بعد مفاوضات شاقة استمرت قرابة ال12 عاما، خرجت للنور خطة العمل المشتركة الشاملة بين إيران ومجموعة 5+1، والتي بموجبها تلتزم طهران بوضع قيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات عنها، أيضًا سيسمح لمفتشي الوكالة الذرية بزيارة ومراقبة منشأت إيران النووية، كما أنه اتفاق شامل وطويل الاجل مع ايران يمنعها من الحصول على سلاح نووي. وأوضح الرئيس الأميركي باراك أوباما في بيان له أمس الثلاثاء، أن الدبلوماسية الأميركية يمكنها أن تحقق تغييرا حقيقيا وله معنى، تغيير يحقق الامن لبلدنا وللعالم. وأشار إلى أن هذا الاتفاق يتوافق أيضًا مع تقاليد القيادة الاميركية، قائلا:" لقد مر اكثر من 50 عاما منذ ان وقف الرئيس كينيدي امام الشعب الاميركي. وقال: "دعونا لا نتفاوض أبدا من موقف خوف، ولكن دعونا أيضا لا نخاف من أن نتفاوض"، حينذاك كان يتحدث عن الحاجة إلى مناقشات بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي، والذي أدى إلى جهود للحد من انتشار الاسلحة النووية. وتابع: "في تلك الايام، كان الخطر هو حرب نووية مدمرة بين قوتين عظميين، وفي وقتنا هذا فإن الخطر هو ان الاسلحة النووية سوف تنتشر الى العديد من الدول، خصوصا في الشرق الاوسط وهي واحدة من اكثر المناطق اضطرابا في العالم". ومضى في بيانه قائلا:" اليوم، لان الاميركيين تفاوضوا من موقع قوة ومبدأ، استطعنا وقف انتشار الاسلحة النووية في هذه المنطقة. وبفضل هذا الاتفاق سوف يستطيع المجتمع الدولي أن يتحقق من أن جمهورية إيران الإسلامية لن تطور سلاحا نوويا، كما أن هذا الاتفاق يحقق كل نقطة مطلوبة من اتفاق الاطار الذي توصلنا اليه في الربيع الماضي. وكل طريق يؤدي الى تطوير سلاح نووي تم قطعه. كما ان نظام التفتيش والشفافية المطلوبين تم وضعهما للتحقق من ان الاهداف جرت تلبيتها. وبفضل هذا الاتفاق لن تنتج ايران اليورانيوم عالي التخصيب والبلوتونيوم الذي يمكن استخدامه كمادة خام لتصنيع قنبلة نووية". وأكمل:"وبفضل هذا الاتفاق سوف تتخلص إيران من ثلثي ما تملكه من أدوات الطرد المركزي التي تم تركيبها وهي الآلات الضرورية لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة، وتخزن ايران هذه الأدوات تحت رقابة دولية" مشددًا:"ولن تستخدم ايران ادوات الطرد المركزي المتقدمة من اجل انتاج اليورانيوم المخصب خلال العقد المقبل. وسوف تتخلص ايران ايضا من 98 في المائة من مخزون اليورانيوم المخصب لديها". ولفت إلى أن هذا الانجاز في إطاره الصحيح، تملك ايران حاليا مخزونا يمكنه انتاج عشرة اسلحة نووية. وبفضل هذا الاتفاق سوف يتم خفض هذا المخزون الى حد هامشي لا يكفي لصنع سلاح نووي واحد. وسوف يستمر هذا الحد على المخزون لفترة 15 عاما. وألمح إلى أنه من خلال هذا الاتفاق، سوف تغير إيران من جوهر مفاعلها في آراك حتى لا ينتج يورانيوم عالي التخصيب، وقد وافقت على شحن الوقود المستهلك الى خارج البلاد خلال فترة تشغيل المفاعل. والى فترة 15 عاما على الاقل، لن تبني ايران اي مفاعلات مياه ثقيلة". وبفضل هذا الاتفاق، سوف نكون للمرة الاولى في وضع يمكننا معه التحقق من هذه الالتزامات، وهذا يعني ان الاتفاق ليس مبنيا على الثقة وانما على قاعدة التفتيش، وسوف يكون للمفتشين حق دخول منشآت ايران النووية على مدار الساعة. وعن حال إذا لم يتم توقيع الإتفاق، قال "أوباما":"وببساطة، فإن عدم الاتفاق يعني فرصة اكبر لحروب اكثر في الشرق الاوسط. بالاضافة الى ذلك، فإننا لن نتخلى عن شيء باختبار ما اذا كانت هذه المشكلة يمكن حلها سلميا. وفي اسوء الاحتمالات، اذا خالفت ايران الاتفاق، فإن الخيارات نفسها المتاحة امامي اليوم سوف تكون متاحة لاي رئيس مستقبلي للولايات المتحدة. ولا شك لدي انه خلال 10 الى 15 عاما من الان، سوف يكون الشخص في هذا المكتب في موقع اقوى بكثير ازاء ايران المبتعدة اكثر عن السلاح ونظام التفتيش والشفافية الذي يسمح لنا بمراقبة البرنامج الايراني". وذكر أوباما:" ومرارا، أوضحت للشعب الايراني أننا سوف نكون منفتحين دوما للتواصل على اساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. وخلافاتنا حقيقية والتاريخ الصعب بيننا لا يمكن اغفاله. ولكن التغيير ممكن. وطريق العنف والايديولوجية الصلبة، والسياسة الخارجية التي تعتمد على تهديدات مهاجمة الجيران او ابادة اسرائيل لن تؤدي الا الى طريق مسدود. والطريق المختلف، للتسامح والحلول السلمية للخلافات يؤدي الى تكامل اكثر مع الاقتصاد الدولي وتواصل اكثر مع المجتمع الدولي، وقدرة اعلى للشعب الايراني لكي ينتعش اقتصاديا ويعيش في رفاهية". وشدد أوباما على أن هذا الاتفاق هو فرصة للتحرك في هذا الاتجاه، قائلا:" وعلينا ان ننتهزها، لقد قطعنا شوطا طويلا لكي نصل الى هذه النقطة – عقود من برنامج نووي ايراني، وسنوات طويلة من العقوبات وشهور متعددة من المفاوضات المكثفة. واليوم، اريد ان اشكر اعضاء الكونغرس من الحزبين الذي ساهموا في فرض العقوبات التي اتضحت فاعليتها، كما اشكر الدول الاخرى التي شاركتنا في هذا الجهد". ووجه أوباما الشكر للمفاوضين من المملكة المتحدة، وفرنسا والمانيا وروسيا والصين، بالاضافة الى الاتحاد الاوروبي لوحدتهم من أجل هذا الهدف الذي أظهر أن العالم يمكنه أن يحقق أشياء عظيمة عندما نتشارك في رؤية حل النزاعات سلميا. لقد اظهرنا ما يمكننا تحقيقه عندما لا ينفرط عقدنا، على حد قوله.