقام دولة كردية في سوريا والعراق، وهم يريدون أن يبدوا للأمريكيين أنهم ليسوا بلا بدائل. فإن كان الأمريكيون تصرفوا بأنانية مهملين المصالح القومية التركية حين اقتربوا من الأكراد أكثر مما ينبغي، فإن الأتراك يستطيعون أيضاً أن يهملوا المصالح الأمريكية إلى حد ما ويتقاربوا مع روسيا أكثر من المتوقع. وللحكومة التركية الحالية أيضاً شكوكها بشأن ضلوع الأمريكيين في محاولة الانقلاب الأخيرة ضدها. أما إيران فإنها تتفق مع تركيا في رفض قيام كيان كردي، أما رغبتها في أن تبقى خطوط الإمداد بينها وبين جنوب لبنان سالكة فإنها لا تمس المصالح التركية بأي ضرر.
وعليه فقد أستطاع الروس أن يصلوا إلى صفقة، وإن تكن مؤقتة وهشة، تبقى بمقتضاها خطوط الإمداد إلى لبنان لإيران، والمسألة الكردية تبقى لتركيا، وسائر الشام يترك لموسكو.
وقد كنا في 2012 نطالب الحكومة المصرية، برئاسة محمد مرسي آنذاك، بالاتفاق مع كل من إيران وتركيا لتسوية الحرب السورية، ولقطع الطريق على التدخل الأجنبي، لأن الحروب الأهلية لا تنتهي عادة إلا بتوافق إقليمي، أو تدخل خارجي أو بالاثنين معاً، ولأن مصر كانت مؤهلة نظرياً، بعد الثورة وقبل الانقلاب، لتكون قوة وسطاً بين إيران وتركيا، ولتكون وسيطاً مأموناً لكل أطراف الحرب في سوريا.
وقد كان الاقتراح المطروح يتلخص في أن تقوم القاهرة بالدعوة إلى عقد مؤتمر قمة إقليمي، يدعى إليه الأتراك والإيرانيون لتنسيق المواقف بشأن الحرب الأهلية السورية. ثم يصار في هذا المؤتمر إلى اقتراح إرسال قوة حفظ سلام إقليمية مشتركة. تشارك فيها عناصر من كل من مصر وإيران وتركيا، أو عناصر تسيطر هذه الدول عليها، ويتولى فيها المصريون ومن يليهم السيطرة على مناطق المعارضة، والإيرانيون السيطرة على مناطق الموالاة، فتكون عناصر القوتين دائماً في محيط مرحب بها طائفياً وسياسياً، ثم تقوم هذه القوة بفرض وقف شامل لإطلاق النار في سوريا، ثم تجرى انتخابات رئاسية متعددة مراقبة دولياً في البلاد بعد الإفراج عن المعتقلين وتبادل الأسرى من جميع الأطراف. وأيا كانت نتيجة الانتخابات فإن هذه القوات كانت ستمنع البطش الحكومي أو الانتقام الطائفي فتحمي دماء الناس وتعيد المهجرين إلى ديارهم وتحافظ على وحدة البلاد وعلى شبكة تحالفات إقليمية لا تكون إسرائيل أو أي من حلفائها طرفاً فيها. وقد كان هذا قبل التدخل العسكري المباشر لقوات إيرانية وقوات تركية على الأرض، وقبل قدوم ميليشيات من العراق، وقبل التدخل اللبناني المباشر في سوريا، وقبل تنظيم الدولة، وبالطبع قبل انقلاب عبد الفتاح السيسي.
فلما وقع انقلاب عبد الفتاح السيسي، لم تعد مصر تنفع كوسيط، فهي وإن أصبحت صديقة لدمشق الضعيفة، فقد أصبحت عدوة لكل من طهران وأنقرة القويتين. وبسبب العداوة المرة بين حكومة القاهرة والإسلاميين عموماً، أصبح أي دور لها في سوريا غير مؤد للتهدئة وإحلال السلام، بل بات مؤجِّجاً للصراع ومضيفاً للثارات الشامية ثارات مصرية أيضًا.
وبخروج مصر، لزم أن يكون هناك جهد إيراني تركي مشترك بلا وسيط، أو بوسيط غير مصر، وقد قدم الروس أنفسهم بصفتهم ذلك الوسيط. فسمحوا للأتراك بالتدخل البري ضد الأكراد، وأرسلوا هم قوات شرطة عسكرية من الشيشان للسيطرة على شرق حلب، وأبقوا الميليشيات العراقية والجيش النظامي السوري في غربها، واضعين في الاعتبار التوتر الطائفي الذي تغرق فيه البلاد. وجدير بالالتفات أن المبدأ الحاكم لهذه الفكرة، مطابق لمبدأ نشر قوات مصرية في مناطق المعارضة، وقوات إيرانية في مناطق الموالاة.
إلا أن الروس فعلوا هذا بعد أن قتلوا من المدنيين السوريين من قتلوا ودمروا من المدن ما دمروا وخلقوا بينهم وبين قسم معتبر من الشعب السوري من الثارات ما خلقوا، وانضمت روسيا إلى قائمة الدول الأوروبية التي لها سوابق امبريالية في بلادنا. ثم إن التدخل الروسي لن يكون لصالح أي من اللاعبين في الإقليم باستثناء إسرائيل. فتركيا لن تحقق مكاسب كبرى في سوريا، وقصاراها اتقاء شر النزعة الانفصالية الكردية ما استطاعت. وإيران تخسر نفوذها في سوريا يوميا لصالح الروس، والأخبار الواردة من دمشق تبين أن النظام هناك يفضل التبعية لروسيا على إيران. فقيادة الجيش السوري تراقب بعين قلقة ازدياد نفوذ الميليشيات العقائدية غير النظامية والتي تتبع طهران أكثر من دمشق. ودمشق تعتقد أن الحسم العسكري حققه سلاح الطيران الروسي لا القوة البرية الإيرانية. ولأن الروس على علاقة جيدة بإسرائيل، فدمشق روسية أقل عرضة للتورط في حرب مع إسرائيل مما لو كانت دمشق إيرانية.
لذلك فغياب مصر، والتدخل الروسي، أدى لأمرين كلاهما كارثي. الأول موت أعداد ضخمة من المدنيين كان من الممكن حمايتهم لو أن حكومة ثورية مصرية هي التي طرحت نفسها كوسيط بين تركيا وإيران، والثاني هو أن نصيب روسيا في سوريا الجديدة سيكون أكبر من نصيب العرب والأتراك والإيرانيين معاً، وسيكون نصيب إسرائيل متضمناً في نصيب روسيا ومضمونا به.
وهي لحظة أخرى للتحسر على ما كان يمكن أن يحصل لو أن الثورة في مصر نجحت، ولم يطح بها تحالف الإسلاميين والعلمانيين، كل في وقته، مع المؤسسة العسكرية وبقايا نظام مبارك.
يمكنك قراءة المدونة عبر الموقع الأصلي هنا
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.