حقيقة انهيار 7 آلاف مبنى في الإسكندرية بسبب ارتفاع منسوب البحر وتآكل التربة    سي إن إن: مسؤولون سوريون وإسرائيليون عقدوا محادثات مباشرة    إنبي وطلائع الجيش يتعادلان 1/1 في الدوري الممتاز    مواعيد المقابلات الشخصية لراغبي القيد بالجدول العام للمحامين الأسبوع المقبل    تعليق ناري من صفية العمري على أزمة أولاد محمود عبد العزيز وبوسي شلبي (فيديو)    "مذهلة"..نسرين طافش تنشر مقطع فيديو يبرز جمالها والجمهور يعلق    غدًا.. عرض الفيلم الوثائقي "الزعيم"    الأمم المتحدة: لدينا شواهد كبيرة على حجم المعاناة والمجاعة في غزة    أحمد نبوي: الدين الإسلامي ومعياره الأصيل يتمثل في الوسطية والاعتدال والتوازن    يوم فى جامعة النيل    تشكيل قمة تشيلسي ضد مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي    بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف التسلح وتعزيز الحوار والدبلوماسية بدلا من الصراعات    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    إعلام عبرى: الوفد الإسرائيلي المفاوض سيبقى في الدوحة حتى مساء السبت    بسنت شوقي: اتخضيت من نجاح مسلسل "وتقابل حبيب"    نقابة الأطباء البيطريين تحتفل باليوم العالمى للطبيب البيطرى غدا برعاية وزارتى الصحة والزراعة    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    السعرات الحرارية..‬ بعد الملح والسكر والدهون    «شغل» أمريكانى    كيف نظم القانون حق الموظفين في إجازة الحج؟    الأهلي يفوز على أبيدجان الإيفواري بكأس الكؤوس الإفريقية لليد    قداسة البابا تواضروس يستقبل الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم بوادي النطرون (صور)    أحمد مكي يعلن وفاة نجل شقيقته ويطالب جمهوره بالدعاء له    بالمستند.. التعليم تعدل جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 لهذه المدارس    الجزائر تبحث مع إيطاليا مشروع الربط الكهربائي المباشر    إذاعة الاحتلال: الجيش يقول إنه سمح بإدخال الوقود لمستشفيات أجنبية بغزة    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 الترم الثاني    السديس يدشن النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    أسامة غريب يكتب: قسيس القرية    "المستلزمات الطبية" تناقش مشكلات القطاع مع هيئتي الشراء الموحد والدواء المصرية الاثنين المقبل    الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة "الفردوس" للأطفال    اغتنم الفرصة الذهبية.. أدعية مستجابة في ساعة الاستجابة... لا تفوّت الدعاء الآن    قبل تقديم النسخة المحلية.. كم يبلغ سعر النسخة المستوردة من جيتور X70 Plus بسوق المستعمل    مصر تتوج بلقب البطولة الأفريقية للمضمار بحصدها 51 ميدالية    إحالة محامى.. المعروف إعلاميا ب"سفاح المعمورة"، إلى محكمة الجنايات.    انطلاق منافسات بطولة تصفيات مصر الدولية لكرة السلة 3x3 للناشئين    تيك توك تطلق خاصية التأمل الليلي لحماية المراهقين من الإدمان الرقمي    حبس بائع تحرش بطالبة أجنبية بالدرب الأحمر    ميناء دمياط يستقبل 12 سفينة خلال 24 ساعة.. وتداول أكثر من 93 ألف طن بضائع    حماس: الاحتلال يستخدم سياسة الأرض المحروقة في غزة    الصوامع والشون تستلم 270 ألفا و255 طنا من القمح داخل وخارج أسوان    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    وزير الكهرباء يتابع مستجدات تنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة    الزمالك يبدأ الخطوات الرسمية لرفع إيقاف القيد بالتواصل مع "فيفا".    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    منازل الإسرائيليين تحترق.. النيران تمتد للمبانى فى وادى القدس    وفاة طفل وإصابة اثنين آخرين نتيجة انهيار جزئي لعقار في المنيا    كاف يكشف عن تصميم جديد لكأس لدوري أبطال إفريقيا    أسعار الأسماك في بورسعيد اليوم الجمعة 16 مايو 2025    الإسكان: قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بالساحل الشمالي وملوي الجديدة    حبس متهم بالتعدى على طفلة فى مدينة نصر    حال الاستئناف، 3 سيناريوهات تنتظر نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    الصحة: خبير من جامعة جنيف يُحاضر أطباء العيون برمد أسيوط    طريقة عمل السمك السنجاري فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهز    لاعب المغرب: نسعى لكتابة التاريخ والتتويج بأمم إفريقيا للشباب    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    خسارة مصر وتتويج برشلونة باللقب.. نتائج مباريات أمس الخميس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية 317: قتلوها بالمُرشد.. ودفنوها ب"الجزيرة
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 08 - 08 - 2015

(مصر.. مش هتقدر تغمض عينيك) "إفّيه" منحوت من إعلان تلفزيوني لقناة "روتانا سينما"، تندّرنا به كثيرًا على مدى أربعة أعوام شهدت مصر خلالها ما لا يُعد ولا يحصى من أحداث مثيرة وباعثة للدهشة إلى حد أن العرب -بل والعالم- في كل مكان لم يكن قادرًا على تجاهلها، واحتل الحدث المصريّ عناوين الأخبار والمقالات في أعرق المؤسسات الإعلامية العالمية -وبطبيعة الحال- على صفحات فيسبوك وأروقة تويتر وفي ثرثرات المجالس، لم يقتصر هذا الأمر على الأخبار المصرية المتعلقة بتحوّلات مفصليّة أو قضايا خطيرة، فقد كانت "مصر" حاضرةً أيضًا بكل سرياليتها وبمُضحكاتها وبضَحِكها الذي هوَ كالبُكا!
لم يكن العالم قادرًا على إغماض عينيه ولم يرغب في ذلك أصلًا، وهل لصُحفيٌ عاقل أن يضيّع كل هذا الزخم من المادة الخبرية المثيرة والجدليات المطروحة سواء أكان ذلك لأهميتها أو حتى لمجرد كونها مغناطيسًا لل"Traffic"؟!
قبل نحو عامين من الآن حُضِّرت مؤامرة صغيرة في مطبخ دوائر القضاء المصري الخاصة والتي كوّنها السيسي لمحاكمة معارضيه، ولأننا -ما شاء الله- لمّاحون وننكر "نظرية المؤامرة" بشكلٍ قاطعٍ شامل كما ننكر الغول والعنقاء فقد كُنّا أول الآكلين، وكان معظم المدافعين عن حقوق الصحفيين حول العالم "الطنجرة" التي تم طهي تلك المؤامرة فيها (ولنقل بحسنِ ظنٍ أن ذلك تم بلا وعي من معظمهم)!، انتصاراتٌ وهميّة لحرية الصحافة والصحفيين تم الإعداد لها بمهارة لتخطف الأبصار عن قضايا مشابهة تُدفن في الحديقة الخلفية، أما نحن فنهلل لتلك الانتصارات، وأما نقابة الصحفيين -بنقيبيها السابق والحالي- فتشارك في مراسم الدفن السرّي لتلك القضايا مع حشدٍ من الحقوقيين والصحفيين!
في الوقت الذي تلتفت فيه أنظار الجميع إلى قضية صحفيي الجزيرة، كان ثمة 14 صحفيًا تم القبض عليهم من أماكن مختلفة، قضوا في السجن بضعة أشهر دون أية اتهامات، ثم تم تجميعهم كمتهمين على ذمة قضية واحدة رقمها 317 وتٌسمّى "قضية الإعلاميين" (حيث جرت العادة في مصر أن يكون لكل قضية رقم واسم)، وُجِّه للمتهمين عددًا من التهم المتعلّقة بممارساتهم الإعلامية، مضى بعض الوقت حتى تم إبلاغ بعض الصحفيين بإحالة قضيتهم إلى المحكمة، ثم أُبلغوا في اليوم التالي بعدم وجود إحالة، ليفاجؤوا بعد بضعة أسابيع بتغيير اسم قضيتهم إلى "غرفة عمليات رابعة" وبإضافة كم مهول من الاتهامات لهم في ظل الاسم الجديد للقضية، تراوحت بين اتهاماتٍ بالعنف والتخطيط للانقلاب وحرق كنائس وترويع مواطنين والتخطيط لاختطاف "عدلي منصور" (نعم كما قرأتها!)، وأخيرًا ولتوجيه الضربة القاتلة -حقوقيا وإعلاميًا- لهذه القضية فقد تم "حشر" مرشد جماعة الإخوان ومجموعة من قيادات الجماعة كمتهمين في ذات القضية!
لا يخجل نظام الانقلاب في مصر من اعتقال الصحفيين، لكنه وبعد الضجة التي أثيرت حين اعتقل صحفيي شبكة الجزيرة على ذمة "قضية الماريوت" قرّر ألا يّوجع رأسه بمزيد من الحديث عن حرية الصحافة، خاصة وأنه كان يُبيّت النية للتنكيل بهؤلاء الصحفيين ال14 ممن يعملون في مؤسسات مناوئة للانقلاب، حوّلَ قضيتهم من قضيةٍ قابلةٍ للتعاطي الإعلامي والحقوقي إلى قضية "إرهاب" وسياسة استغل فيها اسم المرشد لصرف هذا التعاطي عنها إلا بالحديث عن آخر تطورات محاكمة المرشد "وقيادات" ليصيبها في مقتل، وللأسف فحتى العارفين بهذا الأمر قرروا التغافل والتعاطي مع القضية كما شاء النظام الفاشي وقضائه الشامخ؛ اكتفت الجزيرة بالمطالبة بحرية صحفييها المعتقلين، ونقلت أخبار القضية كما نقلها الإعلام المصري باعتبارها قضية المرشد وقيادات الجماعة فقط، وكذلك فعل الجمهور -سواء من المهتمين بالحريات أو من معارضي الانقلاب-، قمتُ مع بعض المهتمين بمراسلة المنظمات المدافعة عن حرية الإعلام من أجل الالتفات إلى القضية كقضية إعلاميين ولكن تم تسويف متابعتها حينًا وتجاهلها أحيانًا، وذلك في ذات الوقت الذي كانت فيه هذه المنظمات تصدرُ البيان تلوَ البيان مطالِبةً باللإفراج عن صحفيي الجزيرة (وهنا أتساءل: هل أنتم كحقوقيين معنيّون بحرية الصحفي -أيًا كان- كمبدأ؟ أم أن العامل الحاسم في الأمر هو شهرته وجنسيته أو انتمائه الفكري؟! أم أن كل ما في الأمر هو أن المؤامرة للتغطية على القضية كقضية لصحفيين قد نجحت بالفعل؟!).
بعد ذلك ببضعة أشهر أُفرِجَ عن صحفيي الجزيرة في انتصارٍ ما -قد يكون انتصارًا لأي شيء سوى حرية الصحافة- وأقيمت الأفراح والليالي الملاح على التلفاز وشبكة الإنترنت ومنابر الحقوق والحريات، حتى نحن فقد طبّل وهلّل معظمنا على اعتبار النصر المزعوم لحرية الكلمة والصحافة، أعجبتهم نشوة الانتصار، وحينها يبدو أن بعض "الحقوقيين" قد قرّروا أن ضميرهم بحاجة لشيءٍ من نوم وقد يصحو لاحقًا لأجل صحفي يعجبهم!، أغمضوا الأعين عمدًا عن قضية ال14 صحفي إلا من تصريحات خجولة للغاية بين الحين والآخر، ولم يكن الإعلام في مصر أو الإعلام العالمي أو حتى إعلام المعارضة بأفضل حالًا، وساروا جميعهم في موكب الجنازة لدفن "قضية الإعلاميين" بعد أن قتلها التسييس.
في شهر أبريل الماضي حكم المستشار محمد ناجي شحاتة على صحفيي القضية 317 ال14 بأحكامٍ غير مسبوقة في مصر على العاملين في هذا المجال: إعدام و13 مؤبد، بلا دليل واحد على الاتهامات التي وُجهت لهم، وبتنكيلٍ جليٍّ مقصود وكَمٍّ كبير من المخالفات الإجرائية، كانت تلك الأحكام مفاجئةً حدَّ أنها حَدَت ببعض من تحدثنا عنهم إلى الاستيقاظ، وقرروا أخيرا -بعد عامين- أن يصدروا بيانًا حقوقيًا أو خبرًا إعلاميًا حول هذه الأحكام الصادمة، لكنهم استطاعوا أخيرًا العودة إلى قيلولتهم وإغماض أعينهم حتى إشعارٍ آخر، منظمات عالمية هامة أصدرت هذه البيانات، ورغم أن هذا لم يكن إجراءًا كافيًا ولا مماثلًا لما قاموا به لأجل دعم قضية صحفيي الجزيرة أو الصحفيين الأجانب أو بعض المماثلين لهم فكريًا والذين كانت قضاياهم أقل خطورة، إلا أن هذه البيانات باتت الآن حُجّة على كل من يدعي جهله بالقضية وخطورتها وبذلك الخنجر المغروس في صدر حرية الصحافة -والذي إن لم نسحبه الآن فلن يكون الأخير-، هذه البيانات حُجّة الآن على نقيب الصحفيين "يحيى قلّاش" والذي لديه علم تام بكل تفاصيل القضية وقد حاول أهالي الصحفيين التواصل معه مرارًا كثيرة ولم يجدوا منه تلبية للواجب -حتى الآن- بأي تحرك حقيقي يستحق الذكر سوى وعودٍ مُحلّقة في الهواء!
يقبع الآن عشرات الصحفيين في سجون مصر لأجل قيامهم بمهنتهم، مؤخرًا اعتُقِلَ بضعة صحفيين من موقع انفجار القنصلية الإيطالية ومن مشرحة زينهم، وسيستمر اعتقال الصحفيين والتنكيل بهم وبمهنة الصحافة الراقية طالما استمر الجميع ببذل الجهود والمطالبة بحرية الصحفي الأجنبي وصحفي الشبكة الإعلامية الكبرى (فقط)، لأن إطلاق سراح ذلك الصحفي وانتصاره بعد ذلك هو في حقيقة الأمر انتصارٌ لوثيقة يحملها في يده أو لمؤسسة ينتمي إليها، وبالتأكيد ليس انتصارًا لحرية الصحافة التي أُكِلَت يومَ أُكِل الثور الأبيض أول مرة ودفنّا بقاياه يدًا بيد.
لازالت هناك فرصة أخيرة للعمل الحقوقي المبدئي وغير المنحاز، القضية 317 الآن في انتظار النقض والذي قد يطول لسنتين أخريتين إن لم يظهر عاجلًا تحركٌ حقوقي وإعلامي ونقابي حقيقي للدفع في اتجاه الإفراج عن هؤلاء الصحفيين في أسرع وقت والانتصار لعدالة قضيتهم، حرية الصحافة.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.